الأحكام القضائية تستنزف خزينة الدولة بمبالغ تفوق 325 مليارا
مع
أعلنت وزارة العدل أنه، مع نهاية سنة 2018، تم تسجيل رقم قياسي جديد على مستوى مبالغ التنفيذات المالية للأحكام الصادرة عن مختلف المحاكم الإدارية ضد الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية خلال سنة واحدة، حيث تجاوز المبلغ 325 مليار سنتيم، وذلك بارتفاع بنسبة 5,5 في المائة مقارنة مع سنة 2017 وزيادة أكثر من 180 مليون درهم.
وأفاد بلاغ صادر عن الوزارة، بأن أعلى مبلغ سجل على مستوى المحكمة الإدارية بالرباط، حيث بلغ مجموع المبالغ المالية المنفذة خلال سنة 2018 ما مجموعه 218 مليار سنتيم، بزيادة بنسبة 4,26 في المائة مقارنة مع سنة 2017، أي بارتفاع يزيد عن 93 مليون درهم. وأوضحت الوزارة، أن هذه الأرقام تبرز المجهودات المبذولة على مستوى المحاكم الإدارية بمختلف ربوع المملكة من قبل السادة المسؤولين القضائيين والإداريين ومختلف المتدخلين على مستوى كتابة الضبط بهذه المحاكم، كما تبرز المجهود الكبير الذي تبذله الدولة للرفع من قيمة التنفيذ، وهو ما يكرس مبدأ المساواة أمام القانون.
من جهته، أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا حول تقييم تدبير المنازعات القضائية للدولة. وخلُص التقرير إلى أن المعدل السنوي لعدد الدعاوى المرفوعة ضد الدولة يناهز 30 ألف قضية، وأن ما يناهز نصف الدعاوى المرفوعة ضد الدولة يتعلق بالطعن بالإلغاء وبالاعتداء المادي، نتيجة للجوء بعض الإدارات إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع معينة، دون سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة أو مسطرة نزع الملكية. ووصلت المبالغ المحكوم بها من طرف محاكم المملكة على الدولة، خلال الفترة من 2006 إلى 2013، فيما يخص الاعتداء المادي، إلى ما يقارب 4,5 مليارات درهم، تخص أساسا قطاعات التربية الوطنية والتجهيز والنقل والداخلية.
ومن أهم الخلاصات التي وقف عليها التقرير، أيضا، غياب استراتيجية لتدبير منازعات الدولة على مستوياتها الأساسية، وهي الوقاية من المنازعات والحلول البديلة لفض المنازعات وتدبير المنازعات القضائية. وسجل التقرير، من خلال الاطلاع على الإحصائيات المتعلقة بالمنازعات القضائية للدولة، أن المعدل السنوي للقضايا المسجلة أمام المحاكم، يناهز 30 ألف قضية، مشيرا إلى أن الإحصائيات المتعلقة بمديرية أملاك الدولة والخزينة العامة للمملكة غير شاملة، حيث وقف المجلس على صعوبة حصر هاتين المديريتين لعدد الدعاوى القضائية التي تكونان فيها طرفا.
وأشار التقرير إلى أن منازعات الدولة تتسم بالتنوع وتقوم الوكالة القضائية بالدفاع عن أغلب أنواع قضايا الدولة باستثناء النزاعات التي تكون طرفا فيها مديرية أملاك الدولة والمديرية العامة للضرائب والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة، وهي نزاعات متعلقة بمجال اختصاص كل من هذه المديريات، مسجلا أن ما يناهز نصف الدعاوى المرفوعة ضد الدولة تتعلق بمسؤولية الدولة وبالطعن بالإلغاء. وبسبب غياب البرمجة والضبط الدقيقين لحاجيات الدولة للعقار، تلجأ الإدارة لوضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع عمومية، إلا أن وضع اليد هذا يتم في غالب الأحيان في غياب مسطرة الاقتناء بالمراضاة ودون سلوك مسطرة نزع الملكية المنصوص عليها قانونا، وهذا ما يعرف بالاعتداء المادي على الملكية العقارية. ويتسبب هذا السلوك في نشوب العديد من المنازعات القضائية التي تفضي إلى إثقال كاهل الخزينة جراء المبالغ المهمة التي يحكم بها ضد الدولة.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بإعادة النظر في طبيعة ومكانة الوكالة القضائية للمملكة من أجل أن تتبوأ الموقع الذي يؤهلها للقيام بوظائف التنبيه والإشراف على عمليات الصلح وتوحيد استراتيجية الدفاع القضائي عن مصالح الدولة، ومنحها الاستقلال اللازم والكفيل بتمكينها من ممارسة اختصاصاتها، وفق ما يقتضيه التخصص والطابع التقني والمهني لمهامها. وبالنظر إلى الاختصاصات الموكولة حاليا للوكالة، يقترح المجلس توسيع هذه الصلاحيات لتمكينها من مباشرة وتدبير منازعات الدولة على وجه أفضل، وكذا تجاوز المعيقات والعراقيل التي رصدها المجلس.