هكذا يشتغل 35 مكتبا دوليا للمحاماة خارج القانون بالمغرب
مع تيلي ماروك
قرر مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء منح الإذن لنقيب الهيئة، حسن برواين، لتقديم شكاية إلى النيابة العامة بخصوص مكاتب دولية للمحاماة تُمارس أنشطتها فوق التراب الوطني بطريقة غير قانونية، وذلك بناء على نتائج تقرير أنجزته لجنة منبثقة عن الهيئة، كشف عن وجود مكاتب تشتغل خارج القانون.
تقرير أولي وبحث شامل
تدارس مجلس الهيئة، في اجتماعه المنعقد بنادي المحامين ببوسكورة، التقرير المرفوع إليه حول المكاتب الأجنبية العاملة بالدار البيضاء وبعض المخالفات المرتبطة بها، حيث تم تكليف لجنة منبثقة عن المجلس يترأسها النقيب للقيام بدراسة وضعية المحامين المنتسبين لهيئة الدار البيضاء، كل حالة على حدة، وذلك انطلاقا من مضمون التقرير المعروض على المجلس، وتعميق البحث بشأن الوقائع المنسوبة لكل واحد منهم بكافة الوسائل، بما في ذلك الاستماع إليهم ومعاينة كافة الوقائع المفيدة في البحث والحصول على كافة الوثائق الضرورية، كما قرر المجلس الإذن للنقيب بتقديم شكاية إلى النيابة العامة بخصوص الوقائع المشار إليها في التقرير، والتي تستوجب إقامة الدعوى العمومية في مواجهة الأشخاص غير المنتسبين لهيئة المحامين بالدار البيضاء، والذين يمارسون في دائرة نفوذها أنشطة مجرمة بموجب القوانين الجاري بها العمل.
وقامت اللجنة بإجراء بحث عميق وشامل حول وضعية المكاتب الأجنبية التي تمارس مهام المهنة بشكل مخالف للقواعد القانونية والتنظيمية وكذا المحامين المرتبطين بها، وتقديم معلومات بخصوص عددها وعناوينها، وطبيعتها القانونية، والأشخاص المرتبطين بها، والمحامين الرسميين والمتمرنين الذين يمارسون بها، مع تقديم اقتراحات لمعالجة هذه الوضعيات. وأكدت اللجنة، من خلال التقرير، أن مهمتها كانت معقدة جدا، باعتبار أن هذه المكاتب تتخذ أشكالا قانونية متعددة ومختلفة، وتوصلت إلى وجود 35 مكتبا وشركة دولية للمحاماة.
وحسب التقرير، الذي اطلعت عليه «الأخبار»، تضم أغلب هذه المكاتب محامين مسجلين بدول أجنبية بعضها لا تقيم أية اتفاقية قضائية مع المغرب تسمح لمواطني الدولتين بممارسة مهام المهنة في الدولة الأخرى، ورغم ذلك فإنهم يقدمون أنفسهم كمحامين بالدار البيضاء، وتقدمهم مکاتبهم الأصلية كمكاتب للمحاماة مفتوحة وتمارس بالدار البيضاء، وتعتبر هذه المكاتب فروعا لها، كما أن هذه المكاتب مؤسسة في المغرب باعتبارها شركات تجارية (أغلبها شركات ذات مسؤولية محدودة) ومسجلة في السجل التجاري باعتبارها شركات استشارة وخدمات قانونية.
وأكد التقرير أن هذه المكاتب بشكل عملها وبطريقة تقديمها لنفسها تخالف بشكل واضح مقتضيات المادة 2 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وترتكب الجنحة المنصوص عليها في نفس المادة. وسجل التقرير أن هذه المكاتب تقدم إطارا مختلفا لممارسة المهنة، كما أن مستوى رقيها وشبكة علاقاتها ومستوى تكوين أطرها والإمكانيات التقنية والعلمية التي توفرها تغري المتعاملين معها لتفضيلها، كما تغري بعض المحاميات والمحامين للالتحاق بها والاستفادة معنويا وماديا منها، لكن كل ذلك «لا يلغي واقع أنها تمارس خارج المشروعية، رغم أنها تشكل تحديا لمهنة المحاماة بالمغرب لتتأهل لهذا المستوى وتوفر نفس مستوى جودة الخدمة داخل إطار القانون والمشروعية»، حسب التقرير.
مخالفات بالجملة
كشف التقرير أن هناك العديد من الشركات المغربية والأجنبية المسجلة بالسجل التجاري باعتبارها مكاتب محاماة، رغم أنها ليست كذلك وفق القانون المغربي، وهذه الشركات والمكاتب تخالف بشكل واضح مقتضيات المادة 2 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وترتكب هي الأخرى الجنحة المنصوص عليها في هذه المادة.كما رصد التقرير وجود محامين شركاء في مكاتبهم مع شركات تجارية. ومن بين المخالفات التي وقفت عليها اللجنة، حالات عدة مكاتب في الدار البيضاء تقيم شراكات مع شركات أجنبية للمحاماة، وتعلن تلك الشراكات في مواقعها الإلكترونية ومواقع شركائها، وعبر وسائل الإعلام في أحيان كثيرة، كما أن بعض هذه الشراكات تتم عن طريق خلق شركات تجارية تسجل بالسجل التجاري، ويتم توطينها بمكتب المحامي.واعتبر تقرير اللجنة أن هذه الأفعال تعتبر مخالفات مهنية، لأن المحامي لا يمكن أن يكون شريكا في نشاطه المهني مع غير المحامي، كما أنه لا يمكن أن يكون شريكا في مكتبه أو أن يوطن فيه شركات تجارية.
وسجل التقرير كذلك وجود محامين مسجلين في جدول الهيئة أو مقيدين في لائحة التمرين بها يمارسون في مكاتب شركات تجارية أو مكاتب لغير المحامين، ومن بين المخالفات، كذلك، أن هذه المكاتب الأجنبية والشركات التجارية تشغل محامين رسميين ومتمرنين بمكاتبها، وفق عقود شغل صريحة أو مخفية.
وأشار التقرير إلى أنه بالاطلاع على المواقع الإلكترونية لهذه المكاتب والشركات، أو على حسابات المعنيين على مواقع التواصل الاجتماعي (خصوصا viadeo و linkedin)، يتبين أن الأمر يتعلق بعدة محامين منتسبين لهيئة الدار البيضاء، وتلك كذلك مخالفة مهنية، وخرق لقواعد التنافي المنصوص عليها في المادة 7 من القانون المنظم للمهنة.
ولاحظت اللجنة أن بعض المحامين المتعاملين مع هذه المكاتب، يضعون على أبواب مكاتبهم وفي أوراقهم وراسيتهم، ما يشير لوجود شراكة بينهم وبين هذه المكاتب والشركات التجارية، أو ما يفيد تمثيلهم لها بالمغرب، أو انتماءهم إلى شبكة مکاتبها عبر العالم، ونفس الشيء بالنسبة لبعض المحامين الذين ينتمون لهيئات أجنبية والذين يشيرون لهذا الانتماء في وثائق وأوراق مکاتبهم بحيث يشيرون إلى حملهم صفة محام بالدار البيضاء وبهيئات أجنبية، وهذا أمر اعتبرته اللجنة مخالفا للقانون والنظام الداخلي لهيئة الدار البيضاء.
وأوصت اللجنة، في تقريرها، بتقديم شكاية إلى النيابة العامة في الشق الزجري، وتوجيه إنذار للمحامين الممارسين بهذه المكاتب، وكذا المتشاركين مع غير المحامين المسجلين بالجدول، أو المتشاركين أو المتساكنين بدون إذن مجلس الهيئة بتسوية وضعيتهم، وتحريك المساطر التأديبية بخصوص المخالفات المرتكبة، والتواصل مع الجهات الحكومية والمؤسسات الاقتصادية والدبلوماسية التي تقدم هذه المكاتب بصفة محام، ومع الرأي العام بخصوص ما تشكله هذه الظواهر من مس بالأمن القانوني للمتعاملين، ومن تضييق غير مشروع على مهنة منظمة قانونية مواطنة تشغل آلاف المغاربة، ومراسلة الهيئات المهنية الأجنبية المعنية والتي تنص أغلب قوانينها وأنظمتها الداخلية على ضرورة خضوع المنتسبين لها لقوانين الدول المضيفة.