هكذا عجزت مجالس الشمال عن حل ملفات التدبير المفوض
مع الأخبار
فشلت العديد من المجالس الجماعية بالشمال، في إيجاد حلول لملفات التدبير المفوض المتعلقة بقطاعات حساسة، من قبيل النظافة والماء والكهرباء والتطهير السائل والنقل الحضري، وذلك بسبب غياب الكفاءات والركوب السياسي من قبل الأحزاب المشاركة في تسيير الشأن العام المحلي، فضلا عن تراكم الديون التي تقف حاجزا أمام تفعيل دور لجان التتبع والمراقبة وتسجيل المخالفات والغرامات، طبقا لبنود دفاتر التحملات الموقعة بين الأطراف.
سجل قضاة المجلس الجهوي للحسابات، بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، اختلالات وتجاوزات متعددة في ملفات التدبير المفوض بجماعات بالمضيق – الفنيدق، حيث تم تسجيل دفع فواتير خدمات دون استفادة الجماعات منها، كما هو الشأن بالنسبة لفواتير التطهير السائل المضمنة باستهلاك الماء الخاص بسقي المساحات الخضراء، فضلا عن اختلالات تتعلق بعدم احترام شروط الصحة والسلامة في قطاع النظافة وجمع النفايات الطبية، وكذا غياب الدراسات القبلية قبل التوقيع على بنود دفاتر التحملات التي يجب أن تشكل الفيصل في كل الخلافات والمرجع في التتبع ومراقبة الجودة وتسجيل الغرامات.
ويشتكي مجموعة من سكان الأحياء الهامشية بمدن تطوان، المضيق والفنيدق.. من عدم التفاعل مع شكاياتهم، وفق السرعة والنجاعة المطلوبتين، من قبل مصالح المجالس الجماعية، بخصوص تسربات الواد الحار التي تستمر لأكثر من شهر دون تدخل، فضلا عن الاهتمام بنظافة الاحياء الراقية وإهمال الهوامش وعدم توفير الحاويات بشكل يغطي جميع المناطق، ناهيك عن الروائح العطنة التي تنبعث من الشاحنات والحاويات المتهاكلة التي لا يتم غسلها بشكل منتظم ومستمر كما هو مسطر في بنود دفاتر التحملات الموقعة.
وعادت احتجاجات زبناء شركة «أمانديس» المكلفة بتسيير قطاعي الماء والكهرباء والتطهير السائل في إطار ما يسمى التدبير المفوض، على غلاء الفواتير الخاصة بالاستهلاك، في ظل محاولات الأحزاب المشرفة على التسيير الركوب على الملف بطرق ملتوية، رغم أنها هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تفعيل دور لجان المراقبة والتتبع الدقيق لمآل الشكايات، والسهر على تنزيل كل التدابير الخاصة بالدفاع عن حقوق الزبون وتسجيل الغرامات في حق الشركة المفوض لها عند إثبات المخالفات والتجاوزات.
ديون متراكمة
من خلال البحث والتحقيق في ملفات التدبير المفوض بالجماعات الترابية بالشمال، تبين أن الجماعات الحضرية بإقليمي تطوان والمضيق – الفنيدق، لم تسلم جميعها من تراكم ديون شركات التدبير المفوض، بشكل أصبحت معه عاجزة عن القيام بدورها في التتبع والمراقبة، فضلا عن فرض وجهة نظرها أثناء الاجتماعات واتخاذ القرارات دون إكراهات أو الأخذ بعين الاعتبار إصرار الشركة المفوض لها بالمطالبة بمستحقاتها كاملة واستعمال ذلك كوسيلة ضغط فعالة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن جماعة تطوان غرقت في ديون شركات التدبير المفوض المكلفة بقطاعات النظافة والماء والكهرباء والتطهير السائل والنقل الحضري، حيث تقوم بتدابير ترقيعية فقط لاستمرار الخدمات الحساسة، سيما في ظل أزمة الميزانية التي اعترفت بها الرئاسة، ويجري استنفار كافة الأقسام وتشكيل خلايا لمتابعة الوضع، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه للهروب من ورطة إعلان الإفلاس.
واستنادا إلى المصادر نفسها فإن مصالح وزارة الداخلية، تدخلت أكثر من مرة في ملفات احتجاج عمال قطاع النظافة، من أجل ضمان السير العادي للمرفق الحساس، وذلك بعد عجز الجماعة عن دفع الديون التي تراكمت عليها، ما يؤثر على عملية مراقبة الجودة ومدى تنزيل دفاتر التحملات، ناهيك عن إضعاف موقف الجماعة خلال الاجتماعات واتخاذ القرارات.
وتسببت ديون استهلاك الماء والكهرباء المتراكمة على مجالس جماعية بالمضيق – الفنيدق، في قيام شركة «أمانديس» خلال الأيام القليلة الماضية، بقطع تزويد المؤسسات المعنية بعد إشعار مسؤوليها مرات متعددة، فضلا عن المطالبة بجدولة واضحة والالتزام بها، وهو الشيء الذي تعجز عنه الأغلبيات المسيرة بسبب تراجع المداخيل، وغياب الكفاءات في التسيير، وتضخم أرقام الباقي استخلاصه وسط استمرار الحسابات السياسية في الوقوف حاجزا أمام استخلاص الأكرية والضرائب والمستحقات بجميع أنواعها.
وبلغت ديون استهلاك الماء والكهرباء بالجماعات الحضرية بإقليم المضيق – الفنيدق، حوالي 7 ملايير سنتيم، في ظل استغراق التحالفات الهشة في توزيع الامتيازات على النواب ومنحهم سيارات جديدة، وإهمال تنزيل سياسة التقشف والبحث عن موارد مالية لترقيع الميزانية، فضلا عن العجز التام عن الابداع في حلول بديلة بسبب غياب الكفاءات والتجرية وتدني المستوى التعليمي للعديد من المستشارين.
شكايات مهملة
يشتكي مجموعة من سكان الأحياء بالجماعات الترابية بتطوان والمضيق – الفنيدق، من إهمال شكايتهم التي يتقدمون بها إلى مصالح الجماعات والسلطات المحلية، بخصوص غياب جودة النظافة وإهمال تنظيف الحاويات وتوفيرها، وكذا إهمال تسربات مياه الواد الحار، والتأخر بشكل كبير في التدخل، ناهيك عن اختلالات نظافة الأحياء العشوائية والاهتمام فقط بالأحياء الراقية والشوارع الرئيسية.
وقال (ا،ح) أحد سكان حي اغطاس بجماعة الفنيدق، أن مصالح الجماعة الحضرية، أهملت القيام بمعالجة تسرب لمياه الواد الحار بطريق يمر عبرها مئات التلاميذ في اتجاه المؤسسات التعليمية، فضلا عن تواجد بئر بالمكان يستعمل للشرب، وذلك رغم تقديم شكايات شفوية وإشعار السلطات المحلية التي زارت المكان واكتفت بالرد على السكان بأن الأمر لا يدخل ضمن اختصاصها والمسؤولية تقع على الجماعة كمفوض وشركة «أمانديس» كطرف مفوض له.
وأضاف المتحدث نفسه أن تقاذف المسؤوليات بين المصالح المعنية، ضيع حق سكان الحي في بيئة سليمة واحترام جودة الخدمات، ما يتعارض والتوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على خدمة المواطن من طرف المؤسسات، والتجاوب مع شكاياته والحرص على الجواب في حال الرفض أو توجيهها للمصلحة المعنية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل وبنود الدستور الجديد للمملكة.
وبخصوص قطاع النظافة، فإن سكان أحياء هامشية بتطوان، أكدوا على إهمال شكاياتهم المتعلقة بعدم غسل حاويات الأزبال بشكل منتظم من قبل الشركات المكلفة، فضلا عن التراكم ببعض النقط السوداء، وجدل عدم قيام عمال النظافة بجمع مخلفات البناء «الردمة» لأنها غير مضمنة في دفاتر التحملات الموقعة بين الأطراف، حيث تبادر مصالح الجماعة بحملات لجمعها، وسط مطالب بمعالجة المشكل من الأصل وتفعيل القوانين لردع المخالفين.
ويعاني سكان حي (ربع ساعة) العشوائي باقليم المضيق – الفنيدق، من غياب جودة خدمات النظافة، حيث تتراكم الأزبال بمجاري الوديان دون القيام بجمعها من قبل شركة النظافة المكلفة بالقطاع، فضلا عن إهمال الجماعة الحضرية والسلطات المحلية للشكايات التي تتلقاها بحسب المتضررين، الذين أكدوا على أنهم قاموا بتشييد منازلهم بشكل عشوائي لكن لا يمكن لذلك أن يكون مبررا لإقصائهم من الخدمات العمومية وفق الجودة المطلوبة.
فشل المراقبة
أرجع العديد من المستشارين بالجماعات الترابية بالشمال، فشل الأغلبيات المسيرة في تفعيل لجان التتبع والمراقبة الخاصة بالتدبير المفوض، إلى إكراهات الديون المتراكمة، وغياب الطاقات والكفاءات التي يمكنها الدفاع عن حقوق السكان من خلال دفاتر التحملات الموقعة، فضلا عن الاستغلال السياسي وحرص رؤساء الجماعات المعنيين على الاستمرار في المنصب بكل الطرق الممكنة.
وحسب المعلومات المتوفرة فإن لجنة التتبع والمراقبة الخاصة بـ «أمانديس»، كانت تعلم بقيام بعض الزبائن بتوقيع تنازلات غامضة لصالح آخرين من أجل الربط بشبكة الماء، بمبرر تحمل الطرف الأول ميزانية مد القنوات على حسابه الشخصي، لكنها لم تحرك ساكنا حتى إشعار مصالح الوزارة الداخلية بالموضوع، والتي قامت قبل أسابيع قليلة بالتنسيق مع إدارة شركة «أمانديس»، لمنع مثل هذه التنازلات الغامضة بشكل قاطع، لأنها تساهم في انتشار الابتزاز والاتجار في مد القنوات بطرق ملتوية، ولا وجود لها في بنود دفاتر التحملات الموقعة.
ومازال العديد من المنازل بمدينة الفنيدق لا تتوفر على شبكة الصرف الصحي، حيث يقوم سكانها باعتماد الحفر لتجميع مياه الواد الحار، مع ما يشكله ذلك من تأثير كارثي على البيئة والفرشة المائية، فضلا عن التسربات الخطيرة التي تهدد بتلوث مياه الآبار واستعمالها في الشرب وانتشار نقط تزود عمومية خارج أي مراقبة من قبل الجهات المعنية.
وذكر مصدر مطلع أن مراقبة تنزيل دفاتر التحملات، تقتضي التنسيق مع شركة «أمانديس» من أجل إقران الربط بشبكة المياه بوجود شبكة الصرف الصحي كما هو منصوص عليه في دفاتر التحملات، لأنه من غير المعقول أن يتم صرف الملايير في مشروع ملكي لإقامة محطة معالجة المياه العادمة حفاظا على البيئة، ثم تأتي بعد ذلك المجالس الجماعية لتقديم إكراهات فارغة وتبرير استمرار استعمال الحفر داخل المدار الحضري لتجميع مياه الواد الحار.
وحسب المصدر نفسه فإن حزب العدالة والتنمية، ثبت من خلال استمرار مؤشرات الاحتجاج على جودة الخدمات، فشله الذريع في ترؤس لجنة تتبع ومراقبة تنزيل بنود دفاتر التحملات الموقعة مع شركة «أمانديس» الموكول لها تدبير قطاعي الماء والكهرباء والتطهير السائل بمدن الشمال، في إطار ما يسمى التدبير المفوض، وذلك بسبب غياب الكفاءات، فضلا عن الحسابات السياسية التي تحول دون اتخاذ قرارات لصالح المواطن الزبون، وركوب موجة كل احتجاجات والاهتمام بتوسيع القاعدة الانتخابية على حساب قضايا الشأن العام المحلي.
احتجاجات مستمرة
من ضمن المؤشرات الواضحة لفشل المجالس الجماعية بالشمال في ملفات التدبير المفوض، استمرار احتجاجات العمال والسكان المتضررين، حيث يقوم المسؤولون بتوزيع وعود هشة، لا تدوم سوى أسابيع أو شهور، وذلك لأن أسباب الاحتجاج ترتبط بتفعيل لجان المراقبة وتنزيل التدابير الكفيلة بالقطع مع الفوضى والعشوائية، وهو الشيء الذي تعجز عنه المجالس الترابية المعنية لغياب الكفاءات وتراكم الديون.
ومازال العديد من سكان أحياء مدن تطوان والمضيق – الفنيدق، مصرين على استمرار الاحتجاج على غلاء فواتير «أمانديس»، رغم أن الشركة المعنية أكدت على أن الأمر يتعلق بتغيير نمط الاستهلاك خلال فصل الصيف، حيث يتم استعمال آلات التبريد ويرتفع استهلاك الماء لاستعماله في أغراض متعددة، لذلك تعود الفواتير إلى متوسط الاستهلاك العادي والمألوف لكل زبون بعد دخول شهر أكتوبر من كل سنة.
وأثير خلال الأيام القليلة الماضية، جدل واسع حول عمل شركات المناولة بقطاع النظافة، بعد اعتصام العديد من عمال القطاع أمام مقر الجماعة الحضرية لمرتيل، احتجاجا على طردهم من العمل دون سابق إنذار، ما يهدد أسرهم بالتشرد والضياع، بسبب العجز عن تسديد واجبات الكراء واستهلاك الماء والكهرباء، وكذا المصاريف الضرورية المتعلقة بالمواد الغذائية الأساسية.
وذكر مصدر مطلع أن مشكل طرد العمال، يتعلق بعقد مؤقت مع شركة مناولة لها عقد بدورها مع شركة النظافة المكلفة بتدبير القطاع وفق بنود دفاتر التحملات الموقعة بين الأطراف، سيما وأن الذي جرت به العادة، هو تشغيل عمال موسميين بقطاع النظافة، من أجل الرفع من الجودة خلال العطلة الصيفية وضمان استمرار الخدمات بشكل عادي، لذلك لجأت شركة النظافة المكلفة إلى التعاقد مع شركة مناولة لتدبير هذا الأمر، وهو الشيء الذي يتسبب في مثل هذه المشاكل الحساسة والمتعلقة غالبا بالمعاناة الاجتماعية وتهديد الأسر بالتشرد والضياع، ما يتطلب من جميع المتدخلين المساهمة في الحلول وتجاوز مثل هذه الإكراهات.