البوحاطي
مع
يصر عبد الإله بنكيران في قضية معاشه على الإنكار رغم أننا نشرنا الوثائق الدامغة التي تقول إن الرجل، وعوض أن يعترف بأنه “تشد حي” خرج يقول عني إنه “شدني حي”، كما لو أنني أنا الذي حصلت على كل تلك الملايين من أموال الشعب كمعاش دون أية مساهمة فيه وليس هو.
وحسب الظهير الذي وقعه وزير الاقتصاد والمالية بالعطف، بتاريخ 1 نونبر الماضي، يمنح بمقتضاه معاش استثنائي لبنكيران، يبلغ قدره الصافي الشهري 70 ألف درهم، وتنص المادة الثانية من الظهير على أداء هذا المعاش عند نهاية كل شهر كمعاش تكميلي للمعاش المدني الذي يتقاضاه المعني بالأمر.
لكن بنكيران وعوض الاعتراف بصحة الوثائق الصادرة عن جهات رسمية لا يرقى إليها الشك، فضل أن يؤكد معاش سبعة ملايين وأن ينكر المعاش التكميلي المدني الذي لم نختلقه أو نخترعه من مخيلاتنا وإنما قمنا بنقله كما ورد في الوثيقة التي نشرناها.
الآن إذا كان بنكيران يشكك في ما ورد في الوثيقة الموقعة من طرف وزير المالية ورئيس الحكومة فما عليه سوى أن يطالبهما، ومعهما وزير الوظيفة العمومية، بتصحيح معلوماتهم وأن يصدروا وثيقة جديدة لا يوجد فيها ما يحيل على قضية المعاش المدني، أما أن يهددنا بالمتابعة القضائية لمجرد أنه يرى فينا الحائط القصير فهذا ليس من شيم الرجولة ولا من علامات الشجاعة.
فنحن في نهاية الأمر لم ننشر سوى محتوى وثائق رسمية في إطار حق دافعي الضرائب في معرفة حقيقة معاش رئيس الحكومة السابق بما أنه رفض الكشف عنه وتحدانا بالبحث عن قيمته، وهذا بالضبط ما قمنا به في إطار واجبنا المهني.
لكن تبقى خرجة بنكيران الليلية دفاعا عن حقه في الاستفادة من ملايين الخزينة العامة مفيدة على أكثر من مستوى، فقد اعترف أمام الشعب بكونه كان صاحب مطبعة، ورغم أنه لم يعترف بأن مطبعته التي سجلها في اسم أعضاء في حركة التوحيد والإصلاح استفادت من صفقات وزارية عندما كان رئيسا للحكومة فنحن قد سبق لنا أن نشرنا ذلك بالأسماء والمبالغ.
ثم إنه اعترف بملكيته لأسهم في المدارس الخاصة المسماة أرض السلام، وهذا المشروع سبق لنا أيضا أن كتبنا عنه بالتفصيل الممل، والجميع يعرف الأرباح التي يوفرها التعليم الخصوصي لأصحابه.
ثالث اعتراف صدم به بنكيران الشعب هو أنه ظل ما بين 2012 و2017 يجمع ما بين حصوله على معاش برلماني وأجرة رئيس الحكومة، وكان هذا الجمع سيكون مقبولا لولا أن بنكيران في نفس هذه الفترة فرض على الموظفين سن التقاعد في 63 سنة فيما كان هو يحصل على المعاش البرلماني وعمره 58 سنة، فهل هناك تمكريه أكبر من هذا.
وبالمناسبة هذا المعاش توقف بنكيران عن التوصل به، ليس لأنه شعر بالخجل من إضافة تقاعد 15.000 درهم لراتب رئيس حكومة، بل لأن صندوق تقاعد البرلمانيين أفلس.
ولعل إحدى المغالطات التي أراد بنكيران، جامع التقاعدات، أن يدلس بها على المغاربة هي مطالبته لإدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات بزيارته والتحقيق معه في ثروته.
أولا قضاة جطو يحققون مع المؤسسات العمومية أو تلك التي تتلقى الدعم العمومي، أما الأفراد فتحقق معهم مديرية الضرائب، ثم إن بنكيران سبق له أن قدم للمجلس الأعلى للحسابات كشفا بممتلكاته في 2011 عند نهاية انتدابه البرلماني، وقدم له تصريحا ثانيا في 2012 بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وقدم تصريحا ثالثا في منتصف ولايته الحكومية، وقدم تصريحا رابعا بممتلكاته في 2017 بعد نهاية مهامه.
ونحن لا نطالبه سوى أن ينشر هذه الكشوفات أمام المغاربة إذا كان فعلا جادا في الذهاب إلى أبعد حدود الشفافية، مع أن المشكل ليس في لائحة ممتلكاته وإنما في معاشه.
ويبدو أن دعوة بنكيران للناس لزيارته في بيته أصبحت رياضته اليومية المفضلة، وبعد دعوته لجطو لمحاسبته في بيته ها هو يوجه إليّ للمرة الثانية دعوة للقدوم إلى بيته للقيام بما يسميه المباهلة، أي أن أبتهل معه إلى الله ونجعل لعنته على الكاذبين.
وأنا من هذا المنبر أقول لبنكيران إنه ليس بحاجة لأن يبتهل إلى الله لكي يجعل لعنته تنزل عليه إذا كذب لأن اللعنة تنزل عليه يوميا بسبب أكف ملايين الفقراء والمحرومين والمرضى والمهمشين والمهجرين قسرا المرفوعة إلى السماء والذين لم يزدهم خلال سنوات حكمه سوى فقر وبؤس وشقاء ويأس من بلدهم ومستقبله.
هؤلاء الملايين من المواطنين الذين أخذوا أصواتهم للصعود إلى الحكومة والمجالس والجهات والبرلمان وضحكوا عليهم بعدما استووا فوق الكراسي الوثيرة وألفوا التعويضات والامتيازات، هل يعتقد بنكيران أن دعواتهم ليست مستجابة ؟ والموظفون الذين زادهم في سن التقاعد وزادهم في الاقتطاع، ثم غادر الحكومة وحصل على تقاعد من سبعة ملايين يضاف إلى تقاعد مدني، هل يعتقد أنهم يدعون له بالصحة والسلامة وطول العمر ؟ بنكيران كون عندو شوية ديال الإيمان فقلبو يشوف غي وجهو فالمراية وغادي يلاحظ كيفاش زراق بسباب الكذوب والنفاق والتبحليس اللي فيه.
الناس كايكبرو كايبان فيهم النور وهو ما حدو كايكبر ووجهو كايكحال الله يحضر السلامة.
ولكي يميع بنكيران موضوع حصوله على المعاش الاستثنائي “يدور يدور حتى يعيا ويرجع لليوسفي”، مبررا حصوله على المعاش بكون اليوسفي سبقه لذلك، متناسيا أن السياق التاريخي الذي جاء فيه بنكيران إلى السلطة ليس هو السياق نفسه الذي جاء فيه اليوسفي إليها.
فبنكيران جاء على صهوة الربيع العربي شاهرا سيف محاربة الفساد والاستبداد والريع والامتيازات.
اليوسفي لم يلوح قط بهذه الشعارات ومنتهى طموحه كان هو إخراج المغرب من غرفة الإنعاش وتأمين انتقال العرش بسلاسة، وهو ما نجح فيه، وعندما تم تعيين إدريس جطو وزيرا أول مكانه، رغم حصول الاتحاد الاشتراكي على المرتبة الأولى في الانتخابات، أغلق القوس وذهب لحال سبيله، وكل ما قاله كانتقاد لما حصل هو تنبيهه إلى أن تعيين جطو كان فيه خروج عن المنهجية الديمقراطية، ولم يهدد لا بالشارع ولا بالانتفاضة ولا بأي شيء آخر من أجل العودة إلى المشهد السياسي.
لذلك فعندما يقبل بنكيران بـ”معاش استثنائي يضاف إلى المعاش المدني الذي يتقاضاه” كما هو مكتوب في الوثيقة الموقعة بالعطف من طرف وزير المالية، فإن الأمر لا يستقيم، خصوصا وأنه لم يساهم في هذا المعاش الذي سيخرج من خزينة الدولة ولو بدرهم واحد.
أما في ما يخص تهديد بنكيران بمقاضاتي فلا يسعني سوى أن أشجعه على ذلك، لأن القضاء هو الذي سيفصل في ما إذا كانت الوثائق التي نشرنا صحيحة أم مزورة، لأن صنع وثيقة وتزويرها جناية في القانون المغربي، ولا أظن أن رئيس الحكومة ووزيره في المالية سيسكتان على هذا الفعل إذا ثبت حقا.
ونحن بالمناسبة ننتظر التوصل باستدعاء المحكمة بخصوص ماء العينين التي اتهمتنا بنشر صور مفبركة لها، لأنه إلى حدود الساعة لم نتوصل بشيء، ولا يسعنا سوى أن نذكر السيدة ماء العينين بالوفاء بتهديداتها حتى يعرف الرأي العام الكاذب من الصادق.
أما في ما يخص دعوة بنكيران لي للقدوم إلى بيته للتباهل، فإنني أنتمي إلى فصيلة من الصحافيين لا أحب التعرف على الكثير من السياسيين والمسؤولين الحكوميين والعموميين، عكس فصيلة من الصحافيين أصبحت هي السائدة تعتقد أن مصاحبة السياسيين والوزراء وتأثيث مجالسهم هو سدرة المنتهى في سماء الصحافة.
وشخصيا كنت دائما مقتنعا أن الصحافي عندما يتعرف على الكثير من الناس، بشكل شخصي، فذلك يمنعه من الخوض في بعض المواضيع المتعلقة بهم، وبالتالي تضيع الحقيقة ويخسر القرّاء حقهم في الحصول على المعلومة.
ثم إنني شخص مشغول جدا ولا وقت لدي أضيعه مع شخص لم يعد يجد شيئا يشغل به وقته غير النميمة.
لذلك فجوابي على دعوة بنكيران هي “واش أنا ما عندي شغل بحالك باش نجي نجمع معاك، أنا را عندي مؤسسة خدامين فيها كثر من 100 شاب وشابة وخصني فراس الشهر نكون خلصت ليهم المانضة والتقاعود ديالهم، ماشي بحالك عمرك ما عرفتي شنو هيا المسؤولية ديال يكونو عندك موظفين ومستخدمين، مجبد رجليك فالصالون وعاطيها للنكير بحال العكوزات، وفآخر الشهر كاتشدهم صحاح، ما عرقتي عليهم ما تمحنتي عليهم”.