هكذا فقد البيجيدي الأغلبية بجماعة الفنيدق
مع الأخبار
بعد سنوات من تسيير الجماعة الحضرية للفنيدق، وإطلاق وعود انتخابية بالجملة من أجل تنمية المدينة والقيام بإصلاحات وإطلاق مشاريع كبرى، وخلق فرص الشغل وجلب الاستثمارات وتجويد الخدمات، استفاق سكان أحياء الفنيدق، من الوهم السياسي الذي روج له إخوان العثماني، وظهر من خلال مؤشرات واضحة فشل الأغلبية الهشة في تدبير مجموعة من المرافق الحيوية، إلى جانب الغرق في ديون شركات التدبير المفوض، والتخبط في مشاكل قطاعات روتينية، خارج أي إبداع في توفير الأجواء الملائمة لاستقطاب الاستثمارات أو الاجتهاد في تقليص الباقي استخلاصه والرفع من المداخيل.
ظهر من خلال الدورة الاستثنائية التي تم انعقادها، قبل أيام قليلة، بمقر الجماعة الحضرية، أن محمد قروق رئيس المجلس الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، فقد أغلبيته الهشة بسبب الاستغلال السياسي لملفات التسيير وقطاع النظافة، حيث قام أعضاء فريق التوأمة الذي أسس برئاسة أحمد خطار عن حزب التجمع الوطني للأحرار، بالتصويت ضد نقاط الدورة الاستثنائية واسقاطها، باستثناء نقطة واحدة تم التصويت عليها لأنها تخص برنامجا يتعلق بمشاريع شراكة لإصلاح البنيات التحتية بالأحياء الهامشية، وتدخل مجموعة من المؤسسات والوزارات لسد عجز المجلس وفشله بشكل ذريع في تسيير الشأن العام المحلي.
ويستمر حزب العدالة والتنمية بالفنيدق، في القيام بمناورات وممارسة ضغوط خفية على جميع أعضاء فريق التوأمة الجديد، حيث يتم التهديد بنشر ابتزاز النواب والمستشارين المعنيين للرئيس، على المواقع الاجتماعية من قبل أشخاص يملكون حسابات وهمية على «فيسبوك»، وهو الشيء الذي زاد من الشرخ الحاصل بين أحزاب الأغلبية الهشة، وانكشاف استخدام إخوان سعد الدين العثماني، «التقية» السياسية في صراعهم مع النواب الذين اختاروا الكشف عن استغلال قطاعات التعمير والنظافة والرخص والدعم الجمعوي من المال العام، في ترقيع القاعدة الانتخابية.
ومازالت النيابة العامة المختصة بابتدائية تطوان، تدرس شكايات مقدمة ضد أعضاء ومستشارين عن حزب العدالة والتنمية بالفنيدق، في ملفات اتهامات نواب ومستشارين عن أحزاب الحركة الشعبية وحزب التجمع الوطني للأحرار بابتزاز الرئيس، فضلا عن التحريض على الاحتجاج غير القانوني رغم إشعار المنع بقرار من وزارة الداخلية، ومحاولات تشويه سمعة المعارضين بنشر أخبار زائفة تتحدث عن اعتقالهم بتهم الاغتصاب والاتجار في المخدرات.
تحالف هش
سوق حزب العدالة والتنمية لتحالفه الهش بالفنيدق، مع أحزاب الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية، لكن سرعان ما ظهرت مؤشرات الكذب والاتهامات المتبادلة بالخيانة، يوم التصويت على الرئيس محمد قروق وتشكيل المكتب، حيث تم ايهام مستشار عن حزب الاتحاد الدستوري في المعارضة بحصوله على منصب نائب الرئيس مقابل التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية في الرئاسة، قبل الانقلاب على الوعود ومحاولة تبرير ذلك بخلافات داخلية، فضلا عن التلاعب في منح منصب كاتب المجلس وترك الغموض بشكل مقصود، إلى حين التصويت خوفا من أي مفاجآت غير سارة في السباق نحو الرئاسة.
وحسب مستشار عن مجلس الفنيدق، فإن الأحداث التي شهدتها دورة التصويت على الرئيس، ظلت تخيم على جميع الاجتماعات واللقاءات الداخلية للأغلبية الهشة، حيث عمدت الرئاسة إلى ترضية الخواطر على حساب المال العام من خلال توزيع سيارات جديدة والتغاضي عن ربط للمصالح الخاصة مع الجماعة، وتقريب النائب بلعيد السدهومي المطرود من حزب التقدم والاشتراكية من دوائر القرار، فضلا عن العلاقة القوية التي تربط بين الرئيس محمد قروق ورئيس قسم التعمير بالجماعة، وكذا بعض الموظفين الذين يلتزمون بالتعاطف مع «البيجيدي» تجنبا لأي تضييق بطرق ملتوية.
وأضاف المتحدث نفسه أن صراعات الأغلبية، استغلها حزب العدالة والتنمية من أجل احداث انقسامات داخل فرق الأحزاب داخل المجلس، حيث تم استقطاب مستشار عن حزب الاتحاد الدستوري في المعارضة، ودفع نائب عن حزب التجمع الوطني للأحرار لعدم الالتحاق بفريق التوأمة، فضلا عن الانقسام الحاصل في حزب الحركة الشعبية، وهي استراتيجية يعتمدها «البيجيدي» في رئاسته لمجموعة من المجالس بالشمال، بهدف الاستمرار في مناصب المسؤولية حتى ولو كان ذلك على حساب قضايا الشأن العام المحلي، سيما وأن الاستغراق في تصفية الحسابات الداخلية، يستحيل معه التوافق لخدمة مشاريع أو التفكير في جلب الاستثمارات والاجتهاد في تنزيل اصلاحات وتجهيز البنيات التحتية.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن أعضاء فريق التوأمة، صبروا كثيرا على استفراد الرئيس بالقرارات، واستغلال حزب العدالة والتنمية لكافة الملفات الخاصة بالتسيير في ترقيع القاعدة الانتخابية، لكن النقطة التي أفاضت الكأس خلال الأسابيع الماضية، هي استغلال قطاع التشغيل بشركة النظافة الجديدة نائلة الصفقة في إطار التدبير المفوض، إلى جانب تغييب المعلومة وتبادلها مع الدائرة الضيقة للمستشارين المستقطبين من أحزاب أخرى.
فشل التسيير
فشل حزب العدالة والتنمية في تسيير جماعة الفنيدق، بشكل واضح ومن خلال مؤشرات واضحة لا يمكن نكرانها أو التغطية عليها بطرح اكراهات وتبريرات تزيد الطين بلة، حيث تستمر احتجاجات سكان الأحياء على تراجع جودة الخدمات، واستفحال ظاهرة احتلال الملك العام، والتأخر الكبير في توسيع شبكات الطرق والماء والكهرباء العمومية وشبكة التطهير السائل، حيث يلجأ سكان العديد من الأحياء إلى استعمال حفر بطريقة بدائية لتجميع مياه الواد الحار، مع ما يشكل ذلك من تهديد بتلويث الفرشة المائية والتعارض مع أهداف المشروع الملكي لمعالجة المياه العادمة، واستعمالها في سقي المساحات الخضراء للاقتصاد في استهلاك المياه الصالحة للشرب، والتخفيف مع عبء الفواتير التي أثقلت كاهل ميزانيات الجماعات الترابية.
وخلال جولتها في العديد من الأحياء بمدينة الفنيدق، رصدت «الأخبار» مجموعة من مؤشرات الفوضى العارمة، المتعلقة باحتلال الملك العام بالشارع الرئيسي محمد الخامس، وداخل تجزئتي الأميرة وسيراميكا، وبالقرب من العديد من المؤسسات التعليمية باغطاس، حيث يتم استغلال الرصيف الخاص بمرور التلاميذ بشكل كامل وتعريض سلامتهم للخطر، ناهيك عن جدل قيام مقرب من حزب العدالة والتنمية بفتح موقف للسيارات داخل مساحة خضراء بحي الأميرة، واحتلال الرصيف من قبل أرباب مقاهي في واضحة النهار، ودون تدخل من المؤسسات المسؤولة.
وتلقت الجريدة مجموعة من الشكايات الشفوية والمكتوبة والعرائض المتعلقة، بغياب البنيات التحتية بالأحياء الهامشية كحي رأس الوطا وحيضرة واغطاس..، وحتى التي منحت فيها تراخيص للبناء من قبل مصالح الجماعة والوكالة الحضرية بتطوان، فضلا عن شكايات تتعلق بغياب الانارة العمومية رغم الشكايات المتكررة، وسط اتهامات للمجلس المسير بالقيام بتوسيع شبكة الكهرباء بناء على معايير الانتماء السياسي والقرب من بعض النواب، وليس تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المواطنين، طبقا لبنود الدستور الجديد للمملكة.
وقال محمد الهيشو، أحد سكان حي رأس الوطا، ان سكان الشارع المقابل لمستشفى الحسن الثاني، وضعوا شكايات بالجملة لدى مصالح الجماعة الحضرية والسلطات المحلية والعمالة، من أجل اصلاح الطريق التي تعيق وصول السيارات والراجلين وتجعل الحي في عزلة أثناء التساقطات المطرية، لكن لم يتم تنفيذ الوعود إلى حد الآن، في ظل الاستغراق في عد الاكراهات التي لم تغير من الواقع المر أي شيء.
وأضاف المتحدث نفسه أن الذي يستغرب له السكان الذين يعانون من الإقصاء والتهميش، هو استفادة أحياء جديدة من جميع البنيات التحتية والاهتمام بنظافتها وصيانة الكهرباء العمومية، مقابل اهمال شكايات وضعت منذ سنوات لدى مصالح الجماعة، وتم التذكير بها واللجوء إلى مصالح العمالة كسلطات وصية دون جدوى. وسبق وأثار مستشار عن حزب الإتحاد الدستوري بمجلس الفنيدق، خلال الدورة الاستثنائية التي تم انعقادها خلال الأيام القليلة الماضية، مشكل الانتقائية التي تتعامل بها الجماعة في إصلاح الطرق وتجهيز البنيات التحتية، حيث يتم اقصاء كافة الأحياء التي لا تصوت وتتعاطف مع حزب العدالة والتنمية، وكذا الأحياء التي يقطنها المستشارين الذين يعارضون سياسة المجلس.
مبادرات تضامنية
في ظل فشل المجلس الجماعي بالفنيدق، في تسيير الشأن العام المحلي، وعدم التفاعل مع الشكايات وفق السرعة والنجاعة المطلوبتين، وغياب مشاريع لتجهيز البنيات التحتية، يقوم العديد من سكان الأحياء المهمشة، طيلة الأيام القليلة الماضية، باطلاق مبادرات تضامنية لتنفيذ مشاريع إصلاح الطرق المتضررة، وذلك بعد جمع مساهمات مالية من قبل المتضررين والمتطوعين، الذين أحضروا مواد البناء وكل المستلزمات الضرورية، في غياب تام للجهات المسؤولة بالجماعة، والمصالح المكلفة بتجهيز البنيات التحتية وتعبيد الطرق، وكذا توسيع شبكة المياه العادمة والماء والكهرباء العمومية.
وحسب المتطوعين والمساهمين في إصلاح الطرق، فإن السكان المتضررين ملوا من التسويف والمماطلة وتنصل المجلس الجماعي بقيادة حزب العدالة والتنمية من مهامه، فضلا عن إهمال الشكايات الشفوية والكتابية، والانقلاب على الوعود الانتخابية المعسولة، لذلك بادر الجميع إلى جمع مساهمات وتنفيذ مشاريع إصلاح، سيما وقرب انتهاء الولاية الانتخابية والأزمة التي تتخبط فيها الميزانية
ويشتكي مجموعة من سكان الأحياء الهامشية، من غياب الطرق المعبدة، ما يجعل سكان الأحياء المعنية في عزلة تامة، عند التساقطات المطرية خلال فصل الشتاء، رغم وجودهم داخل المدار الحضري، حيث ترفض وسائل النقل الوصول إلى عين المكان، بسبب خوف السائقين من الأعطاب الميكانيكية التي تصيب سياراتهم، فضلا عن المعاناة مع الأوحال والأتربة.
هكذا إذا منح حزب العدالة والتنمية بالفنيدق، وعودا انتخابية بالجملة لسكان المدينة الساحلية، فضلا عن تأكيده على محاربة الفساد وتجاوز مشاكل وفوضى القطاعات غير المهيكلة، قبل أن يتفاجأ الجميع بتضاعف نسبة الفوضى والعشوائية، والاجتهاد في إحداث انقسامات داخل أحزاب المجلس، والعمل على استغلال التسيير في ترقيع القاعدة الانتخابية، وإهمال الشكايات والفشل في الاستجابة للمطالب الملحة حول تجهيز البنيات التحتية والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها مؤسسة الجماعة، طبقا للاختصاصات الموكولة إليها والقانون التنظيمي 113/14.
جمود المجلس
يعيش مجلس الفنيدق، جمودا تاما منذ الدورة الاستثنائية التي تم إسقاط نقاطها المبرمجة في جدول الأعمال، حيث يجري حزب العدالة والتنمية العديد من الاتصالات الخفية لترضية خواطر النواب والمستشارين الذين وقعوا على خروج فريق التوأمة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، إلى جانب استعمال الحسابات الوهمية على المواقع الاجتماعية، من أجل التهديد بنشر خبايا وكواليس يمكنها احداث ضجة لدى الرأي العام المحلي، وهو الشيء الذي قابله جميع الأعضاء المعارضين بدعوتهم إلى كشف كافة الأوراق التي يزعم البعض أنهم يتوفرون عليها، ورفضهم الابتزاز أو المساومة حول موقفهم من استغلال «البيجيدي» للتسيير.
وكشف مصدر مطلع أن من ضمن السيناريوهات المحتملة بعد جمود مجلس الفنيدق، واستمرار اسقاط كافة نقاط الدورات المنعقدة، مراسلة عامل الإقليم لرئاسة الجماعة الحضرية بشكل رسمي، لحل مشكل فقدان الأغلبية خلال مدة زمنية محددة، وفي حال الفشل في ذلك، يقدم محمد قروق رئيس المجلس اسقالته لإعادة تشكيل المجلس من جديد، أو تسجيل دعوى لدى المحاكم الإدارية المختصة لضمان استمرار عمل مؤسسة الجماعة، واستحالة استمرار اسقاط نقاط الدورات والجمود حتى موعد الانتخابات الجماعية المقبلة 2021.
وأضاف المصدر نفسه أن حزب العدالة والتنمية، حاول مغازلة حزب الأصالة والمعاصرة من أجل ترقيع أغلبيته الهشة، لكنه لم يفلح في ذلك، بالرغم من التحالف بين الحزبين على مستوى جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، والعديد من الجماعات الترابية بالشمال، حيث تشير كل المؤشرات في حال استقالة الرئيس محمد قروق أو حل المجلس بواسطة حكم قضائي إداري، إلى ترؤس حزب التجمع الوطني للأحرار للجماعة وتشكيل تحالف جديد.
وحسب المعلومات التي توفرت لـ «الأخبار» فإنه بالإضافة إلى جمود المجلس، تعاني الجماعة الحضرية من أزمة خانقة على مستوى الميزانية، بسبب تراجع المداخيل وارتفاع المصاريف، وغياب الاستثمارات التي يمكنها التخفيف من شبح البطالة، ناهيك عن الصراعات الداخلية التي استنزفت كل الجهود في استقطاب المستشارين من أحزاب أخرى، والنظر إلى التسيير من زاوية الغنيمة وتحقيق المكاسب والأجندات الشخصية الضيقة.
وسبق وناقش مجلس الفنيدق، مشروع ميزانية 2020 بحضور 13 عضوا فقط من أصل 35، حيث قاطعت المعارضة وأعضاء عن الأغلبية، جلسة المناقشة والتصويت بسبب ما اعتبرته فشل الأغلبية الهشة في التسيير والتخبط في التدابير الروتينية، فضلا عن الاحتجاج على تقديم ميزانية نسخة طبق الأصل للسنة الماضية، في ظل تراكم ديون شركات التدبير المفوض، وغياب المشاريع التنموية وتراجع جودة الخدمات بشكل أصبح يثير استياء وتذمر سكان الأحياء الهامشية والراقية على حد سواء. إلى ذلك عبر مجموعة من المواطنين، عن تذمرهم واستيائهم من غياب الرئيس المتكرر عن مكتبه، وتبريره ذلك بانشغالاته في المؤسسة التشريعية، فضلا عن استياء جمعويين من التمييز بينهم في الاستفادة من الدعم واللوجستيك الذي تتوفر عليه الجماعة، حيث سبق وتوصلت السلطات المحلية والإقليمية بشكايات متعددة في الموضوع.