الرميلي: الوضع الصحي بجهة البيضاء مقلق والأطر الصحية أصابها الإنهاك واستهتار المواطنين غير مقبول
مع تيلي ماروك
على الرغم من إجراءات الإغلاق التي فرضتها السلطات المحلية لتطويق انتشار فيروس كورونا بالدار البيضاء، ما زالت العاصمة الاقتصادية للمملكة تحتل الصدارة في عدد الإصابات اليومية، ومعها ترتفع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد بشكل يومي على مستوى الجهة، في حين يواجه القطاع الصحي المزيد من الضغط، مع بلوغ عدد الحالات الجديدة المسجلة بشكل يومي بمدينة الدار البيضاء حاجز الألف إصابة، وهي المعطيات التي اعتبرها البعض أرقاما تؤشر على فشل الجهات الوصية وعلى الخصوص التابعة لوزارة الصحة في احتواء الوباء بالعاصمة الاقتصادية للمملكة.
في هذا الحوار مع الدكتورة نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية للصحة بجهة الدار البيضاء-سطات، نستجلي تفاصيل الوضعية الصحية بالجهة، وواقع مواجهة القطاع الصحي اليومي مع وباء «كورونا».
ما وضعية الحالة الوبائية بجهة الدار البيضاء سطات؟
الوضعية الوبائية في جهة الدار البيضاء سطات تكشف عنها الأرقام المعلنة من طرف وزارة الصحة على الصعيد الوطني، ويمكن القول بهذا الخصوص إن الوضعية الصحية ارتباطا بانتشار وباء «كوفيد 19» مقلقة، حيث إن الأرقام في تزايد مستمر، وهو أمر مرتبط أساسا بعدة عوامل وخصائص تمتاز بها جهة الدار البيضاء سطات عن باقي الجهات في المغرب، لكونها في الباب الأول الجهة الأولى من حيث عدد السكان، بمدينة الدار البيضاء، التي تعد القلب النابض للمغرب والتي تشهد حركية كبيرة من السكان، والمعلوم أيضا أن فيروس «كورونا» ينتشر بشكل أكبر مع حركية الساكنة وفي المناطق المكتظة، وهذا هو العنصر الذي يميز بالتحديد مدينة الدار البيضاء التي هي كما أشرت قلب الجهة والمغرب النابض.
ما العناصر الأخرى وراء ارتفاع عدد حالات الإصابات الجديدة بكوفيد 19 في جهة البيضاء سطات والتي تجاوزت حاجز الألف إصابة ؟
بالإضافة إلى ما ذكرت لك من أمور تمتاز بها جهة الدار البيضاء سطات، وتحديدا المرتبطة بالكثافة السكانية، يمكن الإشارة إلى جانب مهم جدا وهو المرتبط بعدد التحاليل المخبرية التي يتم إجراؤها بالجهة مقارنة مع باقي جهات المملكة، حيث نقوم بشكل يومي بإجراء أزيد من 7 آلاف تحليلة على مستوى الدار البيضاء، وهو الرقم الذي يعتبر كبيرا بالمقارنة مع عدد التحاليل التي يتم إجراؤها في باقي الجهات، فمستشفى ابن رشد الجامعي ومعهد باستور لديهما سعة 2000 اختبار يوميًا، بالإضافة إلى باقي المستشفيات العمومية والمختبرات الخاصة التي تجري آلاف التحاليل يوميا، لذلك فمن الطبيعي جدا أن يتم تسجيل هذه الأعداد من الإصابات، خصوصا أن مميزات مرض «كوفيد19» أنه قد لا تظهر على المصاب أعراض، لذلك فإذا ربطنا كل هذه العناصر، نجد أنه من المنطقي تسجيل هذه الأعداد من الإصابات اليومية.
هل هناك انتشار كبير لفيروس كورونا في جهة الدار البيضاء سطات مقارنة مع باقي الجهات؟
كما أشرت، يمكن الاستناد إلى الأرقام التي لدينا كي أؤكد لك أنه عن كل 100 ألف نسمة، هناك 10 في المائة من حالات الإصابة بالوباء، وهو ما يمثل معدل الإصابة على مستوى الجهة، دون إغفال أن هذه ال10 في المائة من الحالات الإيجابية قد تكون على دراية بمرضها وتتلقى العلاج فعلا، أو غير ذات دراية بمرضها وبالتالي تساهم في انتشاره أكثر، لذلك فمن غير السليم القول إن جهة الدار البيضاء سطات لم تستطع احتواء الوباء أو أنها فشلت في محاربته على عكس باقي الجهات التي تسجل عددا قليلا من الإصابات.
ما نسبة الحالات الخطيرة والتي تستوجب العناية المركزة من مجموع الحالات المسجلة يوميا بجهة الدار البيضاء ؟
يمكن الإشارة، إلى أن عدد الحالات الحرجة على مستوى الدار البيضاء تبلغ ما يقرب 5 في المائة من الحالات المستجدة بشكل يومي وهي التي تتطلب الإنعاش أو العناية المركزة، كما يمكن التأكيد أيضا على أن حوالي 20 في المائة من التحاليل المخبرية للكشف عن مرض «كوفيد 19» في جهة الدار البيضاء سطات تكون إيجابية، وهو ما يترجم الوضعية المقلقة التي ما فتئنا ننبه إليها.
هل الأمر ينطبق أيضا على حالات الوفيات؟
يبلغ المعدل التراكمي لحالات الوفيات بجهة الدار البيضاء سطات أزيد من 651 حالة وفاة تراكمية منذ ظهور كوفيد 19 في مارس، غير أنه بالرجوع إلى المعطيات المتعلقة بالسن بالنسبة لحالات الوفيات، نشير إلى أن 65 في المائة من المتوفين يفوق سنهم 65 سنة، كما أنه بخصوص النوع فـ70 في المائة منهم ذكور، في مقابل 30 في المائة من الإناث، أما بخصوص أولئك الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا، فيبلغ معدل الوفيات في أوساطهم 22 في المائة. يمكن تفسير هذه النسبة المرتفعة لوفيات في أوساط المسنين إلى تواجد عاملين، هما عامل السن بالدرجة الأولى بالإضافة إلى الإصابة بأمراض مزمنة، وهما العنصران اللذان يرفعان من نسبة الإماتة بالنسبة لهذه الفئة.
ماذا عن تتبع الحالات المصابة والمخالطين لها ؟
إن المصالح الصحية تعمل بشكل يومي على تحيين لائحة المخالطين بعد تسجيل الحالات المصابة، حيث تم التواصل مع هؤلاء المخالطين المحتمل إصابتهم بالعدوى، ويتم توجيههم للمراكز الصحية العلاجية، والتي تقوم بدورها بتوجيه الحالات المحتملة المرجعية، حيث يتوافر 16 مركزا صحيا مرجعيا على مستوى جميع العمالات التابعة للجهة، وهذه المراكز هي التي يتم فيها استقبال الحالات المحتملة وإجراء الفحوصات الطبية لها، ووفي الحالات التي تظهر عليها أعراض، يتم فعليا الشروع في إجراء العلاج.
هذا بالإضافة إلى المسار العادي المتمثل في التوجه التلقائي للحالة المحتملة للمختبرات الخاصة التي تتوفر على تراخيص لإجراء تحاليل كورونا، أو المراكز العلاجية لإجراء الفحوص، ويتم التأكد من الإصابة وحينها مباشرة العلاج.
كيف يتم إشراك المختبرات الخاصة في مواجهة الوباء ؟
يجب التأكيد أولا على أهمية أعداد التحاليل المخبرية التي يتم إجراؤها يوميا من أجل الكشف عن مرضى كوفيد19، وكما أشرت فإن جهة الدار البيضاء سطات تجري بشكل يومي ما يفوق 7000 تحليلة، وهو رقم مهم بالمقارنة مع باقي الجهات.
لقد عملت وزارة الصحة على إشراك المختبرات الخاصة في عملية تشخيص حالات الإصابة بالوباء، وقد تلقينا في الجهة عشرات الطلبات من المختبرات الخاصة للحصول على تراخيص من أجل إجراء هذا النوع من التحليل، فبالإضافة إلى 24 مختبرا التي تجري التحاليل الخاصة بالكشف عن الوباء على مستوى الجهة، مازلنا نتلقى المزيد من الطلبات من مختبرات خاصة، ويمكنني أن أؤكد لك اليوم أن هناك 13 طلب من مختبرات خاصة إضافية لإجراء تحاليل الكشف، وهذا أيضا من شأنه الرفع أكثر من عدد التحاليل التي يتم إجراؤها على صعيد الجهة وبالتالي ارتفاع الحالات المكتشفة.
ماذا بخصوص وضعية المستشفيات العمومية بالجهة ؟
ما يمكن تأكيده في هذا الجانب، هو أن الأجنحة المخصصة لعلاج حالات كوفيد 19، لم تبلغ حالة الامتلاء الكامل، حيث إنه على مستوى الجهة هناك أكثر من 3000 سرير مخصص لمرضى كوفيد -19 ، بما في ذلك 300 منها في أقسام الإنعاش العناية المركزة، وفي الوقت الحالي، لم يتم استخدام السعة الإجمالية لهذه الأسرة، والمصالح الصحية تحاول التأقلم مع الوضع حسب عدد الحالات التي ترد على المستشفيات، إذ أنه كلما تم تسجيل ارتفاع في عدد الحالات الحرجة يتم العمل على فتح أقسام إنعاش ومستعجلات إضافية، والأطقم الطبية والشبه الطبية تباشر عملها بشكل متواصل، وقد تم مؤخرا تخصيص مستشفى بوافي لاستقبال وعلاج حالات الإصابة بكوفيد 19، كما نعمل على تخصيص أسرة إضافية على مستوى مستشفى مولاي يوسف تحسبا لارتفاع في عدد الحالات، ويمكنني أن أوكد لك في هذا السياق أن هناك عملا دائما على التأقلم مع الوضع الصحي على مستوى الجهة والاستجابة لتطورات الحالة الوبائية.
ماذا عن وضعية الأطر الصحة بالجهة؟
إن الأطر الصحية على مستوى الجهة قد بلغت مرحلة إرهاق، هناك عمل دؤوب استمر لعدة أشهر، وبالتالي فلا يمكن تحميل الأطر الطبية وشبه الطبية مسؤولية عدم احترام المواطنين للإجراءات الوقائية، ولا يمكن أن يمارس بعض المواطنين حياتهم العادية، وكأن «كورونا» لم يعد له وجود، وهم يعملون على نشر الوباء، في المقابل نلقي اللوم على الأطر الصحية في حال ارتفاع حالات الإصابة، بل هي معركة ضد الفيروس الكل شريك فيها، والقطاع الصحي واحد من الشركاء، وهناك مواطنون لا يأخذون التدابير الصحية على محمل الجد، وهذا غير مقبول، وقد تابعنا كيف خرج المئات من الشباب للاحتجاج في الشارع عقب مباراة لكرة القدم، وهذا ستكون له عواقب وخيمة قد لا تنعكس على هؤلاء الشباب تحديدا بل على أسرهم والأشخاص الذين هم في وضع هشاشة، فقد يبدو عاديا أن هناك بعض التراخي والعياء في الاستمرار بالأخذ بالتدابير الاحترازية، وذلك بعد فترة الحجر الصحي الأولى، غير أن الأمر مهم جدا، على اعتبار أن حالات الإصابات قد تهدد حياة أناس من أعزائنا وأقاربنا، خصوصا كبار السن ومن هم في وضع صحي هش، ولم يعد يخل بيت مغربي من هذه الفئات، والتي هي المهددة الأولى بهذا الوباء، لذلك حبا فيهم، يجب التشمير على ساعد الجد واحترام التدابير الوقائية إلى أقصى حد.
ما وضعية المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض أو الذين يخضعون للعزل الذاتي ؟
يشار إلى أن بعض الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض، ولكنهم مرضى القلب أو السكري أو كبار السن، يخضعون للاستشفاء في المستشفى لأنهم أكثر عرضة للإصابة بشكل خطير، غير أنه من بين إجمالي الحالات المسجلة في الجهة، يخضع 62 في المائة منهم للعزل المنزلي الذاتي، ويتم تتبع هذه الحالات بخصوص الخضوع للبرتوكول العلاجي، حيث يخضعون للمراقبة والكشف، كما أن المستشفيات الميدانية الموجودة في كل من الجديدة وبنسليمان ومنطقة المعارض بالدار البيضاء، مكرسة لاستقبال المرضى الذين ليس لديهم إمكانية عزل أنفسهم في المنزل، كما تشترك هذه المركبات الثلاثة في سعة إجمالية تبلغ 2000 سرير، وهي غير ممتلئة بشكل كامل حاليًا، على اعتبار أن حالات أخرى نشطة تخضع للعزل المنزلي، وهم من تتوفر لديهم هذه الإمكانية. وتتابع المصالح الطبية هذا الأمر بشكل دوري كما أشرت، لذلك يتم متابعة المريض بالهاتف كل يوم، إذا لم تتدهور حالته، فيتم إعلان شفائه في اليوم السابع، غير أنه يجب أن يظل معزولًا، أي محصورًا، لمدة 7 أيام إضافية لتجنب أي عدوى، لتكون بذلك مدة العزل في المجموع هي 14 يومًا، وهذا مكننا من تخفيف العبء أكثر على المستشفيات العمومية ومصالح العلاج «كوفيد19».
أين وصل التعاون مع المصحات الخاصة في علاج مرضى كوفيد 19؟
إن القطاع الخاص يشتغل بتعاون مع وزارة الصحة على دعم المنظومة الصحية في الجهة، حيث إن هناك 10 مصحات خاصة على مستوى مدينة الدار البيضاء تقدم العلاجات لمرضى كوفيد 19، وقد كانت هناك زيارات لتلك المصحات وتتبع عملها، خصوصا في ما يتعلق بالعزل بين مرضى كوفيد 19 وباقي المرضى الذين يلجون تلك المصحات الخاصة للعلاج، كما ساعد أيضا اقتناء مصحة الزيراوي التابعة للضمان الاجتماعي، وقد وضعت رهن إشارة وزارة الصحة، وتم تخصيصها بالكامل لأقسام الإنعاش والعناية المركزة، ويشتغل بها أطباء القطاع الخاص، إلى جانب أطباء من القطاع العام كذلك.
كما أن هناك تعاون كامل وتنسيق على مستوى تبادل المعطيات، بخصوص المرضى الذين يلجون المصحات الخاصة والذين يغادرونها بعد التعافي من كوفيد 19، والمديرية الجهوية للصحة في تواصل مستمر مع المصحات بخصوص هذه المعطيات، كما أن التعاون مستمر أيضا بخصوص أدوية البروتوكول العلاجي الذي تحصل عليه هذه المصحات من وزارة الصحة. ما يمكن تأكيده في هذا الجانب، هو أن التنسيق دائم والتعاون كذلك.
نبيلة الرميلي في أسطر
- المديرة الجهوية للصحة بجهة الدار البيضاء سطات خلفا للدكتور رشيد مولاي.
- عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار.
- سبق لها العمل كطبيبة ومسؤولة بمستشفى مولاي يوسف.
- تم تعيينها مندوبة للوزارة بعمالة مقاطعات بن امسيك.
- سبق أن شغلت منصب مندوبة الصحة بعمالة مقاطعات آنفا التي ظلت تمارس بها مهامها إلى حين تعيينها مسؤولة عن القطاع بالجهة ككل.
- تشغل مهمة نائبة لعمدة الدار البيضاء، مسؤولة عن قطاع حفظ الصحة، إضافة إلى عضويتها بمجلس مقاطعة سباتة.