هكذا دفعت إشاعة توزيع الأراضي السلالية الآلاف للتوافد على العمالات
مع
منذ الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، الذي دعا من خلاله الملك محمد السادس، إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق، على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، بدأت الأحزاب السياسية في الركوب على هذا الملف من أجل استغلاله لأغراض انتخابية، من خلال ترويج إشاعات حول تمليك الأراضي السلالية بالعديد من المناطق، ما خلق متاعب للمصالح المكلفة بالشؤون القروية على مستوى العمالات والأقاليم.
وأفادت المصادر بأن عمالات الأقاليم، التي تضم أراضي سلالية، تعرف توافد آلاف الأشخاص يوميا من أجل تسجيل أنفسهم في لوائح ذوي الحقوق، مع العلم أن وزارة الداخلية ما زالت تبحث عن الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية. كما يتوافد أشخاص مقيمون بالخارج من أجل الحصول على نصيبهم من هذه الأراضي.
وعبر سلاليون بنواحي القنيطرة عن تخوفهم من دخول سماسرة "مافيا العقار" على الخط، من خلال تسجيل أشخاص لا تربطهم أية علاقة بالجماعات السلالية.
وأكدت مصادر من وزارة الداخلية، أن هذه السنة ستكون بداية الشروع الفعلي في أجرأة الورش الملكي لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية. وأوضحت المصادر أن أجرأة تعبئة الأراضي الفلاحية البورية تتم عبر التحفيظ العقاري، باعتباره هو الذي يؤمن العقار، مشيرة إلى أنه، خلال سنة 2020، سيتم تحفيظ ما يناهز 5 ملايين هكتار من الأراضي السلالية، وذلك في إطار برنامج مشترك طموح ومفتوح مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، ووزارة الداخلية، ثم تتم عملية التمليك، بعد تحديد هوية المستغلين الفعليين، عبر اعتماد السجل الفلاحي الذي أعدته مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كمرجع.
وأفاد العامل، مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، عبد المجيد الحنكاري، في تصريح سابق، بأن تعبئة الأراضي السلالية، التي تمثل مساحة كبيرة جدا على المستوى الوطني، ستواكبها مجموعة من الإجراءات المرتبطة أساسا بالجانب الإداري والمالي والتقني والقانوني، وذلك بتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية من وزارات الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمالية، كل في مجال اختصاصه، من أجل توفير ظروف نجاح هذه التعبئة، مبرزا أن مواكبة الورش الملكي لتعبئة مليون هكتار تتطلب تغيير الآلية القانونية المنظمة لهذا النوع من الأراضي الجماعية، والتي تعرف تقدما كبيرا حيث بلغت حاليا المراحل النهائية. أما المواكبة الإدارية، يضيف المسؤول، فتتم عبر نقل تجربة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في إطار مخطط المغرب الأخضر (الدعامة الأولى) لتشمل هذه الفئة من المواطنين عبر تخصيص برامج مواكبة لهم. فيما تتجلى المواكبة المالية، حسب العامل مدير الشؤون القروية، في توفير الدعم والقروض اللازمة لهؤلاء المستثمرين الذين سيستفيدون من هذه الأراضي سواء من ذوي الحقوق أو من الأغيار.
وبخصوص التصور الأولي لاستغلال الأراضي السلالية، أكد الحنكاري أن القطع الأرضية يجب أن تكون على مساحات قابلة للاستغلال، وأن يتم تجميع القطع الأرضية الصغيرة (هكتار أو أقل) في إطار وحدة استغلالية. وحول تمليك الأراضي السلالية الواقعة خارج دوائر الري، شدد المتحدث على أن التمليك يتم لفائدة ذوي الحقوق تحت شروط واقفة، بمعنى أن يكون المنتفع من هذه الأراضي مستغلا فعليا، وأن يكون استغلاله مجديا ومنتجا لنفسه ولغيره، وأن تكون القطعة الأرضية المستغلة قابلة للإنتاج (وحدة استغلالية متوسطة)، لأن الهدف هو خلق طبقة فلاحية متوسطة قادرة على إحداث فرصة أو فرص للشغل في الوسط القروي، وخاصة في صفوف الشباب. وأشار، من جهة أخرى، إلى أن المساحة الإجمالية للأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، والتي يمكن أن تصنف كأول نظام عقاري في المغرب، تبلغ حوالي 15 مليون هكتار، فيما يقدر عدد الجماعات السلالية بحوالي 4971 جماعة سلالية على المستوى الوطني، ينوب عنهم 6682 نائبا سلاليا أو هيئة سلالية، أما عدد السلاليين والسلاليات فيتراوح ما بين 8 و10 ملايين نسمة.
وتشير مختلف الإحصائيات والنشرات المتوفرة لدى مديرية الشؤون القروية، إلى أن مجموع الأراضي الجماعية التي يفترض أنها مملوكة للجماعات السلالية كانت تبلغ مساحتها حوالي ستة ملايين هكتار، حسب إحصائيات آخر دجنبر سنة 2013، ومع بداية سنة 2015، اتخذت مصالح وزارة الداخلية مركزيا ومحليا كافة التدابير والجهود من أجل التعرف على هذه العقارات التي يفترض أنها جماعية، حيث مكنت الجهود من التعرف على مساحات هامة واتخذت في شأنها كافة التدابير لحمايتها وتحصين وضعيتها القانونية.