شون كونري وهاندريكس وكاثرين دونهام.. قصص غير مروية لنجوم عالميين زاروا المغرب في قمة مجدهم
مع تيلي ماروك
«حاولنا هنا النبش عن القصص غير المعروفة، أو كما يسميها صائدو قصص المشاهير Untold stories، أي القصص غير المروية.
تكمن غرابة هذه القصص في أنها غير معروفة لدى العموم وحتى لدى جل الصحافيين وصائدي أخبار النجوم، رغم أن أصحابها تربعوا على عرش الشهرة.
لن تصدقوا مثلا أن الممثلة الأمريكية الشهيرة كاثرين دونهام قد زارت ولي العهد الأمير مولاي الحسن رفقة زوجها، بداية الخمسينيات، قبل نفي العائلة الملكية بمدة قصيرة، وتعلمت رقصة أحيدوس بتوجيه من ولي العهد.
هذه القصة نقلتها الصحافة الأمريكية في وقتها على لسان مراسلة إحدى المجلات، التي كانت تعمل في المغرب في برنامج راديو موجه إلى الجنود الأمريكيين والموظفين الدبلوماسيين في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط.
مشاهير شغلوا الصحافة العالمية في وقتهم، حلوا ضيوفا على المغرب، وساهموا في إغناء تلك الصورة المتفردة عن المغرب. وبطل سلسلة «جيمس بوند» الشهيرة الذي توفي، قبل أيام، كان فقط أحدهم».
شون كونري.. أو «جيمس بوند» الذي التقى حب حياته في حفل دعاه إليه الحسن الثاني
تقول السيدة ميشلين كونري إن تعرفها على النجم العالمي شون كونري، نجم السينما العالمي المعروف بدوره في سلسلة مغامرات «جيمس بوند»، كان في المغرب.
القصة بقدر ما هي مثيرة، بقدر ما تحمل تفاصيل غريبة. يوم 10 مارس 1970، تزامن مع بطولة الملك الحسن الثاني الدولية للغولف، والتي كتبت عنها الصحافة الفرنسية كثيرا وقالت إنها خطوة أوصلت الغولف في المغرب إلى العالمية، لأن الميزانية التي خصصت لإقامة الملعب كانت تفوق ميزانيات ملاعب غولف في أماكن أخرى من العالم. وهو ما جعل ملعب الملك الراحل الحسن الثاني يصبح قبلة للاعبين عالميين للغولف.
ولضمان إشعاع كبير للافتتاح، فقد عمد المنظمون الذين كان على رأسهم الكولونيل المذبوح، عاما فقط قبل واقعة انقلاب الصخيرات، إلى توجيه الدعوة إلى نجوم عالميين لكي يحلوا ضيوفا على الملك الحسن الثاني من جهة، ولكي يعطي وجودهم في المغرب إشعاعا للتدشين.
بطولة الحسن الثاني للغولف في نسختها الأولى إذن جمعت بين شون كونري وزوجته، التي كانت وقتها مطلقة بثلاثة أطفال، آخر ما كانت تتوقعه أن تتعرف على «جيمس بوند»، فما بالك أن تتزوجه.
وقع أول لقاء لهما في الفندق الذي وضع رهن إشارة الضيوف، قبل بدء أولى جولات لعبة الغولف، بحضور الملك الحسن الثاني.
وتقول السيدة كونري إنها لمحت زوجها لأول مرة من شرفة غرفتها بالفندق، وأثار انتباهها طوله الفارع، وملاحقة بعض الشبان له لالتقاط صور معه، فقد كان معروفا وقتها بأدواره الكبيرة في السينما العالمية. كما كان فرنسيون يلاحقونه داخل الفندق للحصول على توقيعه.
من الدار البيضاء إلى الرباط، لم يحدث أي اتصال بين الزوجين المستقبليين إلا فوق العشب، عندما صفقت له بحرارة وهو ينهي جولة بضربة موفقة.
عندما سقطت الكرة في الحفرة وسط تصفيق الحاضرين، كان حب كونري قد ترسخ في قلبها، وبدأ التعارف بينهما عندما لفتت انتباهه إليها بتصفيقها الحار عليه. حكت في مذكراتها أنه انتبه إلى تصفيقها وحماسها غير الاعتيادي، ليلتفت نحوها ويحدث بينهما تجاذب، عرفا في ما بعد أنه «حب من أول نظرة».
كان أكبر مشكل بينهما هو اللغة. فبعد أن دعاها إلى تناول الغذاء معه، اكتشفا أنهما لا يتحدثان لغة بعضهما البعض. ووجدا بسرعة من يتكلف بترجمة الفرنسية إلى الإنجليزية والعكس. وهكذا ضربا أول موعد لهما على الغذاء.
المثير وقتها أن السيدة كونري لم تتطلق رسميا، وإنما كانت منفصلة عن زوجها رفقة أبنائها، لكنها لم تحصل على وثيقة الطلاق. التقطا صورة بالمناسبة على الغذاء، وكان على كونري أن يتوجه إلى مراكش.
وفي اليوم الموالي اتصل بها وطلب منها أن تلحق به إلى المدينة، ليكتشفاها معا. تقول إنها طلبت منه ألا يتصل بها مرة أخرى وأنهت المكالمة، رغم أنهما اعترفا لبعضهما البعض بالحب.
كانت تظن، حسب ما جاء في مذكراتها، أن الأمر يتعلق بنزوة عابرة لدى الممثل العالمي الشهير، وفضلت أن توقف علاقتها به على الغذاء قبل أن تتطور الأمور بينهما، خصوصا وأن الصحافة العالمية كلها كانت تلاحقه.
في سنة 1971، رتب صديق مشترك لهما لقاء في إسبانيا لكي يجعل ميشلين تراجع قرارها، فعلا اتفقا على العيش معا في لندن وتوجا قصتهما بالزواج سنة 1975 في جبل طارق، على بعد مرمى البصر فقط من المغرب، الأرض التي شهدت ميلاد حب «جيمس بوند»، في ضيافة الملك الحسن الثاني.
كاثرين دونهام.. الحسن الثاني علمها «أحيدوس» وأحيت حفلا على شرفه بالرباط
حلت كاثرين دونهام بالمغرب سنة 1953، أشهرا قبل نفي العائلة الملكية إلى مدغشقر. لم تكن هذه الممثلة الاستعراضية الشهيرة في أمريكا مدعوة إلى المغرب بشكل رسمي، وإنما رافقت زوجها الذي كان يعمل بدوره في المجال الفني، والذي تلقى دعوة غير رسمية لشرب الشاي مع الأمير مولاي الحسن في إقامته الخاصة بالرباط، رفقة ثلاثة من أعضاء الفرقة الفنية التي كان يديرها الزوج.
كاثرين التي جاءت إلى المغرب بدون دعوة، وإنما مرافقة فقط لزوجها، كانت تنوي البقاء في الفندق بالرباط، لولا أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن أصر على ضيفه لكي يحضر زوجته، لتشاهد الحفل المقام على شرفه. وهناك بدأت علاقة الممثلة كاثرين دونهام، أيقونة الشاشة في هوليوود، برقصة أحيدوس.
تقول مارفين هاو، الصحافية الأمريكية التي عملت في المغرب ما بين سنوات 1950 و1954، والتي كانت حاضرة خلال الحفل بدعوة من الأمير ولي العهد، إن كاثرين أعربت لولي العهد عن إعجابها الكبير بفرقة أحيدوس، التي كان أعضاؤها يؤدون رقصة على إيقاع الدف ويطوفون في ساحة داخل حديقة إقامة الأمير.
أظهرت الممثلة الأمريكية اهتمامها بإيقاع الرقص والأداء، فعرض عليها الملك الراحل الحسن الثاني المشاركة. ووافقت على الفور، حسب ما نقلته الصحافية الأمريكية في مقالها الذي نشر في الصحافة الأمريكية في السنة نفسها، والذي كان بمثابة استطلاع عن الحفل.
تؤكد مارفين هاو أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن حمل الدف بنفسه، وشرع يضرب وفق الإيقاع الذي تلعب به فرقة أحيدوس، وأمر نسوة من الفرقة أن يسايرن الإيقاع وتقلدهن الممثلة الأمريكية الشهيرة.
وحسب «هاو» دائما، فإن الممثلة الأمريكية لم تستغرق سوى دقائق فقط لكي تلحق بالإيقاع وتساير النساء في الرقص.
وكانت المفاجأة التي حضرتها لولي العهد أنها عرضت أن تصمم رقصة من رقصاتها الشهيرة في السينما، وتدخل عليها تعديلات لفن أحيدوس المغربي، لتصنع مزيجا تقدمه هدية لولي العهد وضيوفه.
كان صدى اهتمام المشاهير الأمريكيين بالمغرب كبيرا في الصحافة الأمريكية، خلال خمسينيات القرن الماضي. والمثير أن الترويج للمغرب وقتها كانت له أهداف عسكرية باعتبار وجود قواعد أمريكية في المغرب، وهو ما جعل آلة الدعاية الأمريكية لهذه القواعد تتقوى باستعمال صور مشاهير السينما والاستعراض في هوليوود.
جيمي هاندريكس.. أيقونة الموسيقى الذي نقل الصويرة إلى العالمية
وصل صوت جيمي هاندريكس، أو «دجيمي» كما كان يلقبه محبوه إلى العالمية خلال ستينيات القرن الماضي، مع انتشار موضة «الهيبي» التي تبعها الملايين حول العالم، وهاموا في الأرض طولا وعرضا.
مدن طنجة، الصويرة ومراكش، على التوالي كانت قبلة لـ«الهيبيين» الذين كانوا يسمعون موسيقى جيمي هاندريكس، وكأنها نشيد للجماعة يوحد صفوفها.
باختصار، جيمي عاش نجومية صاخبة قلما تكررت مع آخرين غيره. وهناك نقاد أمريكيون وباحثون في تاريخ الموسيقى الأمريكية، يجمعون على أن العظمة الموسيقية كلها للقرن الماضي لم يتقاسمها سوى جيمي هاندريكس، ومايكل جاكسون. حتى أن هناك من يذهب إلى أن الأول سلم إلى الأخير مشعل النجومية، إذ إن هاندريكس الذي توفي في 18 شتنبر 1970، غادر الحياة في المرحلة نفسها التي كان فيها مايكل جاكسون في بداية تلمس أولى خطواته في عالم الاستعراض.
زيارة جيمي هاندريكس إلى المغرب لم تصبح موضوع اهتمام الصحافة العالمية، إلا بعد أن مرت عليها سنوات.
راجت أخبار عن زيارة جيمي هاندريكس إلى مدينة الصويرة سنة 1969، إذ كان وقتها في قمة مجده العالمي، حتى أن الشباب المغربي الذي يلاحق الموضة وقتها كانوا يتخذون من أسطوانات «دجيمي» مدرسة لتعلم عزف الغيتار.
كان متابعو هاندريكس في العالم، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية ثم بريطانيا يلقبونه بمعالج الغيتار، أو طبيب العزف، لأن مقاطعه المنفردة كانت استثنائية.
لذلك أحاط رحلته بسرية في حينها، إلا أن أخبارها وصلت إلى العالم. كان يريد العزلة ما أمكن، إذ كان وقتها قد بدأ يعاني من تبعات إدمانه على الكحول والحبوب المنومة، فاختار مدينة الصويرة لتكون ملاذه الآمن في شتاء سنة 1969، وزار قرية صغيرة تبعد بـ5 كيلومترات عن الصويرة لا يزال بعض سكانها اليوم يؤكدون أنهم رأوا جيمي هاندريكس يتجول بين منازلها البيضاء، ويراقب الغروب بين الصخور ويتجول بين الأزقة محاطا بحراسه الشخصيين.
زيارة هاندريكس إلى الصويرة أكدها مرافقوه وكبار الصحافيين في أمريكا، الذين كانوا يسعون خلفه لكتابة مذكراته، وأكدوا بعد وفاته في لندن سنة 1970، أن آخر رحلة منعزلة قام بها كانت إلى الصويرة.
بين الصويرة إذن والقرية الصغيرة التي انعزل فيها لأيام عن العالم، بقيت ذكريات جيمي هاندريكس عالقة في أذهان من عرفوه من خلال الصور الكثيرة، التي كانت تنقلها مجلات عالمية ووصلت بعض أعدادها إلى الصويرة. ولاحظ هاندريكس أن هناك شبانا في الصويرة تعرفوا عليه ورغبوا في التقاط صور معه، ولكن الأرشيف اليوم، ولا حتى صور مرافقيه القدامى التي بيعت بملايين الدولارات لم تتضمن صورا لتلك الزيارة «الانعزالية». بعض الأخبار المتعلقة بالزيارة تقول إن «دجيمي» كان يتجول بين الأزقة معلقا غيتاره على ظهره، وهي العلامة التي أكدها بعض قدماء الصويرة، الذين كانوا شبانا مندفعين ومقلدين للموضة العالمية قبل أربعين سنة، والتي كان هاندريكس أيقونتها الأولى في العالم.
سان لوران.. عاشق مراكش الذي جعلها «مكتبا» دائما له
جاء في مقالات كثيرة لمتابعي حياة المشاهير خلال السبعينيات، أن سان لوران يرتاح في الجلباب أكثر مما يرتاح في ارتداء البدلة. وأنه يحب أن ترتدي مرافقاته الجلباب المغربي، على أن يرتدين الأثواب التي يكفي أن يوقعها باسمه، لكي تباع في كبريات المحلات في نيويورك وباريس.
أول مرة زار فيها إيف سان لوران، أحد أثرى المصممين العالميين، المغرب كانت سنة 1966. تميزت بأنها زيارة عادية بقصد السياحة التقى خلالها عددا من الشخصيات المغربية، وعند زيارته إلى مراكش برفقة مصورين عالميين، تعلق بالمدينة القديمة، وقرر أن يعود إليها ثم اختار الاستقرار بها نهائيا. حتى أنه كان يتسبب في مشاكل كثيرة لشركات كانت تريد التعامل معه شخصيا في مشاريع تصميم وتركيب عطور عالمية، ولباس المشاهير. كان هؤلاء يضطرون جميعا إلى القدوم إلى مراكش للجلوس معه، ولهذا السبب أطلق النقاد على مراكش «المكتب الدائم لسان لوران».
الأصول الشرقية لهذا المصمم العالمي تعود إلى سنة 1936، حيث ولد لأبوين فرنسيين كانا يعيشان في وهران الجزائرية، لكنه غادرها مبكرا إلى باريس، حيث كان شغوفا جدا بعالم الأزياء والموضة التي كانت باريس وما زالت عاصمة كبيرة لها.
عمل في البداية لدى شركة «ديور» الشهيرة، لكن الأنظار بدأت تتجه إليه وهو في الـ18 فقط من عمره، على إثر فوزه بمسابقة وطنية فرنسية مهمة في مجال التصميم. وعندما كان في الـحادية والعشرين، تم تعيينه مديرا لدار «ديور» العالمية التي ولجها متدربا قبل فترة قصيرة، على إثر وفاة مالكها.
هذا الاعتراف الكبير بمواهب لوران واكبته الصحافة الفرنسية، معلنة ميلاد أحد أعظم صناع الموضة في العالم.
في سنة 1962 أنشأ شركته الخاصة. وعند زيارته إلى المغرب، والتي يعترف أنها قلبت حياته رأسا على عقب، نحى «لوران» بحياته منحى خاصا جدا، إذ أصبحت تصاميمه المفضلة رسميا لأثرى العائلات في الشرق والغرب، والأكثر طلبا لدى صناع السينما العالمية.
أما في باريس، فقد بقي «لوران» متربعا على عرش المبيعات وصيحات الموضة لعقود، حتى أن مواعد إطلاقه لتركيبات العطور كانت تعتبر مواعد منتظمة للصحافة المتابعة للموضة. كان يخلق الحدث في باريس، من إقامته الفاخرة بمراكش.
اشتهرت صورة نشرتها لأول مرة مجلة «باري ماتش» سنة 1969، يظهر فيها سان لوران يحمل سلة مغربية تقليدية يتجول بها في أحياء المدينة القديمة بمراكش. توالت الرسائل على المجلة فيها تعليقات ساخرة بخصوص الحياة التي اختارها أيقونة الموضة العالمية، ومنها رسائل توصل بها لوران نفسه، يسألونه عن سر اختياره الحياة البسيطة في المغرب، في الوقت الذي تصمم فيه شركته تصاميم لحقائب السيدات يصل ثمنها إلى آلاف الفرنكات، مكتفيا هو بحمل سلة تقليدية على نهج المغاربة البسطاء في المدينة القديمة.
الحياة التي اختارها لوران لنفسه في مراكش، ظل أصدقاؤه يغبطونه عليها، ولعل أكثر بصمة تركها هذا المصمم العالمي خلفه قبل وفاته سنة 2008، هي إهداؤه إلى المراكشيين والمغاربة حديقة «ماجوريل»، التي قام بترميمها وتعلق بها، مفضلا ممراتها وأشجارها على أكبر وأفخم الحدائق في باريس.
عاش لوران حياة بدون تقاعد تقريبا، إذ رغم أنه بدأ مساره صغيرا في الثامنة عشرة، إلا أنه لم يعتزل إلا سنة 2002 بسبب ظروفه الصحية التي فرضت عليه التنقل من مراكش، التي قضى بها عقودا من حياته، إلى باريس بهدف تلقي العلاج، تاركا خلفه أكبر دعاية لمدينة مراكش التي اختارها مصدرا لإلهام أوصله إلى العالمية.
سيلزنيك.. أيقونة هوليوود الذي جاء ليرفه عن جنود أمريكا بالمغرب
حسب ما أورده أرشيف مجلة «ذي شيكاغو تريبين» الشهيرة، فإن نجم السينما العالمية دافيد سيلزنيك زار المغرب أواخر سنة 1952، على إثر زيارة للفنانين أقامتها القاعدة الأمريكية في القنيطرة، للترفيه عن الجنود مع اقتراب احتفالات «الهالويين».
مارفين هاو، موفدة المجلة، التي كانت تعمل في القسم الأمريكي بإذاعة «راديو ماروك»، نقلت أنها التقت هذا النجم العالمي في مدينة مراكش، التي التحقت بها بعدما علمت أن هذا النجم رفقة جينيفر جونز، النجمة الأمريكية الشهيرة، يقضين عطلتهما في مراكش، قبل أن يقررا الاستمرار في عطلتهما والتوجه إلى فاس.
مارفين ذكرت في المقال أن دافيد طلب منها أن تُريه مدينة مراكش بعد الظهيرة، لأن برنامج الرحلة كان ضيقا للغاية وكان يتعين أن ينتقل في اليوم الموالي مبكرا إلى فاس. لكن المدينة أسرته وضغط مع بقية مرافقيه لكي يقضي بها يوما آخر.
جاء في المقال أن دافيد نزل في فندق «المامونية» ولم يتوقف عن التقاط الصور بنفسه في ساحة جامع الفنا، حيث صرح للصحافية أنه مستمتع جدا بعطلته في مراكش، لأنه يستطيع التجول وسط الجموع البشرية دون أن يتعرف عليه أحد.
وكان يقصد أن المواطنين المغاربة البسطاء في الساحة والمدينة القديمة والأسواق، لم يكونوا يعرفون هويته، بينما في أوربا أو في هوليوود فلم يكن ممكنا أن يغادر سيارته، لأن جحافل المصورين يكونون في انتظاره رفقة المعجبات.
هذه النقطة جعلت النجم الأمريكي دافيد سيلزنيك يقدر الحياة في المغرب، حيث عاش تجربة فريدة بدأت بلقاء الجنود الأمريكيين في القواعد المغربية، التي استقروا بها بعد المشاركة في الحرب العالمية الثانية، وانتهت بجولة في مراكش وفاس، اللتين جعلتاه يعرف الوجه الحقيقي للمغرب الذي قال عنه: «إنه بلد ضارب في التاريخ».
جينيفر جونز.. تركت تصوير فيلم بإيطاليا لتتيه في مراكش وفاس
كانت شهرتها كبيرة جدا في خمسينيات القرن الماضي، اقتحمت عالم هوليوود وصارت من الممثلات الأعلى أجرا في العالم. كان لديها تصوير فيلم أمريكي أغلب مشاهده بإيطاليا، لكنها أقنعت إدارة التصوير بتأجيل العمل خلال عطلة «الهالويين» لكي تتجه صوب المغرب.
جاءت إلى القنيطرة، الدار البيضاء، ومنها إلى مراكش مع النجم «دافيد سيلزنيك»، حيث غطت الصحافية مارفين هاو رحلتهما إلى المغرب. كانت مجلات أخبار المشاهير وقتها تتحدث عن العلاقة بين النجمين العالميين، بينما مارفين هاو كتبت في مقالها لمجلة «تريبين» أن لكل واحد منهما عالمه الخاص.
تقول مارفين في المقال: «يصعب جدا أن تقنع أحد هؤلاء النجوم العالميين بركوب الطائرة والمجيء إلى المغرب للجلوس في فندق «المامونية»، وترك الحياة الصاخبة خلفهم والتجول في أزقة المدينة القديمة. لكن رؤيتهم هنا، تؤكد أن العجائب قد تتحقق».
هذه التجربة المغربية، جعلت الممثلة جينيفر تثني على المغرب، خصوصا وأنها تعلقت بمحلات بيع المقتنيات المحلية والأدوات التقليدية المغربية.
والمثير أنها أصيبت بزكام حاد ألزمها الفراش لأيام، إلا أنها قاومت المرض واستكملت رحلتها بين الدار البيضاء، مراكش، ثم فاس. وصرحت وقتها للمجلة أنها لم تندم نهائيا على اختيار قضاء تلك الأيام في المغرب، سيما وأنها انبهرت بتاريخ ساحة جامع الفنا، بالإضافة إلى أزقة المدينة القديمة في كل من مراكش وفاس.
كينان واين وبيدجون.. تجولا بالرباط ليلا بسيارة أجرة سنة 1952
هذان الرجلان كانا يعتبران في الولايات المتحدة الأمريكية من صناع الترفيه الكبار، فقد ارتبط اسماهما بمجموعة «MGM» الشهيرة التي كانت أغانيها لا تتوقف في الراديو الأمريكي.
ولأن وزارة الدفاع الأمريكية بتنسيق مع الخارجية، كانتا ترفهان عن الجنود الأمريكيين في مختلف أنحاء العالم، فقد اختارا العناية بجنود القواعد المغربية. وهكذا حلت هذه المجموعة في الرباط سنة 1952 لإحياء حفلات لصالح الجالية الأمريكية في المدينة، والذين كانوا جميعا تقريبا عسكريين وموظفين في السفارة.
عند انتهاء الحفل، أراد النجمان التجول ليلا في الرباط، لكنهما فوجئا بالمدينة خالية، وهو ما جعلهما لا يترددان في الاستمرار في المغامرة ببلد لا يعرفان عنه أي شيء سوى أنه «مستعمرة» فرنسية. ورغم التحذيرات التي تلقياها بشأن مخاطر التجول ليلا في مدينة تقاوم الاستعمار الفرنسي، إلا أنهما استطاعا إقناع الصحافية مارفين هاو، التي نقلت هذه الجولة على صفحات «شيكاغو تريبين»، حيث قالت إنهما انبهرا بالرباط، وتمشيا مع الصحافية مشيا على الأقدام في شوارع الرباط. كما أن السيد بيدجون وعدها بمنحها حوارا حصريا للمجلة، وهو ما جعلها تقبل مرافقته في الجولة بالرباط، لتكتشف أنه استدرجها فقط لكي تكون دليلا سياحيا له في تلك الساعة من الليل. إذ إنه ظل يطرح عليها الأسئلة بشأن المغرب والوضع في الرباط وتاريخ المدينة وشخوصها، دون أن يترك لها المجال لتبدأ طرح أسئلة الحوار الموعود. وفي الأخير تبخر الوعد بانتهاء الجولة. ورغم إلحاحها على النجمين أن تعود معهما إلى الفندق، حيث كانا ينزلان، إلا أنهما أصرا على تركها بالقرب من المكان الذي كانت تسكن فيه، قرب مقر إذاعة «راديو ماروك»، ليستقلا سيارة أجرة لوحدهما بعد ما أقنعتهما مارفين هاو بأخذهما في جولة سياحية بالمدينة ليلا، لكي يريا أطراف مدينة الرباط.
بين تشرشل عاشق مراكش ومارلين مونرو أشهر نجمة في العالم.. قصة زيارة لم تكن!
ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، زار المغرب في ضيافة الباشا الكلاوي، عقب انتهاء أجواء الحرب العالمية الثانية بعد سنة 1945. واشتهر وقتها بأنه رسم لوحة من غرفته بالفندق، وأن الباشا الكلاوي «ابتُلي» بعده بالرسم أيضا. يقال إن رئيس الوزراء البريطاني الأشهر في تاريخ بريطانيا، أثنى على موهبة ابن الكلاوي في الرسم. الصحافة البريطانية كتبت مقالات عن زيارة تشرشل إلى قصر الكلاوي، والعلاقة المتينة التي ربطتهما معا.
لكن مارلين مونرو لم تزر المغرب، ومع ذلك صدر مقال كاذب خلال الحرب العالمية الثانية، يقول إن مارلين زارت المغرب وانتقلت إلى مراكش وقضت ليلتين في فندق «المامونية».
سمع تشرشل بالخبر، واستفسر عنه عندما كان في المغرب، إلا أنه تلقى تأكيدات بأن الأمر ليس صحيحا بالمرة.
وسخر تشرشل كعادته من الخبر الكاذب، بعد أن أدرك بدهائه السياسي أن الأمر يتعلق ربما بدعاية إعلامية كاذبة، لرفع معنويات الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، وكان يتوجب عليهم قضاء أشهر من التجنيد في الطرف الآخر من المحيط الأطلسي بعيدا عن عائلاتهم، رغم انتهاء الحرب العالمية.
الأكيد أن مارلين مونرو لم تزر المغرب، وإنما كان الأمر يتعلق كما تنبأ تشرشل عندما زار مراكش بدعاية إعلامية. ولو أن زيارة مارلين مونرو إلى المغرب تمت بالفعل، لواكبها التلفزيون الأمريكي، نظرا للمكانة الكبيرة التي كانت تتبوؤها هذه الأيقونة العالمية في أمريكا والعالم.