رحيل الأمير فيليب.. الزوجان الملكيان البريطانيان والمغرب
مع Tele Maroc
«بدأت العلاقات بين المغرب وبريطانيا منذ عهد الموحدين. إذ أن بعثة حلت في المغرب سنة 1213 لأغراض دبلوماسية.
لكن العلاقات لم تبدأ بشكل رسمي إلا في عهد السعديين ما بعد 1533، حيث توجد إلى اليوم مراسلات من الأرشيف لاتفاقيات متبادلة بين المغرب والتاج البريطاني.
ومع المولى إسماعيل توطدت العلاقات إلى درجة تبادل السفراء والهدايا قبل سنة 1673، حيث خلفه أبناؤه ولم تعد العلاقات كسابق عهدها.
كان السلطان الحسن الأول سنة 1892، راسل الملكة فيكتوريا برسالة شديدة اللهجة، كانت الأغرب وقتها، حيث عبر المولى الحسن الأول عن عدم تقبله لسلوك مبعوث دبلوماسي من الملكة فيكتوريا إلى قصر فاس.
القصة وما فيها أن موظفا دبلوماسيا تم تعيينه في طنجة في 22 يوليوز 1892 اسمه إيوان سميث، قرر أن يقضي عطلة أكتوبر في بريطانيا فغادر طنجة في اتجاه بلاده، وأرسلت الملكة فيكتوريا من يحل محله إلى أن يقضي إجازته. فأرسلت دبلوماسيا يدعى «أي إليوت» قائما بالأعمال إلى حين عودة «إيوان سميث» وكان هذا الأخير قد تسبب في مشكل دبلوماسي كبير بين البلدين ولم ينته المشكل إلا بإرسال بريطانيا من يعتذر رسميا في قصر المولى الحسن الأول بفاس مع تعهد بعدم تكرار مثل تلك السلوكات من طرف المبعوثين الرسميين.
مع الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب، كانت العلاقات مع المغرب تثير اهتمام كبريات وسائل الإعلام الدولية حتى أن زيارة الملكة إلى الرباط سنة 1980 تسببت في ازدحام كبير وإنزال لمصوري المشاهير ومبعوثي المجلات في المغرب».
من إليزابيث الأولى إلى الملكة فيكتوريا..قرون من الأحداث المنسية
مع إليزابيث الأولى، كان المغرب على عهد السعديين في القرن 16، يستنكر أن تحكم امرأة دولة أجنبية تربطها اتفاقيات مع المغرب. لكن لم يكن بمقدورهم تغيير واقع تلك العلاقة ليس فقط لأن بريطانيا كانت دولة عظمى تجمع خلفها أساطيل عسكرية وتحالفات مع دول كبرى في الشرق والغرب، ولكن أيضا لأن مصلحة المغرب كانت تقتضي أن يحفظ خيط الوصل مع أقوى دولة في العالم وقتها.
لكن أصول العلاقات بين المغرب وبريطانيا تعود إلى قرابة سنة 1213 عندما أرسل الملك جون أول بعثة رسمية تمثله إلى المغرب أيام حكم الدولة الموحدية لإبرام بعض الاتفاقيات التي كانت تجارية بالأساس.
لكن مع الملكة فيكتوريا تطورت العلاقات في اتجاه المراسلات المباشرة وتبادل الزيارات من خلال وفود رسمية.
ولم يحدث أن زار سلطان مغربي القصر البريطاني في ذلك التاريخ. لتكون الملكة إليزابيث أول ملكة تزور المغرب في زيارة رسمية ليستقبلها الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1980، ثم بادر الملك إلى زيارة بريطانيا بعد ذلك بسبع سنوات.
كان الملكان معا يراكمان قرونا من العلاقات بين البلدين، عرفت فترات صعود وهبوط. أقل ما يمكن أن توصف به هذه العلاقات هي «المرونة». إذ أن أحلك الظروف السياسية في الأزمنة الحالية والغابرة، لم تفلح في قطع تلك العلاقات.
كان السلطان الحسن الأول سنة 1892، راسل الملكة فيكتوريا برسالة شديدة اللهجة، كانت الأغرب وقتها، حيث عبر المولى الحسن الأول عن عدم تقبله لسلوك مبعوث دبلوماسي من الملكة فيكتوريا إلى قصر فاس.
القصة وما فيها أن موظفا دبلوماسيا تم تعيينه في طنجة في 22 يوليوز 1892اسمه إيوان سميث، قرر أن يقضي عطلة أكتوبر في بريطانيا فغادر طنجة في اتجاه بلاده، وأرسلت الملكة فيكتوريا من يحل محله إلى أن يقضي إجازته. فأرسلت دبلوماسيا يدعى «أي إليوت» قائما بالأعمال إلى حين عودة «إيوان سميث».
وقد تطرق المؤرخ البريطاني «ديروجرز» إلى الواقعة حيث كتب: «..وفي أكتوبر عاد إيوان سميث إلى إنجلترا لقضاء الإجازة. وفي تلك الأثناء أرسل «أي إليوت» إلى طنجة لتولي مهمة القائم بالأعمال خلال فترة تغيب الوزير.
ولدى وصول الرجل واجه موقفا متدهورا للغاية فالسلطان كان في غاية الغضب من الأسلوب الذي اتبعه سميث خلال بعثته مما عبر عنه في خطاب مؤرخ في 17 يوليوز أرسله إلى الملكة فيكتوريا شاكيا من سلوك مبعوثها.
وقد تم إرسال الخطاب من خلال الحكومة الفرنسية إذ سلمه المسيو وادجنتون السفير الفرنسي في لندن إلى وزارة الخارجية في 10غشت.
وكان سبب هذه الطريقة الغريبة في التراسل أن السلطان تعبيرا عن غضبته قطع كل وسائل الاتصال مع البعثة البريطانية في طنجة ولم يرد على خطاب وصله من البعثة. ووصل الأمر إلى عدم الرد على رسالة بعث بها اللورد روزيري وزير الخارجية.
وما إن وصل الكتاب الذي تضمن شكاوى السلطان حتى كتب إليه اللورد روزيري يطلب منه إقامة الدليل على شكاويه ضد تشارلز إيوان سميث بذكر أحداث محددة لما يدعيه من سوء سلوكه. وقد انتهز اللورد روزيري الفرصة ليبلغ السلطان بدهشة الملكة فيكتوريا من عدم موافقة السلطان على الاتفاقية التجارية المعدلة التي قدمها له إيوان سميث.
ولم ينته هذا الموقف السيئ إلا بعد الأخذ بالنصيحة التي أسداها السير دون درمندهاي بإرسال مبعوث خاص من رجال البعثة البريطانية من طنجة إلى البلاط. وقد وقع الاختيار على «دي فيم دي بونتييه» الذي حمل معه رسالة من المستر إليوت تضمنت الرغبة في استعادة العلاقات الودية».
وكانت تلك الطريقة الوحيدة لتجاوز أبرز سوء فهم في العلاقات بين البلدين سببه تعنت موظف بريطاني في التعامل مع وزراء المولى الحسن الأول، دون أن يكون للملكة فيكتوريا أي علم بالموضوع.
الزوجان الملكيان إليزابيث وفيليب والمغرب.. صداقة عمرها 7 عقود
بمجرد ما سرى خبر وفاة الأمير فيليب، «دوق إيدنبورغ» ذي الأصول اليونانية، حتى تناقلت كبريات وسائل الإعلام صور نادرة له مع زوجته الملكة إليزابيث، التي خطف قلبها سنة 1947، وتزوجها بعد الحرب العالمية الثانية، وكانا يمثلان لأزيد من ستة عقود مثال «الكوبل» الذي أثار انتباه وسائل الإعلام حول العالم إذ كانت حتى الجولات السياحية الشخصية التي يقومان بها في كل الاتجاهات، تعتبر حدثا مهما بالنسبة لمجلات المشاهير والموضة. كانا حتى عندما يكونان بعيدا عن السياسة، يستأثران باهتمام وسائل الإعلام.
كان أول اختبار للزوجين في علاقتهما بالمغرب، ما وقع في صيف سنة 1953، عندما رفضا هدية من الباشا الكلاوي الذي كان وقتها بالضبط يجمع التوقيعات لتقديم لائحة لفرنسا يطلب فيها نفي الملك محمد الخامس وأسرته خارج البلاد.
وكان حضور الباشا إلى الحفل السنوي لتنصيب الملكة إليزابيث، حدثا مضرا بتاريخ العلاقات بين البلدين. إذ أن الدولة المغربية اعتادت أن ترسل في حفلات التنصيب وفدا يمثل القصر الملكي، كما حدث في أكثر من مناسبة عبر التاريخ.
لكن ذهاب الباشا الكلاوي كان بناء على استثمار صداقته مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل. أي أن الأمر تم بناء على علاقة شخصية بين الرجلين وليس بتلقي دعوة رسمية. لكن الرد الرسمي البريطاني الذي رفض هدايا الكلاوي، قوبل بارتياح كبير في المغرب بل واعتبره الكثيرون انتقاما من الباشا الذي كان شديد الطموح.
ورغم أن الملكة إليزابيث الثانية لم تزر المغرب إلا سنة 1980، إلا أن صداقتها مع الملك الراحل الحسن الثاني كانت وطيدة، إذ كانت العلاقات بين البلدين مستقرة.
كانت زيارة الملكة إليزابيث إلى المغرب حدثا أثار اهتمام وسائل الإعلام الدولية حتى أن مجلات المشاهير أرسلت مبعوثيها لتوثيق الزيارة ونقل أجوائها والتقاط أكبر عدد من الصور ليوميات زيارة ملكة بريطانيا إلى المغرب.
وبعدها بسبع سنوات، سوف يقوم الملك الراحل الحسن الثاني بأول زيارة له إلى بريطانيا، مفندا الإشاعات التي انتشرت وقتها والتي تقول إن الملكة إليزابيث لم تعد صديقة للملك الحسن الثاني وأنها كانت غاضبة جدا منه بسبب تأخره في الالتحاق بها عندما كانت في المغرب، حيث روجت صور لها وهي وحيدة في المنصة تنتظر التحاق الملك الحسن الثاني بها في حفل استقبال رسمي. وجاءت زيارة الملك الحسن الثاني إلى بريطانيا لتكذيب كل تلك الادعاءات خصوصا وأن الملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب كانا في استقباله ونظما احتفالات كبيرة لتخليد تلك الزيارة الملكية التي كانت الأولى من نوعها رغم أن علاقات البلدين تعود إلى أزيد من ثمانية قرون.