مستشار سابق لرباح أمام جرائم الأموال بتهمة الارتشاء
مع الأخبار
شرعت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء الاثنين الماضي، في مناقشة قضية مثيرة تتعلق بمتابعة مستشار سابق، بوزارة التجهيز والنقل التي كان يرأسها الوزير عبد العزيز رباح، ورئيس مصلحة المحافظة على الملك العمومي بوزارة التجهيز، من أجل جرائم الارتشاء عن طريق تسلم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال الوظيفة والتزوير في شهادة إدارية وتزييف خاتم الدولة واستعماله.
المحاكمة التي انطلقت في حدود الساعة الخامسة مساء وامتدت لأكثر من ثلاث ساعات بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، شهدت مواجهات ساخنة بين مستشار عبد العزيز رباح السابق والمسؤول عن مصلحة الصفقات بالوزارة مع المشتكي الإيطالي الجنسية الذي فجر الفضيحة، فضلا عن شاهدين أحدهما كان محاسبا لدى شركة المواطن الأجنبي الذي يدعي تعرضه لعملية نصب كبيرة من طرف المستشار السابق بوزارة التجهيز والنقل وتحديدا خلال سنة 2012.
وواجه رئيس الهيئة القضائية مستشار رباح بمجموعة من التهم التي يوجهها له المستثمر الإيطالي الذي يستقر بتراب المملكة منذ سنة 2006، وكان يشغل مهمة رئيس شركة متخصصة في الاستشارة القانونية للإيطاليين الراغبين في إنجاز وتنفيذ مشاريع بالمغرب، حيث تعرف عليه بناد للخيول بمدينة القنيطرة، وأخبره أنه يشغل منصبا رفيعا بمؤسسة سامية، مضيفا أنه كان دائم الأناقة ويمتطي سيارة فاخرة، قبل أن ينتقل إلى الرباط لشغل منصب مستشار جد مقرب من عبد العزيز رباح الذي عين وزيرا للنقل والتجهيز حسب قوله.
ويضيف المشتكي الإيطالي المطالب بالحق المدني أن المستشار اقترح عليه إحضار شركات إيطالية للاستثمار في المغرب، قبل أن يرتب له لقاء رسميا مع الوزير شخصيا بمكتبه بمقر الوزارة، حيث جالسه رفقة ممثلي بعض الشركات الإيطالية .
وأكد المشتكي أن التفاوض مع مستشار الوزير انصب على صفقات ضخمة ناهزت قيمة الأولى ثمانية ملايين أورو والصفقة الثانية مليونين ونصف مليون أورو دون أن يعلم أن صيغة تفاوضه مع المستشار بوزارة التجهيز لم تكن قانونية، مضيفا أن اللقاء مع الوزير كان رسميا ولم يتطرق لأية تفاصيل حول الصفقات، حيث تم تبادل الحديث حول مناخ الاستثمار بالمغرب وأولويات القطاع، في الوقت الذي كان تواصله مع المستشار منصبا على كواليس الصفقات والمقابل والضمانات وغيرها.
وأكد المستثمر الإيطالي الذي كان مرفوقا بمترجم أن المستشار وعده بتمكينه من صفقات كبيرة تتعلق بالطريق المزدوج بين الرباط والقنيطرة ومقلع للرمال بمنطقة جرف الملحة بسيدي قاسم ثم بناء مقر للشرطة بمدينة سلا، مضيفا أنه دفع مقابل هذه الخدمة مبالغ مالية مهمة تجاوزت 120 مليون سنتيم، موزعة بين أربعمائة وتسعين ألف درهم نقدا، ثم ثمانمائة ألف درهم سلمها عن طريق شيك بنكي للمتهم من أجل اقتناء شقة بالرباط، حضرا معا تفاصيل توثيقها بمكتب موثقة بتمارة، التي جرى الاستماع لشهادتها خلال نفس الجلسة، حيث أكدت واقعة حضور الإيطالي والمستشار إلى مكتبها بتمارة وتسلمها الشيك باسم الأول لاستكمال العملية دون أن تعلم باقي التفاصيل والاتهامات التي لم تطلع عليها، حتى جرى استدعاؤها من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية.
وامتدت الاتهامات التي تضمنتها محاضر الاستماع للمواطن الأجنبي والتي رددها أمام الهيئة القضائية، الاثنين الماضي، إلى اتهام مسؤول عن الصفقات بنفس الوزارة، مدعيا أنه سلمه مبلغ 13 ملايين سنتيم للفوز بصفقة تزويد مكاتب الوزارة بمكيفات، مؤكدا أنه استقبله في الوزارة محددا للهيئة بناء على طلبها أوصاف مكتبه وزاوية تواجده بالوزارة، وتوثيق محطات لحظات ولوجه للوزارة أكثر من خمس مرات لدى مصالح الاستقبال، مشددا أن التنسيق كان مع المستشار حول تفاصيل هذه الصفقة وهو الذي قدمه للمتهم الثاني، قبل أن ينفي هذا الأخير معرفته بالإيطالي، حيث صرح أمام الهيئة أنه لم يستقبله ولم يتلق منه أية مبالغ مالية، مضيفا أن الصفقات وسندات الطلب تحكمها مساطر خاصة بعيدة عن ادعاءات المشتكي، وأن علاقته بالمستشار مهنية محضة وغير مسموح له التدخل في مجال الصفقات.
من جهته نفى مستشار وزارة التجهيز كل الاتهامات الموجهة إليه، حيث بسط أمام الهيئة كرونولوجيا علاقته بالمستثمر الإيطالي، وأنه قدم له مساعدات مهمة، حيث مكنه من مكتب بالقنيطرة بسومة كرائية بسيطة لا تتعدى 1800 درهم، واحتضنه في بيته غير ما مرة من منطلق الكرم المغربي، وقدم له قرضا ماليا بطلب منه تحت مبرر حاجته لسيولة مالية بشركته التي أحدثها في المغرب قدره بحوالي 80 مليون سنتيم، وهي التي قام المستثمر الإيطالي بإرجاعها له شيكا تم تحويله بحضوره وبمعية الموثقة لاقتناء شقة بالرباط. وعزز حارس العمارة ومحاسب شركة الإيطالي أقوال مستشار الرباح، حيث أكدا حضورهما لواقعة تسليم المبلغ للإيطالي على سبيل القرض في كيس أسود من خلال مرافقتهما لهما معا إلى بنك التجارة الخارجية بالقنيطرة من أجل دفعه في حساب الإيطالي، وهي الجزئية التي دفعت المحكمة لاستدعاء مدير البنك المذكور للإدلاء بشهادته، بعد أن أكد المستشار حضور هذا الأخير لتفاصيل عملية ضخ المبلغ في حساب الإيطالي. ونفى المتهم ادعاءات المشتكي مقدما عبر دفاعه وثيقة رسمية تتضمن دعوة الإيطالي له للاشتغال معه في الشركة بتاريخ لاحق عن الشكاية، قبل أن ينفي الأجنبي علاقته بهذه الوثيقة .