8 مقترحات بـ250 مليارا
مع
انتهت، أمس (الأربعاء)، نصف الولاية التشريعية العاشرة والدورة الخامسة من الانتداب البرلماني الحالي، بدون معنى وبدون روح، وبدون أن تشكل أي لحظة سياسية فارقة في المشهد السياسي. وظهر جليا أن انتهاء دورة سياسية وبداية أخرى لا يهم المغاربة ولا يلقون له بالا، لأنهم لا يشعرون بأن استمرار الدورة أو توقفها يهم معيشتهم اليومية وأنه آخر موضوع قد يعيرونه أهمية في أجندة يومهم الشاق.
وبعيدا عن الانطباع السيئ لجزء كبير من المغاربة تجاه مؤسستهم التشريعية، فإن قراءة سريعة في منتوج نصف ولاية البرلمانية يؤكد التمثلات البسيطة للمغاربة حول ممثليهم، وأننا أمام برلمان لا يستحق ما يبتلعه من أموال دافعي الضرائب دون أن ينعكس ذلك على موائد وجيوب المغاربة.
القراءة السريعة تقول إن الحصيلة المسجلة في غاية التواضع التشريعي بسلة النصوص لا تتجاوز 140 نص قانون مصادقا عليه من طرف المجلسين، 60 في المائة منها عبارة عن اتفاقيات دولية أشرف عليها الملك.
والحصيلة نفسها تقول إن 515 برلمانيا كلفوا خزينة الدولة حوالي 250 مليار سنتيم لم ينجحوا سوى في إقناع الحكومة بثمانية مقترحات قوانين بسيطة لا تتجاوز تعديل مادة أو مادتين في نصوص موجودة.
وتخبرنا أرقام الحصيلة المتواضعة أن البرلمان عاش سنة بيضاء بسبب «البلوكاج» الحكومي الذي دبره بنكيران قبل أن يحال على تقاعد بمعاش 7 ملايين، وأن تلك السنة البيضاء كلفت ميزانية الدولة 90 مليار سنتيم دون أن يقوم ممثلو الأمة بأي عمل تشريعي أو رقابي.
المغاربة لا يطلبون برلمانا مثاليا مثل ذلك الذي يوجد في الدول الإسكندنافية، فنحن لسنا جماعة من الحالمين، ونحن نعلم أن طبيعة النظام الانتخابي والطرق الملتوية لمنح التزكيات داخل الأحزاب ودور المال السياسي والاتجار بالدِّين في تحديد مصير من سيدخل القبة، لن تقود إلا إلى صنع برلمان متواضع غير قادر على فعل شيء، لكن ليس بهاته الصورة الهشة التي جعلت من وجوده كعدمه.
ليس لنا من سبيل من أجل إعطاء معنى سياسي ودستوري لهاته المؤسسة التي ارتقى بها الدستور إلى سلطة، سوى إعادة النظر في القنوات الحزبية والقانونية التي تسمح بصناعة برلمان جيد، وإلى ذلك الحين فإن الواقع المرير الذي يعاني منه برلماننا يفرض على السادة ممثلي الأمة التخلي عن جشعهم واستهتارهم وأنانيتهم، والتحلي بثقافة الواجب واحترام المهمة الانتدابية على الأقل، حتى لا نصل إلى قناعة أن عدم وجود برلمان أصلا أفضل من وجوده على الورق فقط.
تنشر بالاتفاق مع جريدة "الأخبار" الورقية