عيد العرش الـ23 سنة البناء والعطاء
مع Télé Maroc
يحتفل الشعب المغربي اليوم (السبت)، بالذكرى 23 لعيد العرش، وتجسد احتفالات عيد العرش التي تصادف الثلاثين من شهر يوليوز من كل عام مناسبة للوقوف على حصيلة عام من العمل الدؤوب للمؤسسة الملكية في جوانب ترتبط بالداخل والخارج، فيما يتعلق باستكمال سياسة الأوراش الكبرى تعزيز مكانة المغرب بين دول العالم، وتوطد أركان الدولة المغربية، وفتح آفاقا جديدة للمغاربة للتمتع بكافة الحقوق المخولة لهم، ولمحو أسباب التخلف بكل أنواعه وأشكاله، والسير على نهج الرقي والتجديد ومسايرة تطور العصر ونهضته، وزرع بذور الأمل على أرض المغرب الخصبة المعطاءة.
كما يجسد عيد العرش، مناسبة للوقوف على المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، وخلال 23 سنة من حكم الملك محمد السادس، حيث يشهد المغرب سلسلة مترابطة من الأوراشالتنموية المتعددة في مختلف المجالات، تشكل هندسة اجتماعية تضامنية شاملة الرؤى تتوخى في جوهرها جعل المواطن ضمن الاولوية الكبرى في مسلسل الإصلاح، وهدف أساسي للنهوض بالعنصر البشري، وهي السياسة التي رسخ من خلالها الملك مبادئ التضامن والتكافل والتآزرالاجتماعي بالمجتمع برؤية ملكية تضامنية للمجال الاجتماعي حيث أتعمدتاحدث النظم والأساليب التدبيرية وذلك من خلال وضع أهداف واضحة تتسم بالانسجام والفعالية والنجاعة والملائمة مع القدرة على التأثير و تحديد دقيق للمؤشرات كل ذلك وفق آلية الحكامة المجالية.
وتأتي احتفالات عيد العرش لهذه السنة في ظل تراجع لأزمة كورونا التيظلت ترخي بضلالها على كل البلاد، وتراجع أعداد الإصابات ب"كوفيد19" والتي كانت تقارب عتبة العشرة آلاف، ورغم ذلك فقد قررت وزارة القصورالملكية والتشريفات والأوسمة تأجيل جميع الأنشطة والاحتفالات التي كانمرتقبا أن تقام بمناسبة عيد العرش، نظرا إلى تدابير الوقاية من فيروسكورونا المستجد (كوفيد 19)، مازالت مستمرة، وقد تقرر تأجيل حفلالاستقبال الذي يترأسه الملك محمد السادس، وحفل أداء القسم للضبطالمتخرجين الجدد من مختلف المدارس والمعاهد العسكرية وشبه العسكريةوالمدنية وحفل تقديم الولاء للسنة الثالثة على التوالي.
ملف الصحراء .. ضربة للخصوم
وجه المغرب ضربة قوية لخصوم وحدته الترابية في دجنبر من 2020، حين أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق، قبل أيام من نهاية ولايته، عن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وتوقيع مرسوم اعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وقال ترامب في تغريدة: "لقد وقعت اليوم إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، واقتراح المغرب الجاد والواقعي والجاد للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار"، وهو القرار الأمريكي الذي حرك المياه الراكدة في ملف الصحراء، وأكد أحقية وجدية الطرح المغربي المرتبط بوحدته الترابية.
وبالتزامن مع تغريدة ترامب، ذكر البيت الأبيض، في بيان، أن الولايات المتحدة "باتت اعتبارا من اليوم تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء المغربية، وقال البيت الأبيض، في بيان، إن "الولايات المتحدة تؤكد كما ذكرت الإدارات السابقة دعمها لاقتراح المغرب للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء"، وأضاف "لذلك اعتبارا من اليوم تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء وتعيد تأكيد دعمها لاقتراح المغرب الجاد والموثوق والواقعي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء".
وشكل القرار الأمريكي الأخير، ومازال، أزمة قوية لدى خصوم المغرب، حيث جاء بعد الأزمة التي حاولت البوليساريو افتعالها في منطقة الكركراتالحدودية بين المغرب وموريتانيا، وسارعت الجارة الشرقية (الجزائر)، إلى الضغط من خلال اللوبيات التي تتوفر عليها في عدد من الدول الأوربية من أجل التنديد بالقرار الأمريكي، والدفع نحو رفض هذا القرار من قبل اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، وهو ما فشلت فيه.
الديبلوماسية الملكية .. انتصارات في الساحة
وشكلت سنة 2022، سنة لانتصارات جديدة حققتها الديبلوماسية المغربية بتوجيهات وقيادة الملك محمد السادس، بعد نهاية الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانية والتي أشعها استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو على أراضيها بهوية مزورة.
وشهد الموقف الإسباني حيال قضية الصحراء المغربية، تحولا مهما فتح الباب لدخول العلاقات الدبلوماسية المغربية الاسبانية مرحلة جديدة، ففي رسالة بعث بها إلى الملك محمد السادس، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب"، وفي هذا الصدد، "تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف، كما أشار إلى "الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف"، وأبرز رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته إلى الملك، أن " البلدين تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة"، وأعرب سانشيز عن " يقينه بأن الشعبين يجمعهما نفس المصير أيضا"، وأن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح".
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته إلى الملك على أن "هدفنا يتمثل في بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه"، وفي هذا السياق، فإن "اسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف". وأضاف سانشيز "أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها"، مجددا في رسالته إلى الملك محمد السادس التأكيد على " عزمه العمل جميعا من أجل التصدي للتحديات المشتركة، ولاسيما التعاون من أجل تدبير تدفقات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والعمل على الدوام في إطار روح من التعاون الكامل"، مبرزا أنه "سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين".
لتلي خطوة الانفتاح هذه الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز للمغرب، حيث حضي المسؤول الاسباني باستقبال رسمي من الملك محمد السادس، حيث أجرى سانشيز مباحثات رسمية بهذه المناسبة مع الملك، كما أقام له الملك محمد السادس "مأدبة إفطار" على شرفه، في أول زيارة لرئيس الحكومة الاسبانية إلى المغرب في سياق الانفراج في العلاقات بين الرباط ومدريد منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية الأخيرة.
البعد التنموي .. ترسيخ للريادة القارية
وفي هذه السنة، تمكن المغرب بفضل حكمة الملك المتبصرة من أن يكون البلد الرائد في مجال التنمية بالقارة الإفريقية والأكثر تكاملا في مجال الاقتصاد الكلي، كما استطاع أن يحظى بثقة الولايات المتحدة والعديد من الدول الكبرى وكذا المنظمات والمؤسسات الدولية على عدة مستويات، وهي كلها مؤشرات تدل بالملموس على تناسق وتكامل بين الطموح التنموي الجديد والإمكانيات المتاحة، على اعتبار أن هاته المكتسبات في البنى التحتية تعتبر عنصرا أساسيا في بيئة الاستثمار ومولداّ للوظائف والفرص الاستثمارية، قادرة على احتضان مشروع التنموي ناجع ومستدام بجميع المقاييس الاجتماعية والاقتصادية، يدخل تخصصات جديدة إلى بلادنا ستعزز تكثيف الاندماج المحلي والجهوي.
وقد راكم المغرب عملا من البحث الثاقب عن الحلول المستدامة الأهلة للتنفيذ، والتوجيهات المشهود بها دوليا لتحصين المملكة من مخاطر وآثار مختلف المتغيرات والأزمات العالمية، بدأ بأزمة كورونا، والتي تمكن المغرب من تخطيها بقدرات وقرارات تدبيرية استباقية، حيث سجل المغرب مع بداية 2022، موقعه في صدارة الدول الافريقية الأكثر نجاعة في مواجهة كورونا، وتمكن بفضل الحملة الوطنية للتلقيح ضد الوباء من بلوغ نسبة جاوزت الثمانين في المائة من الملقحين بالجرعة الثانية وأزيد من 40 في المائة من الملقحين بالجرعة الثالثة، وقد أكدت هذه القرارات بالملموس قوة وقدرة المغرب على مجابهة جائحة وباء كورونا المستجد بفضل الرؤية المتبصرة للملك وما صاحبها من سلسلة إجراءات ناجعة حاصرت انتشاره و السيطرة عليه، جعلت من المغربتعد مرة اخرى ضمن الوطن العربي و القاري "استثناء تدبيري و وقائي مانع للأزمات" بصفة عامة، ونموذجا يحتذى به في تدبير هذه الأزمة الوبائية بصفة خاصة، و بالتالي أكدت جائحة كورونا بشكل ملموس المغرب أضحت درعا حقيقيا للأزمات بالقارة الإفريقية.
التجربة المغربية في المجال الاجتماعي و في سياق مجابهة وباء كورونا قاريا و دوليا تعد حالة متميزة و فريدة بجميع المقاييس التدبيرية للأزمة، حيث استطاعت المزج ما بين التدبير الوقائي الضامن لاستمرارية اليقظة والاستباقية تحسبا لأي تغيرات محتملة، وما بين الإجراءات الموازية لها لاستشراف آثارها و تداعياتها المستقبلية، وهو ما جعلها التجربة العربية والقارية الوحيدة التي اعتمدت على مسارين متوازيين، لاسيما تحقيقها بدرجات عالية من الفعالية و النجاعة للأمن المجتمعي من منطلق التركيز المحوري على صيانة و حماية العنصر البشري، و حركية نواة مجاله الاجتماعي
هاته الظروف الاستثنائية، والغير المسبوقة التي عاشتها البلاد جراء الوضع الوبائي، خلال العامين السابقين، شكلت أفقيا وعموديا فضاء مفتوحا غير محدود الآفق من قيم التضامن الاجتماعي، والتآزر وبناء نموذج مغربي أصيل يرسخ لمبادئ التكافل المجتمعي بمفهومه الواسع كأصدق تعبير، وأوضح صورة لحيوية المجتمع وفاعليته وتماسكه حيث المغرب يشهد سيلا من المبادرات الإنسانية الفريدة في حمولاتها ودلالاتها، كما أظهرت معدن المواطن المغربي في ظل ما يعانيه العالم من زلزال الوباء، وما صاحبه من ترددات على قطاعات أساسية كالصحة والصناعة والتعليم وغيرها، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، أصبح المغرب معها أكثر تماسكا وتفاؤلا بأن هاته الازمة ستمر بسلام.