هكذا خرقت الحكومة الدستور بإضافة ساعة إلى التوقيت القانوني
مع
كشف القرار الأخير الذي أصدرته المحكمة الدستورية عن خرق الحكومة للفصل 73 من الدستور، بخصوص تعديل المرسوم الملكي الصادر سنة 1967 بشأن الساعة القانونية، قبل موافقة المحكمة الدستورية على هذا التعديل الذي أثار الكثير من الجدل بعد ترسيم الساعة الإضافية إلى التوقيت الرسمي المعتمد بالمغرب.
واستبق رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إمكانية الطعن في تعديل المرسوم الملكي، بإضافة ساعة إلى توقيت "غرينيتش" المعتمد بالمغرب منذ سنة 1967، وقدم طلبا استعجاليا إلى المحكمة الدستورية بتاريخ 8 مارس الجاري، يطلب منها التصريح بأن مقتضيات المرسوم الملكي بشأن الساعة الإضافية لا تكتسي طابعا تشريعيا بالرغم من ورودها في نص تشريعي بل يشملها اختصاص السلطة التنظيمية، حيث إن الدستور ينص، في فصله 73، على أنه "يمكن تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم، بعد موافقة المحكمة الدستورية، إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها".
وأوضحت المحكمة الدستورية، أن الإمكانية التي ينص عليها الفصل 73 من الدستور، كانت تخول للحكومة إحالة النصوص التشريعية إلى المحكمة الدستورية، لتبت في طبيعتها التنظيمية، قبل تغييرها من حيث الشكل بمرسوم، وأن المحكمة الدستورية، حين تبت طبقا لأحكام الفصل 73 من الدستور، فإنها تنظر في صيغة النص كما هو قائم، وأن موافقتها بشأن الطبيعة القانونية لما تستفتى فيه، تتم قبل أن تعمد الحكومة إلى تغيير النص بمرسوم أو إدخال تعديلات عليه من منطلق صلاحياتها التنظيمية، وأشارت إلى أن المرسوم المشار إليه، تم تعديل مضمون فصله الأول بمقتضى المادتين الأولى والثانية من المرسوم رقم 2.18.855 الصادر في 26 أكتوبر 2018.
ورغم هذا الخرق الدستوري، اعتبرت المحكمة أنه مع استحضار التفسير السليم لأحكام الفصل 73 والفقرة الأخيرة من المادة 29 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، تنص على أنه "تقرر المحكمة الدستورية في ما إذا كانت النصوص المعروضة عليها لها صبغة تشريعية أو تنظيمية"، وضرورة التقيد به مستقبلا، فإن المحكمة الدستورية ملزمة، طبقا للأحكام المشار إليها، أن تبت في طبيعة النصوص المعروضة عليها ومدى اندراجها في مجال التشريع أو التنظيم، وصرحت بأن مقتضيات المرسوم الملكي بشأن الساعة القانونية، كما تم تعديلها، تندرج في مجال اختصاص السلطة التنظيمية.
وفي أول رده فعل على القرار، عبرت نقابة المحامين بالمغرب عن قلقها الشديد من طريقة تفاعل المؤسسات الدستورية مع الموضوع، وأوضحت النقابة، في بلاغ لها، أنها تقدمت بطعن في المرسوم الحكومي عدد 2.18.855 الصادر بتاريخ 26 أكتوبر 2018، والمتعلق بالساعة القانونية، أمام محكمة النقض، منذ ما يزيد عن خمسة أشهر دون البت فيه لحد الآن، في حين بتت المحكمة الدستورية في طلب رئيس الحكومة مباشرة بعد وضعه بأربعة أيام، واعتبرت طلب التفسير الذي تقدم به رئيس الحكومة ليس له أي أساس دستوري يمكن أن يشفع للمحكمة الدستورية في إصدار قرار تفسيري لمرسوم ملكي صدر في حالة الاستثناء. وأوضح بلاغ النقابة أن لجوء العثماني لطلب رأي المحكمة الدستورية، كان يجب أن يتم قبل إصدار المرسوم الحكومي المطعون فيه، وليس بعد صدوره.
وكانت النقابة قد تقدمت بطعن أمام محكمة النقض لإيقاف تنفيذ مرسوم الساعة الإضافية، بمبرر "غياب السند القانوني وخرق المبادئ الدستورية". وأشار الطعن إلى أن "تنفيذ المرسوم المذكور تترتب عنه انعكاسات سلبية تمس بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، والأمن الصحي والروحي لعموم المواطنات والمواطنين، والتي تمثل حالة استعجال قصوى يستوجب درؤها إلى حين البت في الطعن المثار في المرسوم المذكور".
واعتبر المرسوم بأنه "يتسم بالشطط في استعمال السلطة وتجاوزها لصدوره عن جهة لا تنعقد لها الولاية لإصدار المقررات التنظيمية لتغيير التوقيت المعمول به المحدد بالتراب الوطني بواسطة مرسوم ملكي، فضلا عن أن هذا المرسوم قد انحرف بالسلطة التنفيذية عن دورها ومهمتها في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي"، موضحا أن "إضافة ستين (60) دقيقة إلى التوقيت القانوني، وبمقتضى الفقرة الثانية من المرسوم الملكي، يجب أن تتم بموجب مرسوم ملكي وليس بمرسوم حكومي، استناداً لوجوب صدور القوانين عن الجهة المختصة، وتكريسا لمبدأ تراتبية القوانين".