هذه سيناريوهات إنقاذ الاقتصاد المغربي بعد إنهاء الحجر الصحي
مع تيلي ماروك
يعد المغرب من بين البلدان القليلة في العالم التي أقرت حجرا صحيا كليا. لكن هذه الوضعية لا يمكن أن تدوم طويلا. دوليا، القيود الاقتصادية هي التي فرضت إزالة الحجر الصحي من أجل إعادة تدوير عجلة الاقتصاد، الأمر الذي سيعمل به المغرب لأن الوضعية ليست مستدامة لا بالنسبة للشركات ولا للأسر، وحتى بالنسبة للمالية العامة.
هل إنهاء الحجر سينقذ النسيج الوطني؟
استطاع المغرب حتى الآن احتواء الوباء من الناحية الصحية. الحجر الصحي الذي تقرر في وقت مبكر جدًا، جعل من الممكن تسوية منحنى انتشار الوباء.
ووفقا لرئيس الحكومة في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، فإن الإجراءات المتخذة حمتنا من 200 حالة وفاة في اليوم، الشيء الذي يعتبر انتصارا كبيرا. وتشير تصريحات وزير الداخلية لفتيت في البرلمان، وهو أحد الأشخاص الأكثر اطلاعا على الوضع، إلى أن نهاية الحجر الصحي قريبة. وقال خلال مثوله أمام مجلس النواب يوم الأربعاء المنصرم، إنه «سيتعين علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع الفيروس»، كما لو أنه يشير إلى الاستعداد لسيناريو الخروج من الحجر الصحي.
وكما هو الحال في كل دول العالم، لن تتم عملية الخروج من الحجر الصحي بطريقة كلية في البلاد بأكملها. وخلف عملية إنهاء الحجر الصحي، يطرح سؤال كبير حول خطة الانتعاش الاقتصادي، الذي عانى، بالإضافة إلى الجفاف، من صدمة مزدوجة للعرض والطلب بسبب وقف الإنتاج وأنشطة القطاع غير المهيكل، ومن ناحية أخرى، الحجر الصحي للسكان، مما يقلل من الدخل والاستهلاك.
تنطوي التقارير والتقديرات الصادرة منذ أسبوعين من الاتحاد العام لمقاولات المغرب أو من قبل مؤسسات وطنية حول خسائر الاقتصاد الوطني، على التبرير ذاته؛ رفع الحجر لأجل إنقاذ الاقتصاد والمقاولة. في المقابل، تبرز مقاربة أخرى تفرض نفسها بقوة، أيضا، في ما يخص التصورات الرائجة حول كيفية الخروج من الحجر الصحي، ويعد المهنيون في قطاع الصحة، من وزارات ومنظمات وأطباء وفاعلين مدنيين في مختلف أنحاء، أبرز من يدافع عنها، وممن يحذرون أن يؤدي التخفيف من إجراءات الحجر إلى موجة ثانية للوباء تقضي على الجهود التي بذلت خلال فترة الحجر الصحي، ويرون أن رفع الحجر غير ممكن إلا إذا نزل معدل التكاثر (R0) عن 1 في المائة لمدة أسبوعين على التوالي، فضلا عن الاستمرار في فرض إجراءات أخرى مثل الكمامة والتباعد الاجتماعي، علاوة على الرفع من الفحوصات الطبية لكل المخالطين أو المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا. فما هي السيناريوهات المتاحة للمغرب من أجل الخروج من الحجر الصحي وإنقاذ الاقتصاد الوطني؟
«سيناريوهات» غير واضحة من الحكومة
كان رئيس الحكومة قد فاجأ المغاربة عندما قال: «ليس لدي تصور معين. هناك سيناريوهات وإمكانيات، واجتماعات مكثفة لنرى أحسن طريقة لتدبير المرحلة المقبلة، وسنعلن الإجراءات التي سيتم اتخاذها خلال الأيام المقبلة»، مضيفا: «يجب أن نعي أن الخروج من الحجر الصحي أصعب، وهذا يتطلب مزيدا من الصبر ومزيدا من الاحتياطات لنتفادى ما هو أسوأ».
وبخصوص التكلفة الاقتصادية للجائحة، قال رئيس الحكومة إنه «لا يمكن لأحد أن يقيّم التكلفة الاقتصادية لهذا الوباء»، وأشار إلى أن 62 في المائة من المقاولات صرحت بأنها متوقفة جزئياً أو كلياً، وأن الحكومة واعية بالصعوبات الاقتصادية. وزاد أن مهنيي كافة القطاعات شرعوا في التفكير في كيفية تحقيق الإقلاع الاقتصادي لقطاعاتهم؛ حيث سيتم تجميع هذه التصورات لإعداد رؤية شمولية».
الوضع المأزوم للمقاولة تعبّر عنه الأرقام التي كشف عنها وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، كذلك، حيث صرّح بأن إجمالي 113 ألف شركة أوقفت أنشطتها منذ 15 مارس الماضي. وقد أوضح الوزير أن أكثر من 700 ألف أجير في القطاع الخاص إما عجزوا عن العمل أو جرى فصلهم نتيجة لذلك.
مقترحات الخبراء من أجل إحياء الاقتصاد الوطني
في انتظار خطة محكمة من الحكومة لإجراءات الخروج من الحجر الصحي من الحكومة، يبدو أن هناك إجماعا من الخبراء الاقتصاديين في المغرب حول تدابير إنقاذ النسيج الاقتصادي الوطني. وقامت «ميديا 24» باستقصاء لآراء الاقتصاديين والاستشاريين والخبراء خلال الأسبوعين الماضيين.
تقول الخبيرة الاقتصادية نزهة لحريشي إن الوقت الحالي ليس ملائما لنهج سياسة التقشف، لأن مثل هذا الخيار سيكون انتحاريا. ويعتقد الخبراء الاقتصاديون العربي الجعيدي ونجيب أقصبي وطارق المكي وعمر بلافريج أن الوقت قد حان للتخلص من القواعد التي تفرضها علينا المؤسسات الدولية من حيث عجز الميزانية.
وتقترح السعدية بناني، الرئيسة التنفيذية لشركةValyans، التي تدعم سيناريو إنعاش الاقتصاد من خلال الصفقات العمومية، في هذا الصدد، إعادة تنشيط بعض الأحكام التنظيمية التي لم يتم تطبيقها حتى الآن لتحقيق كفاءة أفضل للجهد العام. وتستشهد بشكل خاص بمعيار التفضيل الوطني في منح الصفات العمومية والالتزام بحجز 30 بالمائة على الأقل من الصفقات العمومية للمقاولات الصغرى والمتوسطة. يجب أن يستهدف التدخل في الميزانية أيضًا، كما يقترح العربي الجعيدي وطارق المالكي، إعادة رسملة عدد من الشركات العمومية التي تأثرت بشكل سلبي من جائحة «كوفيد» مثل شركة الخطوط الملكية المغربية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصلح للشرب.
ويقترح عمر بلافريج الإبقاء على المساعدة للأسر. ويقول بلافريج إنه بالإضافة إلى دعم المقاولات، إما عن طريق ضخ رأس المال أو طرق أخرى، يجب أيضا استخدام تدخل ميزانية الدولة للحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، مضيفا أن المساعدات المالية التي أقرت للأسر في الحجر الصحي لا يجب أن تنتهي بمجرد الخروج من الحجر الصحي.