افتتاحية الأخبار.. عزلة الجزائر
مع تيلي ماروك
لسنا في حاجة إلى إثبات دور الجزائر لعقود كمحرك للتوتر في قضية وحدتنا الترابية بالدسائس والمكر، لكن ما أظهره حكام قصر المرادية وأذرعهم الإعلامية والديبلوماسية في قضية الكركرات تجاوز كل الحدود والقواعد التي يفترضها الحد الأدنى من ثقافة حسن الجوار.
طيلة الأيام الثلاثة من الأزمة ظلت الآلة الديبلوماسية والإعلامية والعسكرية تنفث كل سموم الحقد والكذب والإشاعة تجاه بلدنا دون أدنى احترام للإرث المشترك في التاريخ والدين والجغرافيا واللغة. ويمكن رصد مواقف الجارة الشرقية المعلنة والخفية من خلال ثلاثة مؤشرات، المؤشر الأول هو السماح لجبهة بوليساريو بإعلان موقف عدواني يمس بالسلم والأمن الدوليين من فوق ترابها حيث سمحت أن تكون أراضيها منصة عدوانية لإعلان حالة الحرب على المغرب دون رد فعل، أما المؤشر الثاني فهو ما صدر عن الخارجية الجزائرية التي كالت الاتهامات الديبلوماسية للمغرب وتحميله المسؤولية عن جر المنطقة للحرب دون التزام قواعد الحياد الذي تسوقه إعلاميا، المؤشر الثالث هو تحامل التقارير الإعلامية التي ظهر أنها تكتب من محبرة واحدة من صنع الطغمة العسكرية التي ليس في مصلحتها إنهاء هذا النزاع المفتعل بل إنها على العكس تبحث عن خلق المزيد من المشاكل للتنفيس عن أزماتها الداخلية وبناء شرعية جديدة بعد أن استنزفت الشرعية الثورية والسلطوية رأسمالها.
في الحقيقة لم نكن ننتظر من دولة بذلت لعقود كل أموالها وجهودها للإساءة لبلد جار، غير ما فعل حكام الجزائر، لكن لم نكن نتوقع أن الدناءة والخسة ستصل إلى هذا المستوى من الانحطاط والانحلال والسقوط.
في لحظات متعددة كانت أمام المغرب فرص لتهديد استقرار الجزائر ودعم حركة الانتفاضة والحراك الشعبي، لكن أخلاق الدولة المغربية العريقة وما تفرضه من احترام لحسن الجوار كانت تقف حائلا دون القيام برد فعل مشروع، لكن حكام الجزائر مستعدون لفعل أي شيء للإضرار بمصالح بلدنا بدل استثمار الجهد لتنمية بلدهم سياسيا واقتصاديا.
نحن ندرك أن حكام الجزائر لا تهمهم شعارات تقرير المصير، الذي يطالب الشعب الجزائري نفسه بتطبيقها، ما يهمهم هو تصدير الأزمة والبحث عن منفذ للمحيط الأطلسي، ولذلك كان حكام الجزائر يمنون النفس برؤية مواقف دولية وإقليمية داعمة لما تبنوه من أساطير وأوهام، غير أن الذي حصل هو العكس تماما، التفاف من دول ومنظمات حول الموقف المغربي والتأييد لجميع الإجراءات التي اتخذتها الدولة المغربية والقوات المسلحة الملكية المغربية تنفيذا لتعليمات قائدها الأعلى الملك محمد السادس، بينما ظلت الجزائر تعض على أصابعها من العزلة التي وضعت نفسها فيها.