الحكومة تقرر إعدام مكتب التسويق والتصدير ومسؤولون استفادوا من الملايير دون إرجاعها للمكتب
مع تيلي ماروك
قررت الحكومة إعدام مكتب التسويق والتصدير، وذلك بموجب مشروع قانون يتعلق بحل المكتب وتصفيته، سيكون موضوع دراسة من طرف المجلس الحكومي في اجتماعه الذي ينعقد اليوم الخميس. ويأتي القرار بعد تسجيل اختلالات مالية وإدارية خطيرة رصدها تقرير أنجزه المجلس الأعلى للحسابات وتقرير آخر أنجزته لجنة برلمانية لتقصي الحقائق شكلها مجلس المستشارين، خلال ولايته السابقة.
خروقات وتجاوزات
سجل التقرير الذي أنجزته اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق العديد من الخروقات والتجاوزات، ومنها استفادة مسؤولين بالمكتب وأقاربهم من التسبيقات والقروض التي كان يمنحها المكتب، ومن بين هؤلاء المستفيدين وزراء سابقون وبرلمانيون وقياديون بأحزاب سياسية، وكذلك التصرف في ممتلكات المكتب والتفويتات التي عرفتها بعض العقارات بالإضافة إلى أجور الأطر والمستخدمين الباهظة، كما سجلت اختلالات في العمليات المحاسباتية للمكتب، والتعويضات التي منحت لبعض الموظفين المستفيدين من المغادرة الطوعية، حيث تقرر تحويل المكتب إلى شركة تحمل اسم الشركة المغربية للتسويق والتصدير، بسبب الإفلاس والعجز الذي عرفه المكتب وتراجعه عن أداء مهامه ووظائفه التي تأسس من أجلها سنة 1965، وسجلت تجاوزات وصفت بالخطيرة في الفترة الممتدة من 2002 إلى 2008، وهي الفترة التي لم تجتمع فيها المجالس الإدارية للمكتب.
وطالبت اللجنة البرلمانية بضرورة إحالة التقرير على القضاء لفتح تحقيق حول الاختلالات الإدارية والمالية التي عرفها المكتب على عهد مديره السابق، وأوصت بتحريك المتابعة القضائية في حق جميع الأشخاص الذين استفادوا من التسبيقات والتفضيلات والامتيازات خارج القانون، ومع أعضاء المجلس الإداري الذين يوجدون في وضعية تناف، والذين استغلوا صفاتهم من أجل الاستفادة من خدمات مكتب التسويق والتصدير دون وجه حق، وكذلك متابعة المسؤولين السياسيين والإداريين الذين تساهلوا في تقديم التسبيقات خارج القانون وتلكؤوا في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل استرداد هذه التسبيقات، وكذا المسؤولين الذين سهلوا عملية تفويت العديد من عقارات المكتب إلى الغير. تقرير مجلس الحسابات سجل التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات العديد من الاختلالات، وخلص التقرير إلى أن هذه المؤسسة غير قابلة للاستمرار في شكلها الحالي، منتقدا تعثر الإصلاحات المؤسساتية التي كان يتعين على المكتب القيام بها، إن على مستوى الهيكلة أو التموضع والتي شرع في تطبيقها منذ سنة 2015، لتحويل المكتب إلى شركة مجهولة الاسم.
كما انتقد المجلس الأعلى للحسابات عملية المغادرة الطوعية التي سلكها المكتب، فإذا كانت هذه الأخيرة قد خففت الضغط على كتلة الأجور، فإنها أفرغت المكتب من مؤهلاته البشرية، لاسيما على مستوى مناصب المسؤولية، يشير المجلس الأعلى للحسابات، منتقدا من جانب آخر، عدم امتثال المكتب لمضامين مخطط إعادة الهيكلة والقاضية بالانسحاب من التمويل المسبق للمواسم الفلاحية لتفادي المشاكل الناجمة عن ذلك على مستوى تحصيل المبالغ المالية المسبقة والتي بلغت إلى غاية 2013 أكثر من 300 مليون درهم وهو ما يعادل 15 مرة المداخيل السنوية للمكتب، إلا أنه ورغم كل هذا لوحظ استمرار المكتب في تمويل الفلاحين بعدة طرق، بالإضافة إلى فشل جميع الأعمال الرامية إلى تحصيل المبالغ المستحقة للمكتب بالرغم من اللجوء إلى خدمات شركات مختصة في التحصيل.
وسجل التقرير من خلال تحليل الأنشطة التصديرية التي يقوم بها المكتب، أن هذا الأخير لا يمارسها إلا بصفة ثانوية، وأن حصته في صادرات المنتوجات الفلاحية والغذائية باتت تعرف تراجعا مع توالي السنوات. وبخصوص تقييم الوضعية المالية لمجموعة مكتب التسويق والتصدير، تبين من خلال تحليل بنية المداخيل المتأتية من مختلف الأنشطة والمهام الممارسة من طرف مكتب التسويق والتصدير، أن معظم المداخيل تتأتى من المهام الثانوية للمكتب، كما أن الحصة الأكبر من الإيرادات تتأتى من إيجار البنايات غير المستغلة من طرف المكتب.
كما رصد المجلس وجود اختلالات مالية في تمويل المواسم الفلاحية ودعم المنتجين بالإمدادات الزراعية، حيث يقتضي نظام تدخل المكتب في إطار التمويل المسبق للمنتجين وضع تعاقد ثلاثي يجمع المنتجين ومؤسسة مالية بالإضافة إلى المكتب، وذلك لمنح تسبيقات مالية للمنتجين، حيث يتوجب منح هذه التسبيقات في شكل إمدادات زراعية على وجه الحصر، وفي هذا الإطار وقع المكتب سنة 2009 اتفاقية مع المكتب الشريف للفوسفاط بميزانية تقدر بـ 90 مليون درهم، إلا أن المكتب لم يحترم التزاماته التعاقدية، حيث إنه خلافا لما نصت عليه الاتفاقية التي استهدفت منتجي جهة دكالة-عبدة، فإنه خلال تطبيق مضامين هذه الأخيرة، تم توجيه حوالي 60 % من المدخلات إلى جهة أخرى سوس – ماسة، بالإضافة إلى استفادة كبار الفلاحين من معظمها، حيث استفاد أربعة فلاحين من 86 % من المدخلات الموزعة من مجموع ستة وعشرين منتجا، عكس ما نصت عليه الاتفاقية التي تستهدف الفلاحين الصغار والمتوسطين.