"القتل الرحيم" يثير الجدل بالبرلمان
مع الأخبار
أثار مقترح لتقنين "القتل الرحيم"، وضعه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، جدلا كبيرا في صفوف النواب البرلمانيين، ما دفع برئيس الفريق، محمد أبو درار، إلى التحفظ على وضعه رسميا بمكتب المجلس لإحالته على اللجنة البرلمانية المختصة لدراسته، وهناك تخوفات بخصوص رفضه من طرف باقي الفرق البرلمانية.
وأوضحت مصادر برلمانية أن هذا المقترح أثار نقاشا داخل فريق "البام"، ما دفع برئيسه إلى تأجيل التأشير عليه وإحالته على مكتب مجلس النواب وفق المسطرة التشريعية المعمول بها، بسبب إبداء ملاحظات حوله، لأن الأمر يتعلق بموضوع حساس ومثير للجدل من الناحية القانونية والدينية والطبية، ولذلك تم سحبه من الموقع الرسمي للحزب، ويتعلق المقترح بتدبير وضعية المرضى في حالة غيبوبة، ينصبّ موضوعه على تحديد دور ومسؤوليات كل من الطبيب والمؤسسة الاستشفائية، وحقوق كل من المريض وأسرته وولي أمره، وجاء في المذكرة التقديمية للمقترح، أنه جاء انطلاقا من مرجعية حزب الأصالة والمعاصرة المتمثلة في العدالة الاجتماعية والمنظومة الحقوقية الوطنية والكونية، وخاصة ما يتعلق منها بحقوق الإنسان المريض.
وينص مقترح القانون على "أنه لكل مواطنة ومواطن الحق في العلاج والعناية الصحية وتتكفل المؤسسة الاستشفائية بالمريض في حالة غيبوبة التي يوجد بها لمدة شهر على الأقل، وإذا ما كانت نسبة احتمال استفاقته واسترجاعه للوعي تقل عن 10 في المائة، وجب طلب من أسرة المريض أو الشخص محل ثقته، الإذن له بوقف تشغيل الآلات الطبية المساعدة التي تبقي المريض في حالة غيبوبة"، ويضيف مقترح القانون "إذا رفضت أسرة المريض، جاز للمؤسسة الاستشفائية أن تطلب من المحكمة المختصة تعيين طبيبين من بين الأطباء الخبراء المختصين في الميدان، المقيدين في لائحة الخبراء التابعين لهذه المحكمة، قصد إعادة تقييم نسبة احتمال استرجاع المريض في حالة غيبوبة لوعيه وإعداد تقرير بهذا الخصوص، وإذا أكدا أن نسبة استرجاعه للوعي تقل عن 10 في المائة، لا تنفذ المؤسسة الاستشفائية قرار إيقاف تشغيل الآلات الطبية المساعدة إلا بعد تبليغه بالطرق القانونية إلى أسرة المريض المعني، وتنفذه بعد انصرام أجل 10 أيام من تاريخ تبليغ قرارها المذكور إلى أسرة المريض المعني أو الشخص محل ثقته أو ولي أمره".
وحسب مقترح القانون، فإنه "يحق لأسرة المريض أو الشخص الثقة أو ولي أمر المريض الذي يوجد في حالة غيبوبة مستمرة، داخل أجل 3 أيام من تبليغهم، حسب الحالة، بقرار المؤسسة الاستشفائية المشار إليها في المادة السابقة، أن يتسلم المريض وأن ينقله إلى مصحة أخرى إن ارتأوا القيام بذلك"، وأوضح الفريق أن هذه المبادرة التشريعية تسعى إلى المساهمة في نزع فتيل التوتر الذي يهيمن أحيانا على العلاقة المتشنجة بين أسر المرضى وبين الأطباء والمستشفيات والمصحات التي يرقدون بها، وأوضح الفريق في المذكرة التقديمية لمقترح القانون، أنه «على خلاف العديد من الدول عبر العالـم، وخاصة الأوروبية منها، التي تجمعنا معها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بـما تقتضيه من تقارب تشريعي، يتبيّن أن ثـمّة فراغا قانونيا في بلادنا بشأن وضعية المرضى في حالة غيبوبة مستمرة ميؤوس منها، والذين يرقدون في المستشفيات والمصحات".
وأشار الفريق إلى أن "هذا الفراغ يجعل القرار الطبي بشأن مآل المريض في حالة غيبوبة مستمرة وميؤوس منها، غير مؤطر قانونا رغم خطورته الكبيرة، لاسيما قرار إيقاف تشغيل الآلات الطبية المساعِدة التي تُبقي المريضَ في حالة غيبوبة؛ لأنه يحسم بإرادة منفردة في مصير حياة إنسان مريض مسلوب الإرادة، ويترتب عن ذلك القرار "تـمويت" الشخص لمجرد أنه في حالة ميؤوس منها، بينما الدستور والالتزامات الدولية للمغرب، يضمنان له كإنسان حقوقا أساسية، ثم إن القانون يوفر له حماية خاصة بصفته مريضا"، ومن أجل تدبير تلك اللحظة الحساسة، اعتبر الفريق ذاته أنه يكون مفيداً سنّ مقتضيات قانونية توفر حدا أدنى من الضمانات، وتحفظ الحقوق الأساسية للمريض وهو في حالة عجز للتعبير عن إرادته، كما تضمَنُ قدرا كبيرا من الشفافية والمهنية لفائدة أطراف العلاقة الاستشفائية التي تربط المريض وأسرته والطبيب المعالج والمؤسسة الاستشفائية، وذلك عن طريق آلية تشريعية تؤطر، الوضعية الصعبة والمعقدة على المستويين النفسي والمادي لأسرة المريض.