بعد فاجعة تارودانت.. الترخيص بإنشاء مشاريع بجانب مجرى واد بسطات ينذر بكارثة
مع
فتحت فاجعة ملعب تزيرت بإقليم تارودانت النقاش في أوساط الشارع السطاتي، منذ الأربعاء الماضي، بعد الوقوف على فضيحة منح السلطات المختصة لتراخيص البناء لإقامة ملاعب رياضية وفضاءات ترفيه ومساكن ورخص لسياجة هذه المرافق، إلى جانب ترخيص بناء مشاريع كبرى تتضمن وحدة فندقية ومحلات تجارية ومقاه وملاهي أطفال وغيرها من المنشآت، غير بعيد عن مجرى وادي بوموسى الذي يخترق مدينة سطات.
هذا الوضع عاد بأذهان قاطني المدينة إلى فيضانات الواد سنة 2002، حيث شهدت فيضانات مدمرة وسيولا جارفة خطيرة ما زالت آثارها محفورة في ذاكرة سكان سطات، مخلفة 40 غريقا، وقبلها فيضانات سنة 1995 وسيول فيضانات ستينات القرن الماضي.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"تيلي ماروك" عن معطيات خطيرة حول ملابسات تجاهل إدارة الوكالة الحضرية بسطات الدراسات المنجزة، والتي على إثرها اعتبرت مسار مجرى واد بوموسى بالمدخل الجنوبي سواء من أسفل المنطقة الصناعية على طول طريق مراكش بأنها منطقة فيضانات، ومع ذلك رخصت السلطات بإنشاء مصانع عملاقة مثل "روكا" ومبان إدارية مختلفة كـ"مركز الوقاية المدنية" ومعهد التكوين المهني ومقر المديرية الجهوية للتكوين مع مصلحة "أونسا" فوق مجرى الواد، إذ تعاقبت عليها عدة فيضانات خلفت خسائر كارثية متنوعة، ومع ذلك ما زالت سلطات سطات مستمرة في إعطاء تراخيص مختلفة بهذه المنطقة، كما هو الحال بحي البطوار الذي يمر منه واد بوموسى، حيث أقدم أحد المستثمرين على بناء مركب سياحي على ضفة بحيرة البطوار دون احترام المسافة بين الواد وجدار المشروع.
كما سلمت تراخيص بالبناء في الجهة المؤدية إلى طريق البروج بإقامة تجمعات سكنية وتجزئات عمرانية على طول سرير واد بوموسى في اتجاه وسط المدينة، التي اجتاحتها سنة 2002 سيول قوية خلفت خسائر كارثية في الممتلكات والأرواح، وإن كانت هذه السيول أقل من مثيلتها بدائرة إغرن بإقليم تارودانت، فإن الأكثر خطورة هذه المرة إعطاء سلطات سطات تراخيص جديدة على عهد العامل السابق لإقامة مشروع بناء فضاء تجاري، الذي يتضمن وحدة فندقية ومقاه ومحلات تجارية جزء كبير منها قيد الإنشاء حاليا فوق سرير وضفاف مجرى واد بوموسى.
وكشف المصدر عن خطورة الأمر من خلال منح رخصتين لإقامة ملاعب رياضية وفضاءات ترفيه وبناء مساكن وملاهي ألعاب أطفال وفضاءات استجمام، بحيث تعرف أشغال تهيئتها رمي ملايين أطنان من مواد الردم بغية "تغيير تضاريس" سرير ومجرى واد بوموسى، وإعدام الغابة الحضرية بالمدخل الشمالي.
وأضاف المصدر نفسه أنه إذا ما شهدت المنطقة عواصف قوية وسيولا جارفة مثل ما حصل بدائرة إغرن بإقليم تارودانت، أو أكثر منها موازاة مع أنشطة رياضية أو أيام استجمام في العطل والمناسبات فإن ذلك سيتسبب في كارثة، علما أن المنطقة تم تصنيفها "ملكا مائيا عاما" بمنظور وكالة الحوض المائي لأبي رقراق، ومصنفة منطقة فيضانات وفق مرسوم التهيئة المجالية رقم 2-12-202 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6052 بتاريخ 31 ماي 2012 ، ومع ذلك أشرت اللجان المكلفة بدراسة المشاريع بالموافقة على إنجازها "كاملة" فوق مجرى سرير واد بوموسى، ما يطرح أسئلة كثيرة عن رأي الوكالة الحضرية تحديدا بصفتها تتمتع بصلاحيات إلزام الإدارات والمستثمرين بالتقيد الصارم بقانون حماية الملك العام المائي، وحماية السكان والممتلكات من الكوارث الطبيعية بعدم التأشير لها بالموافقة على إقامة مشاريع وتحت أي ظرف، طالما أنها تشكل خطورة على الأمن العام وتعرض المواطنين ومصالحهم للمخاطر.