كواليس اجتماع مفاجئ لقادة أحزاب الأغلبية
مع تيلي ماروك
بشكل مفاجئ اجتمع قادة أحزاب الأغلبية مساء أول أمس بعد سنة من الفراق، حيث لم تستطع أزمة كورونا أو القانون المالي التعديلي أو القوانين الانتخابية جمع الأغلبية في بيت واحد، لكن كما يقال التأخر في الوصول خير من عدم الوصول، والتأخر في عقد الاجتماع مهما كان طويلا وغير مبرر خير من عدم الاجتماع. نتذكر جيدا لحظة التوقيع على ميثاق الأغلبية الذي ينص على دورية اجتماعات مجلس الرئاسة، وكيف كان سعد الدين العثماني يرمي الرأي العام بانسجام أغلبيته وينتشي بتفاهم الائتلاف ويطلق التعهدات بالحرص على التشاور المستمر، قبل أن يتشتت عقد الأغلبية وتبدأ حباته في السقوط مع خروج حزب التقدم والاشتراكية والحرب الضروس التي يخوضها البيجيدي ضد الأحرار والاتحاد.
الجميع أصبح يعلم أن الأغلبية كائن هلامي لا وجود له على مستوى التدبير الحكومي، ولا أثر له على مستوى اتخاذ القرارات العمومية، وقدم لنا قانون تكميم الأفواه درسا بليغا في معنى غياب الأغلبية، حيث تبرأت منه الأحزاب المشكلة للحكومة وهي التي أشرت عليه في مجلس حكومي. وبدل أن تكون الأغلبية كما هو في كل دول المعمور مصدرا لإضفاء الشرعية السياسية على القرارات الحكومية ولعمق استراتيجي للحكومة، تحولت إلى مصدر منتج للمشاكل ومنبع للتوترات السياسية، فكانت النتيجة الطبيعية تجميد اجتماعاتها لسنة كاملة.
لا نبالغ حينما نقول إن رئيس الحكومة والأمين العام للحزب المتصدر، يتحمل القدر الوفير من مسؤولية حالة الموت الإكلينيكي الذي تعيشه الأغلبية على مستوى الانتظام في اجتماعاتها، وتنسيق عملها وإبراز الجدوى من وجود الأغلبيات، لكن يبدو أن العثماني غير مهتم بمصير أغلبيته بل إن سلوكاته تؤكد أن له رأيا آخر، يحاول من خلاله إظهار أن وجود الأغلبية مثل عدمه، وأن الحكومة يمكن أن تستمر بدون سندها السياسي، وأن كل القرارات تتخذ خارج الماكينة السياسية ولا تحتاج لأي شكل من أشكال الدعم السياسي. وهذا في حد ذاته يسيء للأحزاب ويظهرها بمظهر الخادم للتيقنوقراط.