أخنوش يرث تركة ثقيلة من بنكيران والعثماني
مع Télé Maroc
خلال الجلسة المشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، والتي خصصت لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2022، فجرت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، قنبلة من العيار الثقيل، عندما كشفت بالأرقام عن إخفاقات عشر سنوات من قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة لولايتين. وأبرزت الوزيرة أن معدل النمو لم يتجاوز خلال العشر سنوات الماضية 2,5%، ومعدل البطالة انتقل من 8,9% سنة 2011 ليتجاوز 12% بداية هذه السنة، كما انتقل معدل المديونية من 52,5% من الناتج الداخلي الخام إلى 76%. إذن يظهر من خلال الأرقام أن حكومة عزيز أخنوش ورثت تركة ثقيلة من حكومة عبد الإله بنكيران وحكومة سعد الدين العثماني، تنضاف لها ملفات اجتماعية حارقة مازالت عالقة.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
حكومتا «البيجيدي» أغرقتا البلاد بالديون الخارجية
كشف تقرير حول المديونية ضمن وثائق مشروع قانون المالية لسنة 2022، أن حجم دين الخزينة بلغ 832,6 مليار درهم، بزيادة قدرها 85,3 مليار درهم أو نسبة 11,4 في المائة، مقارنة بنهاية عام 2019 (747,3 مليار درهم).
وحسب مصدر الدين، يظهر تطور بنية دين الخزينة انخفاضا في حصة الدين الداخلي التي بلغت 76 في المائة نهاية سنة 2020، مقابل 78,4 في المائة نهاية سنة 2019، في حين عرفت حصة الدين الخارجي زيادة ﺑﻤقدار 2,4 نقطة لتستقر في حدود 24,0 في المائة، وهو ما يتماشى مع البنية المستهدفة للمحفظة المرجعية (70 في المائة – 80 في المائة دين داخلي و20 في المائة – 30 في المائة دين خارجي). وهكذا، فقد بلغ حجم الدين الداخلي 632,9 مليار درهم عند متم سنة 2020، بارتفاع قدره 47,2 مليار درهم أو نسبة 8 في المائة مقارنة بسنة 2019، فيما بلغ حجم الدين الخارجي 199,7 مليار درهم، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم أو نسبة 24 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. في حين بلغ حجم الدين الخارجي 199,7 مليار درهم، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم أو نسبة 24 في المائة مقارنة بالسنة المنصرمة.
وبالنسبة المئوية للناتج الداخلي الإجمالي، فقد عرف حجم دين الخزينة زيادة قدرها 11,6 نقطة مئوية، بعد أن استقر في حدود 65 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية، مسجلا بذلك 76,4 في المائة في نهاية عام 2020، مقابل 64,8 في المائة نهاية عام 2019. فيما بلغ مؤشر المديونية الداخلية 58,1 في المائة للناتج الداخلي الإجمالي و18,3 في المائة بالنسبة إلى المديونية الخارجية، مقابل 50,8 في المائة و14,0 في المائة في متم سنة 2019 على التوالي.
ويعزى ارتفاع حصة الدين الخارجي في محفظة دين الخزينة أساسا إلى إعادة التوازن، بما في ذلك التمويل الداخلي والتمويل الخارجي الذي هم استراتيجية ﺗﻤويل الخزينة، وذلك بغرض مواجهة تداعيات الأزمة على المداخيل الخارجية للبلاد، وكذا لتجنب اللجوء المكثف إلى الموارد المحلية، الشيء الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص، عوض توجيه ﺗﻤويلات القطاع البنكي نحو الاقتصاد لتعزيز انتعاشه.
أما في ما يتعلق بالدين الخارجي، فإنه يتكون من الدين الخارجي للخزينة والدين الخارجي المضمون وغير المضمون للمؤسسات والمقاولات العمومية وللمؤسسات المالية العمومية، وكذا الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة للجماعات الترابية وللمؤسسات ذات المنفعة العمومية.
وﺑﻤتم سنة 2020 بلغ حجم الدين الخارجي العمومي 374,6 مليار درهم، مسجلا ارتفاعا قدره 34,7 مليار درهم أو 10,2 في المائة، مقارنة مع المستوى المسجل لسنة 2019. أما في ما يخص مؤشر الدين الخارجي العمومي بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي فقد بلغ 34,4 في المائة، مسجلا ارتفاعا قدره 4,9 نقاط مئوية للناتج الداخلي الإجمالي مقارنة بسنة 2019.
ويحدث هذا التطور في سياق خاص يتسم بالآثار السلبية للأزمة الصحية المرتبطة بـ«كوفيد- 19»، ويفسره بشكل أساسي ارتفاع حجم الدين الخارجي للخزينة بحوالي 23,6 في المائة، وانخفاض حجم الدين الخارجي لباقي المقترضين العموميين بحوالي 1,9 في المائة.
وهكذا فقد انتقل حجم الدين الخارجي للخزينة من 161,6 مليار درهم نهاية سنة 2019 إلى 199,7 مليار درهم نهاية سنة 2020، مسجلا ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم. أما مؤشر الدين الخارجي للخزينة بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي، فقد بلغ نسبة 18,3 في المائة، بزيادة تقدر بـ4,3 نقاط مئوية من الناتج الداخلي الإجمالي، مقارنة بنهاية سنة 2019.
وفي ما يخص حجم دين باقي المقترضين العموميين، فقد عرف انخفاضا يقدر بـ3,5 ملايير درهم، حيث بلغ 174,9 مليار درهم، مقابل 178,4 مليار درهم سنة 2019. في حين سجل مؤشر الدين الخارجي بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي، تحت تأثير انكماش الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة 2020، ارتفاعا بـ0,6 نقطة مئوية مقارنة بالسنة الماضية، ليصل إلى 16,1 في المائة. ويعتبر هذا الارتفاع الأول من نوعه بعد سنتين من الانخفاض المتتالي.
وحسب وضعية الضمان، فبمتم سنة 2020 بلغت حصة القروض الخارجية المضمونة 73 في المائة من الدين الخارجي العمومي، دون احتساب دين الخزينة، أي بحجم دين يصل إلى 127,7 مليار درهم أو 11,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. أما بالنسبة إلى القروض غير المضمونة، فقد بلغ حجمها نهاية 2020 ما يقارب 47,2 مليار درهم (أو 4,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي)، مسجلا بذلك انخفاضا قدره 3,7 ملايير درهم مقارنة بنهاية 2019.
وتضمن تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات انتقادات وتوصيات تهم ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية، سيما اللجوء المفرط إلى الاقتراض الخارجي منذ سنة 2012، والذي تزامن مع السنة الأولى من عمر حكومة بنكيران. وكشف المجلس المذكور جملة من الاختلالات التي تهم المديونية الداخلية والخارجية، وأوصى السلطات العمومية بإرساء تأطير أفضل لمستوى المديونية، وإعادة النظر في تأطيرها المؤسساتي، وبالخصوص إقرار فصل بين مستوى التدبير التنفيذي للدين ومستوى اتخاذ قرار سياسة المديونية.
وذكر التقرير نفسه أنه منذ سنة 1993، تميز تدبير الديون بتبني مقاربة جديدة قائمة على توزيع جديد بني على الموارد الداخلية والخارجية، من أجل تقليص ثقل الدين الخارجي وتكاليفه للوصول إلى مستوى مقبول، وقد مكنت هذه المقاربة من تخفيض الدين الخارجي للخزينة من 80 في المائة من دينها الإجمالي سنة 1984 إلى حوالي 24 في المائة سنة 2012، حيث تم تعويض هذا الدين تدريجيا باللجوء المكثف إلى المصادر الداخلية، مما نتج عنه تزايد الدين الداخلي من 20 في المائة سنة 1984 إلى 76 في المائة من دين الخزينة سنة 2012.
ملف الأساتذة المتعاقدين جمرة حارقة ورثتها الحكومة
ورثت حكومة أخنوش ملفا ثقيلا من الحكومتين السابقتين، ويتعلق الأمر بملف الأساتذة المتعاقدين، حيث طالبت مختلف الفرق البرلمانية، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية المعروض على مجلس النواب، بإيجاد حل لهذا الملف، من خلال إدماج هذه الفئة في الوظيفة العمومية.
وفي رده، أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن التوجه الحالي، منذ الحكومة السابقة، هو اعتماد التوظيف الجهوي، مشيرا إلى وجود 100 ألف موظف متعاقد بـ208 مؤسسات وإدارات عمومية، وليس التعليم وحده، يكلفون 20 مليار درهم سنويا. وأكد لقجع أن الحكومة رفعت من الميزانية المخصصة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لتوظيف الأساتذة المتعاقدين، وسيتم اعتماد الصيغة نفسها في التوظيف بالنسبة لقطاع الصحة.
ومن بين التدابير التي اتخذت في عهد حكومة بنكيران، والتي أضحت مجال احتجاج ووقفات مستمرة وتجاذبات سياسية واحتقان متعدد الأشكال، مسألة تعاقد الأساتذة في إطار برنامج إصلاح منظومة التربية والتكوين، والتي تعرف أزمة لم يشهد المغرب مثيلا لها منذ الاستقلال، وخاصة في التعليم العمومي. فبالإضافة إلى الاكتظاظ وضعف البنية التحتية للاستيعاب وأزمة الموارد البشرية وضعف مناصب التشغيل ومشكل المناهج والبرامج المتجاوزة، دخل القطاع في أزمة هيكلية مستمرة بسبب اعتماد «التعاقد» في سياسة التوظيف لتغطية الخصاص في الموارد البشرية.
ويرى المهتمون بهذا الملف الحارق أن المشكل ليس في الصيغة التعاقدية في حد ذاتها، ولكن في الأجرأة سواء تعلق الأمر بالمتعاقدين من حيث حقوقهم وظروف عملهم وتكوينهم المستمر وتأهيليهم، أو من حيث اندماج العملية برمتها في مشروع الإصلاح في شموليته، والتي اتضح أنها غير واضحة المعالم وتميزت بكثير من التسرع، وخير دليل على ذلك الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والاعتصامات التي يخوضها الأساتذة المتعاقدون.
ونظم آلاف الأساتذة المتعاقدين، خلال السنوات الأخيرة، مسيرات احتجاجية بشوارع الرباط، من أجل مواجهة ما يصفونه بسياسة «الآذان الصماء» التي تقابل بها الوزارة الوصية مطالبهم، حسب الداعين للمسيرة، الذين رفعوا شعارات تطالب الوزارة بالتراجع عن «التعاقد» وإدماج الأساتذة في الوظيفة العمومية وفق الشروط والحقوق الاجتماعية في التقاعد والترقية والضمان الاجتماعي.
مشاكل وإضرابات قطاع التعليم، المرتبطة بالاحتجاجات الأخيرة، سواء للأساتذة المتدربين أو للمتعاقدين، تجد موضعها في القرارات التي اتخذتها الحكومتان السابقتان، برئاسة حزب العدالة والتنمية، حيث أصدرت الوزارة الوصية مرسوما للتوظيف بالتعاقد وقالت إن هذا المرسوم كفيل بحل المشاكل الكبرى التي يعانيها القطاع، وعلى رأسها مشكل قلة الموارد البشرية، في وقت اعتبرت نقابات التعليم، حينها، أن المرسوم المتعلق بالتشغيل بالعقدة المصادق عليه من طرف المجلس الحكومي في يونيو 2016، يشكل «هجوما جديدا خطيرا وعدوانيا على مكاسب القطاع العمومي بهدف تفكيكه وتصفيته وخوصصته»، حسب بيان مشترك صادر عن نقابات التعليم، قال إن المرسوم يمثل «استمرارا للعدوان الذي قادته الحكومة والمتمثل في المرسوم المتعلق بفصل التكوين عن التوظيف ومرسوم تقليص منحة الأستاذ المتدرب إلى النصف ومرسوم تمديد العمل قسريا وجبريا بعد سن التقاعد لنساء ورجال التعليم وحرمان الموظفين المستقيلين أو المشطب عليهم من الاستفادة من معاش نسبي أو مبكر ومرسوم نقل الموظفين».
وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول البرنامج الاستعجالي إلى التوظيف بالتعاقد لتغطية الخصاص من المدرسين، مشيرا إلى تجاوز التوظيفات الفعلية التي تمت خلال فترة تنفيذ المخطط الاستعجالي الحاجيات الأصلية التي حددتها الوزارة، وبالتالي فإن الخصاص في هيأة التدريس يعد ظاهرة بنيوية في نظام التعليم. وقصد سد هذا الخصاص، تم توظيف 54927 مدرسا بالتعاقد خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2018 ، وإلحاقهم مباشرة بالأقسام الدراسية، دون الاستفادة من التكوين المطلوب مما قد يؤثر سلبا على جودة التعليم. كما حذرت العديد من الفرق البرلمانية من الانعكاسات الاجتماعية لهذا القرار الحكومي الخطير الذي أشعل بؤر التوتر والاحتجاج بالعديد من المدن. ومن جهته، أبدى الاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة، كما النقابات، رفضه المطلق للمشروع المذكور، بعد اطلاعه على الشروط التي يتطلبها التعاقد بين الإدارة العمومية والخريجين حاملي الشواهد، عبر عقود قابلة للتجديد، دون أن يترتب عنها إدماج المتعاقد معه في أسلاك الوظيفة العمومية إثر نهاية الفترة المحددة، وعبروا عن رأيهم حيال المشروع، عبر بيان يؤكدون فيه أن الصيغة المقترحة لن تكفل الشفافية المطلوبة في التوظيف، حتى وإن تم قبولها.
نادية فتاح علوي فضحت كوارث حكومتي «البيجيدي»
فضحت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، أثناء تقديمها لمشروع قانون المالية لسنة 2022، في جلسة مشتركة عقدها مجلسا البرلمان، إخفاقات 10 سنوات من قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومتين السابقتين.
وقالت الوزيرة إن مشروع قانون المالية لسنة 2022 يتوخى تحقيق الانتقال من سياسات قطاعية غير منسجمة وغير متكاملة، إلى سياسات تؤطرها رؤية استراتيجية ونظرة عامة بأولويات وطنية واضحة. وأضافت أن هذا المشروع يرمي أيضا إلى التجاوب مع الانتظارات الأساسية للمواطنين على مستوى الصحة والتعليم والشغل واستعادة دينامية الاستثمار الخاص، وكذا مواكبة المقاولة الوطنية لاسترجاع عافيتها وتشجيعها على إحداث فرص الشغل، ومواصلة دعم الاستثمارات العمومية.
وحسب التوجهات العامة للمشروع التي عرضتها الوزيرة، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بـ3,2 في المائة، أخذا بعين الاعتبار تعافي الاقتصاد العالمي خاصة منطقة اليورو، واعتمادا على فرضية محصول للحبوب في حدود 80 مليون قنطار، وسعر غاز البوطان بمعدل 450 دولارا للطن، ومن المتوقع أيضا أن يتم تقليص عجز الخزينة برسم السنة المالية 2022 إلى 5,9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 6,2 في المائة برسم قانون المالية لسنة 2021.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة عازمة على تحقيق الأهداف التي حددها مشروع قانون المالية من خلال تسخير كل الوسائل والإمكانيات في إطار التعاون والتفاعل والحوار مع المؤسسة التشريعية وكل الفاعلين، معتبرة أن اللحظة الوطنية الفارقة التي يعيشها المغرب «تؤشر في شمولیتها إلى اكتمال شروط انتقال تاريخي على كافة المستويات : المؤسساتية، المالية ، الاقتصادية، الاجتماعية، والجيوستراتيجية».
وأبرزت في هذا السياق أن المملكة راكمت خلال 22 سنة، بقيادة الملك محمد السادس، إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية ينبغي استثمارها وتثمينها لبناء المستقبل، مشيرة، من جهة أخرى، إلى أن جائحة كوفيد 19 ساهمت في الكشف عن مواطن القوة والضعف في النسيج الوطني على كافة المستويات، وأظهرت بجلاء حجم الاقتصاد غير المهيكل وأوجه القصور في القطاعات الاجتماعية وضعف شبكات الأمان، «وهو ما يتطلب استخلاص الدروس والتعبئة من أجل تنزيل الإصلاحات التي أطلقها الملك وعلى رأسها تعميم الحماية الاجتماعية».
وأكدت الوزيرة أن انتشار فيروس كورونا شكل أزمة غير مسبوقة، وأضافت «غير أنه لابد من الاعتراف بأنها ليست وراء كل الإشكالات والنواقص الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادنا»، وأشارت إلى أنه لا ينبغي تحويل هذه الأزمة المستجدة إلى غطاء لإخفاء أزمات كانت قائمة قبل الجائحة، وتبرير الاختلالات التي راكمها نموذجنا الاقتصادي والاجتماعي طيلة عقد من الزمن. وفي هذا الصدد كشفت الوزيرة، أنه منذ عشر سنوات، لم تحرز بلادنا تقدما بوتيرة كافية تتماشى ومؤهلاتها، وقالت «بل إن وضعنا الحالي كان بإمكانه أن يكون أفضل لو كانت لدينا مناعة أكبر للتعامل مع الجائحة».
وأكدت الوزيرة على ضرورة التمييز بين اللحظة وبين تراكمات السنوات الماضية التي جعلت المغرب أقل فعالية في مواجهة انعكاسات الجائحة خاصة الاجتماعية منها، وكشفت أن السياسات الحكومية على مدى العشر سنوات الماضية، أنتجت إخفاقات اقتصادية واجتماعية أجهزت على المكتسبات التي حققها المغرب سابقا، وأصبحت عائقا للتنمية عوض أن تكون محركا لها، مشيرة إلى أن الجائحة أظهرت بجلاء حجم هذه الإخفاقات، ولعل أبرزها وزن القطاع غير المهيكل، وفشل مجموعة من البرامج الاجتماعية، وغياب الحماية الاجتماعية بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين.
وتحدثت الوزيرة بلغة الأرقام، وأبرزت أن معدل النمو لم يتجاوز خلال العشر سنوات الماضية 2,5 في المائة، ومعدل البطالة انتقل من 8,9 في المائة سنة 2011 ليتجاوز 12 في المائة بداية هذه السنة، كما انتقل معدل المديونية من 52,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام إلى 76 في المائة، وخلصت إلى أن جل المؤشرات تصب في اتجاه تكريس معالم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت على مر السنوات العشر الأخيرة، وأضافت «وما الاختباء وراء الانتعاش الذي بدت معالمه تظهر على الاقتصاد الوطني خلال بداية هذه السنة ونسبة النمو التي ستتجاوز 5,5 في المائة، إلا محاولة للتغطية على هذا الواقع»، وأوضحت في هذا الصدد، أن هذا الانتعاش راجع أولا إلى التدابير التي اتخذها الملك لإنعاش الاقتصاد، وثانيا إلى أثر السنة المرجعية 2020 التي عرف الاقتصاد خلالها انكماشا غير مسبوق بناقص 6,3 في المائة، إضافة إلى الموسم الفلاحي الجيد. وانطلاقا من هذه المعطيات، تعتبر الحكومة هذه المرحلة حاسمة لاستجماع القوى، واستلهام روح الذكاء الجماعي لكل القوى الحية للبلاد من أجل معالجة كل التراكمات السلبية، وتقديم البدائل التي يتوق إليها المواطنون في معالجة مشاكلهم وانشغالاتهم، وأكدت أن الحكومة معبأة بكل مكوناتها لرفع تحديات هذه المرحلة والتركيز على الأولويات لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي ومدمج.
حكومتا «البيجيدي» أغرقتا البلاد بالديون الخارجية
كشف تقرير حول المديونية ضمن وثائق مشروع قانون المالية لسنة 2022، أن حجم دين الخزينة بلغ 832,6 مليار درهم، بزيادة قدرها 85,3 مليار درهم أو نسبة 11,4 في المائة، مقارنة بنهاية عام 2019 (747,3 مليار درهم).
وحسب مصدر الدين، يظهر تطور بنية دين الخزينة انخفاضا في حصة الدين الداخلي التي بلغت 76 في المائة نهاية سنة 2020، مقابل 78,4 في المائة نهاية سنة 2019، في حين عرفت حصة الدين الخارجي زيادة ﺑﻤقدار 2,4 نقطة لتستقر في حدود 24,0 في المائة، وهو ما يتماشى مع البنية المستهدفة للمحفظة المرجعية (70 في المائة – 80 في المائة دين داخلي و20 في المائة – 30 في المائة دين خارجي). وهكذا، فقد بلغ حجم الدين الداخلي 632,9 مليار درهم عند متم سنة 2020، بارتفاع قدره 47,2 مليار درهم أو نسبة 8 في المائة مقارنة بسنة 2019، فيما بلغ حجم الدين الخارجي 199,7 مليار درهم، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم أو نسبة 24 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. في حين بلغ حجم الدين الخارجي 199,7 مليار درهم، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم أو نسبة 24 في المائة مقارنة بالسنة المنصرمة.
وبالنسبة المئوية للناتج الداخلي الإجمالي، فقد عرف حجم دين الخزينة زيادة قدرها 11,6 نقطة مئوية، بعد أن استقر في حدود 65 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية، مسجلا بذلك 76,4 في المائة في نهاية عام 2020، مقابل 64,8 في المائة نهاية عام 2019. فيما بلغ مؤشر المديونية الداخلية 58,1 في المائة للناتج الداخلي الإجمالي و18,3 في المائة بالنسبة إلى المديونية الخارجية، مقابل 50,8 في المائة و14,0 في المائة في متم سنة 2019 على التوالي.
ويعزى ارتفاع حصة الدين الخارجي في محفظة دين الخزينة أساسا إلى إعادة التوازن، بما في ذلك التمويل الداخلي والتمويل الخارجي الذي هم استراتيجية ﺗﻤويل الخزينة، وذلك بغرض مواجهة تداعيات الأزمة على المداخيل الخارجية للبلاد، وكذا لتجنب اللجوء المكثف إلى الموارد المحلية، الشيء الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص، عوض توجيه ﺗﻤويلات القطاع البنكي نحو الاقتصاد لتعزيز انتعاشه.
أما في ما يتعلق بالدين الخارجي، فإنه يتكون من الدين الخارجي للخزينة والدين الخارجي المضمون وغير المضمون للمؤسسات والمقاولات العمومية وللمؤسسات المالية العمومية، وكذا الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة للجماعات الترابية وللمؤسسات ذات المنفعة العمومية.
وﺑﻤتم سنة 2020 بلغ حجم الدين الخارجي العمومي 374,6 مليار درهم، مسجلا ارتفاعا قدره 34,7 مليار درهم أو 10,2 في المائة، مقارنة مع المستوى المسجل لسنة 2019. أما في ما يخص مؤشر الدين الخارجي العمومي بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي فقد بلغ 34,4 في المائة، مسجلا ارتفاعا قدره 4,9 نقاط مئوية للناتج الداخلي الإجمالي مقارنة بسنة 2019.
ويحدث هذا التطور في سياق خاص يتسم بالآثار السلبية للأزمة الصحية المرتبطة بـ«كوفيد- 19»، ويفسره بشكل أساسي ارتفاع حجم الدين الخارجي للخزينة بحوالي 23,6 في المائة، وانخفاض حجم الدين الخارجي لباقي المقترضين العموميين بحوالي 1,9 في المائة.
وهكذا فقد انتقل حجم الدين الخارجي للخزينة من 161,6 مليار درهم نهاية سنة 2019 إلى 199,7 مليار درهم نهاية سنة 2020، مسجلا ارتفاعا قدره 38,1 مليار درهم. أما مؤشر الدين الخارجي للخزينة بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي، فقد بلغ نسبة 18,3 في المائة، بزيادة تقدر بـ4,3 نقاط مئوية من الناتج الداخلي الإجمالي، مقارنة بنهاية سنة 2019.
وفي ما يخص حجم دين باقي المقترضين العموميين، فقد عرف انخفاضا يقدر بـ3,5 ملايير درهم، حيث بلغ 174,9 مليار درهم، مقابل 178,4 مليار درهم سنة 2019. في حين سجل مؤشر الدين الخارجي بالنسبة إلى الناتج الداخلي الإجمالي، تحت تأثير انكماش الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة 2020، ارتفاعا بـ0,6 نقطة مئوية مقارنة بالسنة الماضية، ليصل إلى 16,1 في المائة. ويعتبر هذا الارتفاع الأول من نوعه بعد سنتين من الانخفاض المتتالي.
وحسب وضعية الضمان، فبمتم سنة 2020 بلغت حصة القروض الخارجية المضمونة 73 في المائة من الدين الخارجي العمومي، دون احتساب دين الخزينة، أي بحجم دين يصل إلى 127,7 مليار درهم أو 11,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. أما بالنسبة إلى القروض غير المضمونة، فقد بلغ حجمها نهاية 2020 ما يقارب 47,2 مليار درهم (أو 4,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي)، مسجلا بذلك انخفاضا قدره 3,7 ملايير درهم مقارنة بنهاية 2019.
وتضمن تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات انتقادات وتوصيات تهم ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية، سيما اللجوء المفرط إلى الاقتراض الخارجي منذ سنة 2012، والذي تزامن مع السنة الأولى من عمر حكومة بنكيران. وكشف المجلس المذكور جملة من الاختلالات التي تهم المديونية الداخلية والخارجية، وأوصى السلطات العمومية بإرساء تأطير أفضل لمستوى المديونية، وإعادة النظر في تأطيرها المؤسساتي، وبالخصوص إقرار فصل بين مستوى التدبير التنفيذي للدين ومستوى اتخاذ قرار سياسة المديونية.
وذكر التقرير نفسه أنه منذ سنة 1993، تميز تدبير الديون بتبني مقاربة جديدة قائمة على توزيع جديد بني على الموارد الداخلية والخارجية، من أجل تقليص ثقل الدين الخارجي وتكاليفه للوصول إلى مستوى مقبول، وقد مكنت هذه المقاربة من تخفيض الدين الخارجي للخزينة من 80 في المائة من دينها الإجمالي سنة 1984 إلى حوالي 24 في المائة سنة 2012، حيث تم تعويض هذا الدين تدريجيا باللجوء المكثف إلى المصادر الداخلية، مما نتج عنه تزايد الدين الداخلي من 20 في المائة سنة 1984 إلى 76 في المائة من دين الخزينة سنة 2012.
ثلاثة أسئلة
عبد الحفيظ أدمينو*
*رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي – الرباط
«السياسات السابقة قد ترهن أجيالا والحكومة الحالية أمام فرصة إعادة النظر في عدد من المخططات»
ما العبء الاقتصادي الذي يواجه الحكومة الحالية من تبعات التدبير الحكومي السابق؟
تجب الإشارة، كما هو معلوم، إلى أن تدبير الشأن العام والسياسات العمومية، على مستوى العالم، لا يمكن أن ينحصر في ولاية معينة، وفي مدة زمنية محددة في خمس سنوات، وبالتالي هناك بعض القرارات وأيضا بعض المشاريع التي لا يمكن أن يكون هناك ظهور لآثارها الإيجابية في الولاية نفسها، إلا بعد مدة معينة أو في ولاية لاحقة، بمعنى أن الولاية اللاحقة هي التي قد تستفيد منها سياسيا..، هناك، أيضا، بعض القرارات التي قد تشكل عبئا على الحكومة اللاحقة. وفي هذا السياق، فالقرارات المرتبطة بالديون الخارجية لا ترهن فقط الحكومات بل يمتد أثرها إلى الأجيال اللاحقة، وهي ترهن أجيالا برمتها، وأي حكومة تكون على دراية بأن تدبير الشأن العام فيه هذا النوع من الإكراهات المرتبطة، أولا، بالهامش الذي يمنح لأي حكومة من أجل إعداد وصياغة سياسات عمومية جديدة، وربما الحكومة الحالية محظوظة من حيث أن عددا من المخططات الاستراتيجية، العابرة للزمن الحكومي، وصلت اليوم إلى مداها، ولعل المخطط الوحيد الذي مازال يمكن أن تشتغل فيه الحكومة الحالية، هو مخطط الجيل الأخضر، وبالتالي فالحكومة أمام فرصة مهمة من أجل إعادة النظر في عدد من المخططات والبرامج العمومية في عدد من المجالات، وهذا أمر إيجابي، ويبقى الإبداع الذي يمكن أن تساهم به الحكومة هو في ما يتعلق بالتمويل، وكذلك على مستوى التدبير والحكامة، واستحضار الأبعاد الجديدة في العملية التدبيرية.
هل توجد الحكومة الحالية في مواجهة الكلفة الاجتماعية الثقيلة للقرارات السابقة؟
الحكومة الحالية مطالبة بأن تكون حكومة اجتماعية بالأساس، في اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية وتدبيرها للسياسة العمومية، لأنه منذ دستور سنة 2011، تبين، بالفعل أن التوجه الأساسي اليوم، وهو ما أبانت عنه أيضا جائحة كورونا، هو المتعلق بالجانب الاجتماعي، وهو التوجه الأساسي الذي يمكن اليوم باستثماره من طرف الحكومة، وبالتالي فإن ورش الحماية الاجتماعية، اليوم، هو ورش مهم من خلال أنه سيشمل العديد من الحقوق الاجتماعية، كالحق في الشغل والحق في الصحة والحق في التقاعد، والحق في التعويضات العائلية، وهي كلها حقوق مرتبطة بالجانب الاجتماعي، وهي من بين المحاور الأساسية في الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، وأعتقد أن تدبير هذه الملفات الأساسية، بدون شك، سييسر من مأمورية الحكومة في تدبير الحوار الاجتماعي، وأيضا في ما يخص علاقتها بالشركاء الاجتماعيين.
ولا ننسى، كذلك، أن هذه الحكومة اليوم لديها تقارب وعلاقات مميزة مع «الباطرونا» وأرباب المقاولات، والنخبة السياسية، اليوم، لديها امتدادات اقتصادية، كما أن النخبة الاقتصادية يبدو أنها على علاقة طيبة مع الحكومة، ويبقى فقط إدماج الطرف الثالث، الذي يمثله الشركاء الاجتماعيون، الذين هم النقابات، في عملية المأسسة هذه، وبالتالي فحظوظ مأسسة الحوار الاجتماعي تبدو أسهل مما كانت عليه في السابق، وأتصور أن النتائج التي يمكن تحقيقها على المستوى الاجتماعي، هي اليوم النتائج التي من شأنها لا أن تساهم فقط في إنجاح هذه الحكومة، ولكن أيضا في إعادة الثقة للعملية السياسية أو في إشراك المواطن في تدبير الشأن العام، وهذا هو المؤشر المهم، أي أنه لما يلامس المواطن أثر العمل الحكومي، والبرامج الحكومية علاقة شغله، وصحته، وتعليم أبنائه، وبواقعه المعيشي، فهو، لا شك، سيسترجع الثقة في المؤسسات السياسية، ما سيعيد الجاذبية للعمل السياسي وتدبير الشأن العام بصفة عامة.
ماذا عن الأحكام القضائية في مواجهة الإدارة، والتي عرفت ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة؟
إن الملفات القضائية التي تواجه الدولة أمام المحاكم، وهي التي يكون الأفراد طرفا فيها، والتي غالبا تتعلق بتأدية مستحقات أو تنفيذ أحكام أو تعويضات عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، موجودة وتكون في أي ولاية حكومية، لكن الفرق الذي قد يكون يتمثل في ارتفاع عدد هذه الملفات أو انخفاضها، لأنه عند القيام بالمشاريع الهيكلية الكبرى، وخصوصا في ما يتعلق بالبنية التحتية، كالطرقات والسدود والطرق السيارة وخطوط السكك الحديدية، فمن الطبيعي أن تكون الحكومة في مواجهة قضايا نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، غير أن المهم في هذا الجانب، أو الذي يمكن أن تساهم فيه الحكومة، هو أن تستحضر في تكلفة المشاريع الكبرى، تكاليف نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وبالتالي إدماجها في العملية التدبيرية برمتها للمشاريع بالشكل الذي يقلل من النزاعات التي قد تنشأ ما بين الدولة والمواطنين وملاك هذه العقارات، بالإضافة إلى جانب آخر لا يقل أهمية، ويمكن أن تلتزم به الحكومة، وهو الالتزام بالأحكام القضائية، وإلى أي مدى تتفاعل الحكومة مع الأحكام الصادرة ضد الإدارة، وهذا سيكون من الأمور التي ستميز عمل الحكومة على مستوى الثقافة القانونية في المغرب.