بعد 3 سنوات من الانتخابات.. مجالس الجماعات تحت مجهر التفتيش
مع
مرت ثلاث سنوات على تنظيم الانتخابات الجماعية والجهوية، وتشكيل المجالس الترابية، التي أصبحت تتمتع باختصاصات وصلاحيات غير مسبوقة في ظل القوانين التنظيمية الجديدة. لكن الملاحظ هو أن جل المجالس تعرف صراعات بين مكونات التحالفات المشكلة لها، وبرزت هذه الصراعات منذ انتخاب رؤسائها، في الوقت الذي توقفت عجلة التنمية داخل هذه المدن، وخاصة المدن الكبرى، التي أصبحت تتخبط في مشاكل متعددة عجزت المجالس المنتخبة عن حلها، دون الحديث عن تسجيل اختلالات مالية وإدارية خطيرة، كانت موضوع تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجلس الأعلى للحسابات، ما دفع وزارة الداخلية إلى إحالة العديد من الملفات على القضاء، من أجل حل بعض المجالس الجماعية، أو عزل رؤسائها.
بالإضافة إلى الصراعات السياسية التي تهدد بالإطاحة ببعض رؤساء المجالس الجماعية، تعرف مجالس أخرى، يتوفر فيها حزب العدالة والتنمية على أغلبية مريحة، أزمة مالية أو اختلالات في التدبير والتسيير، تهدد بتوقف المشاريع المبرمجة بهذه المدن، كما هو الحال بمدن طنجة والرباط وفاس، ما دفع الفريق البرلماني للحزب إلى تقديم تعديل على قانون المالية، بإضافة المادة «8 مكرر»، التي تنص على منع المواطنين الذين صدرت لصالحهم أحكام قضائية ضد الجماعات، من الحجز على ممتلكاتها لتنفيذ هذه الأحكام. لكن هذه المادة تم إسقاطها تحت قبة البرلمان، بعد رفضها من طرف الحكومة وفرق من الأغلبية والمعارضة، بدعوى أنها تتعارض مع مقتضيات الدستور وكذلك الخطاب الملكي الذي دعا إلى تسريع تنفيذ الأحكام القضائية المحكوم بها لصالح المواطنين والمقاولات.
هذا ويوجد حوالي 40 رئيس جماعة مهددين بالعزل من مهامهم، بعد إحالة ملفاتهم على القضاء، حسب تقرير صادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوازرة الداخلية، والذي أشار إلى تحريك المتابعة القضائية في حق 102 عضو بالمجالس الجماعية، بينهم 40 رئيس جماعة، و28 نوابا للرئيس، و34 عضوا بالمجالس الجماعية، فيما تم تحريك الدعوى العمومية في حق 43 رئيسا سابقا وأعضاء لارتكابهم أفعالا تستوجب عقوبة جنائية، من قبيل اختلاس المال العام أو تزوير وثائق إدارية أثناء ممارستهم لمهامهم، حيث يؤدي صدور أحكام نهائية في حقهم إلى تجريدهم من عضوية المجالس الجماعية التي ينتمون إليها.
مجالس خارج التغطية
شهدت بعض المدن الكبرى، خلال السنوات الأخيرة، اندلاع موجة من الاحتجاجات، بسبب تردي الخدمات الاجتماعية وتدهور البنيات التحتية، التي تعتبر المجالس الجماعية مسؤولة عنها. لذلك هناك من يعتبر أن الجماعات المحلية هي أصل مشاكل كل المغرب وسبب الاحتقان الاجتماعي الذي تعرفه جهات المغرب اليوم، رغم أن الإطار القانوني والتنظيمي المؤطر لعملها، بالاستناد إلى توجهات الدستور الجديد، خول لها صلاحيات واسعة، ناهيك عن أن سياسة اللامركزية تراهن على جعل الجماعات الترابية كيانا فاعلا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي ترمي بالخصوص إلى تلبية حاجيات المواطنين.
ولتحقيق ذلك، تعتمد الجماعات الترابية في تمويل المشاريع على ميزانياتها الخاصة، أما إذا كانت المشاريع تفوق إمكانياتها المادية، فإنها تلجأ إلى عقد شراكات فيما بينها أو مع الدولة أو الهيئات العمومية وكذا مع القطاع الخاص. كما تناط بالجماعة داخل دائرتها الترابية مهام تقديم خدمات القرب للمواطنات والمواطنين في إطار الاختصاصات المسندة إليها بموجب القانون التنظيمي الجديد، وذلك بتنظيمها وتنسيقها وتتبعها. ولهذه الغاية، تمارس الجماعة اختصاصات ذاتية، واختصاصات مشتركة مع الدولة في عدة مجالات ذات العلاقة مع العيش اليومي للمواطن، ومنها، على الخصوص، تنمية الاقتصاد المحلي وإنعاش الشغل، القيام بالأعمال اللازمة لإنعاش وتشجيع الاستثمارات الخاصة، ولاسيما إنجاز البنيات التحتية والتجهيزات، والمساهمة في إقامة مناطق للأنشطة الاقتصادية وتحسين ظروف عمل المقاولات.
إلى ذلك، يفرض القانون التنظيمي للجماعات، في مادته 78، على رؤساء الجماعات وضع برنامج التنمية الجماعية يمتد لمدة ست سنوات. وبعد مرور قرابة سنتين على إجراء الانتخابات الجماعية، فإن أغلب، إن لم يكن جل رؤساء الجماعات، لم يضعوا برامج تنموية للنهوض بالبنيات التحتية وخلق مشاريع تشمل المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات المجالس الجماعية. ومن المفروض، حسب القانون، إعداد برنامج عمل الجماعة في السنة الأولى من مدة انتداب المجلس على أبعد تقدير، بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية.
دافعو الضرائب يمولون الجماعات
تتصرف الجماعات في مبالغ مالية كبيرة من أموال دافعي الضرائب، فبالإضافة إلى المداخيل الجبائية للجماعات والمداخيل المحصلة من الأملاك العقارية ومختلف الأملاك الجماعية، هناك صندوق خاص لتمويل الجماعات المحلية عبارة عن حساب خصوصي يسمى «حصة الجماعات المحلية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة»، وذلك لتمكين الجماعات من موارد مالية كافية تمكنها من الحفاظ على توازنها المالي والاضطلاع بالمهام المنوطة بها. ويتم تمويل هذا الصندوق من حصة لا تقل عن 30 في المائة من منتوج الضريبة على القيمة المضافة المحصلة على الصعيد الوطني. وإلى حدود متم السنة الماضية، بلغ الحجم الإجمالي للمبالغ المرصودة في هذا الحساب ما يناهز 28 مليار درهم. وهناك مصدر تمويلي آخر تستفيد منه الجماعات، وهو صندوق التجهيز الجماعي التابع لوزارة الداخلية، لكن عوض توجيه القروض التي تحصل عليها الجماعات من هذا الصندوق، لتمويل المشاريع التنموية والبنية التحتية، تحول الصندوق إلى كنز تذهب أمواله إلى جيوب رؤساء الجماعات وشركات الأهل والأصحاب.
وحسب آخر المعطيات، فقد منح الصندوق، منذ سنة 2003، ما مجموعه 1287 قرضا بمبلغ إجمالي قدر بـ 8,20 مليارات درهم، همت 623 جماعة ترابية. ورصد المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره الأخير، مجموعة من الاختلالات تشوب المشاريع المقترحة من طرف الجماعات والممولة من طرف الصندوق، حيث لوحظ أن الصندوق لا يطلب من الجماعات الإدلاء بالوثائق التي تخص انتهاء المشاريع، مما لا يمكنه من الحصول على معلومات مرتبطة بتنفيذ المشاريع الممولة، لاستخدامها كقاعدة بيانات لقياس فعالية وكفاءة إسهاماتها في التنمية المحلية وللقيام بتقييم بعدي للمشاريع الممولة. ويقدم الصندوق للجماعات الترابية ومجموعاتها وللمؤسسات العمومية المحلية، كل مساعدة تقنية أو مالية، خصوصا في شكل قروض أو سلفات من أجل تمويل الدراسات والأشغال المتعلقة بأعمال تجهيزها، كما يساعد الجماعات الترابية لتحديد مشاريعها وتقييمها وتتبع تنفيذها، ويقدم مساعدته للدولة وإلى أية هيئة من الهيئات العامة من أجل دراسة وإنجاز المخططات والبرامج المتعلقة بتنمية الجماعات الترابية.
ضعف الحكامة وغياب الشفافية
تقوم المفتشية العامة لوزارة الداخلية، بإنجاز عدد من مهام التفتيش، تتمحور حول مراقبة التسيير الإداري والمالي والتقني لبعض الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها، والبحث والتحري في تصرفات منسوبة لبعض رجال السلطة، ومراقبة ميدان التعمير، ومهام البحث في شأن شكايات أو مواضيع مختلفة، والمهام المتعلقة بعمليات تسليم السلط. وذكرت الداخلية أنه، بعد الانتهاء من جميع الأبحاث والتحريات بالجماعات الترابية المعنية، تقوم اللجن التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بإعداد تقارير التفتيش والمراقبة وفق المعايير المعمول بها في هذا الميدان، حيث يراعي الاحترام التام لحق الدفاع باعتباره من الحقوق الكونية، إذ تتم، في إطار ما يصطلح عليه بالمسطرة التواجهية، إحالة النتائج المتوصل إليها، عقب الانتهاء من إعداد التقارير، على المنتخبين الجماعيين المعنيين حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وتقديم تعليلاتهم بخصوص مختلف التجاوزات والمخالفات المنسوبة إليهم. وتنجز هذه اللجن مهام تفتيش وتحرّ، تتعلق مواضيعها بالتسيير المالي والإداري للجماعات الترابية ومراقبة التعمير، وتسليم السلط والبحث في التصرفات المنسوبة لبعض رجال السلطة وأعوانهم وبعض الموظفين، والتحقيق في الشكايات المرفوعة ضد المنتخبين أو بميادين أخرى.
ومن بين الملاحظات المسجلة من طرف المفتشية العامة، رصد مجموعة من الاختلالات تتعلق بسوء تدبير قطاع المداخيل بالجماعات الترابية، وضعف تدابير المراقبة الداخلية، مما قد يؤثر سلبا على ممارسة شساعة المداخيل للاختصاصات الموكلة إليها، والإعفاءات غير المبررة للملزمين الخاضعين لبعض الرسوم المحلية واستخلاص الجماعات دون سند قانوني لبعض المداخيل، وعدم القيام بالإجراءات اللازمة لتحصيل بعض مداخيل الجماعات، كما هو الحال بالنسبة لواجبات الأكرية والرسم على استخراج مواد المقالع والرسم على عمليات تجزئة الأراضي والرسم المفروض على محال بيع المشروبات، والرسم على محطات الوقوف والنقل العمومي، والرسم المفروض على شغل الملك العمومي لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية، ومداخيل النقل بواسطة سيارة الإسعاف ومنتوج استغلال المياه، إضافة إلى تراكم مبالغ «الباقي استخلاصه».
وأبانت تحريات لجن التفتيش وجود مجموعة من الاختلالات على مستوى استخلاص الرسوم والواجبات وأجور الخدمات المستحقة لفائدة ميزانية الجماعات القروية والحضرية، من بينها التقاعس عن إصدار أوامر استخلاص العديد من الرسوم المستحقة لفائدة الجماعة، وذلك خلافا لمقتضيات القانون رقم 97- 15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، والمادة 27 من المرسوم رقم 2.09.441 الصادر في 3 يناير 2010 بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها. ومن شأن هذا التقاعس أن يؤدي إلى سقوط جزء مهم من هذه الرسوم في التقادم، وعدم تفعيل مسطرة فرض الرسم بصفة تلقائية عند عدم إدلاء الملزمين بإقراراتهم السنوية المتعلقة ببعض الرسوم المحلية أو عند عدم أدائهم لهذه الرسوم، وعدم قيام الجماعة، بمعية المصالح الضريبية المعنية، بإحصاء الوعاء الضريبي الخاص بالرسم المهني ورسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية كما تنص على ذلك مقتضيات القانون رقم 06- 47 المتعلق بالجبايات المحلية.
اختلالات تنفيذ النفقات العمومية
على مستوى تدبير المصاريف، أظهرت مهام مراقبة التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات على مستوى تنفيذ النفقات العمومية، كما أبانت، كذلك، العديد من النواقص طبعت إنجاز المشاريع الجماعية وتسببت في تعثر البعض منها. وتتلخص أهم الملاحظات في إنجاز الجماعات لمشاريع دون الاعتماد على دراسات تقنية مسبقة، ومشكل غياب سجلات المحاسبة المتعلق بالجماعات المحلية ومجموعاتها، سيما دفتر تسجيل حقوق الدائنين والدفتر اليومي لأوامر الأداء الصادرة، وعدم احترام الضوابط القانونية بتنفيذ الصفقات العمومية، وخرق المساطر المعمول بها وعدم اعتماد المحاسبة المادية بالنسبة لمقتضيات الجماعة، ما يشكل خرقا لمقتضيات المواد من 111 إلى 113 من المرسوم المتعلق بنظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، فضلا عن إهمال مجموعة من الممتلكات المعطلة من أجهزة ومعدات وآليات بالمخزن الجماعي، رغم إمكانية إصلاحها، كما رصد التقرير اختلالات تتعلق بسوء تدبير حظيرة السيارات.
وسبق لوزير الداخلية التأكيد، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني حول دعم الافتحاص الداخلي بالجماعات، والذي نظمته المديرية العامة للجماعات المحلية، على أهمية الافتحاص الداخلي للجماعات، واعتبر أن ورش تكريس الافتحاص الداخلي بالجماعات يأتي في إطار تنزيل مقتضيات الدستور، كما يعد عنصرا مهما من عناصر تفعيل الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا خاصا، نص فيه على إخضاع المرافق العمومية للمراقبة والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأضاف الوزير أنه، في إطار تعزيز المسار الديمقراطي للمغرب وجعل الجهوية رافعة محورية للتنمية الترابية، تم توسيع اختصاصات الجماعات الترابية وتخفيض مستويات الوصاية والرقابة القبلية عليها. لذلك، أصبح من اللازم اعتماد آليات الرقابة الداخلية، كالافتحاص الداخلي الذي يعد أداة لمساعدة القائمين على التدبير المحلي على تقييم مدى استجابة البرامج للخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا على أن وزارة الداخلية، بكل مكوناتها، ستظل حريصة على مواكبة هذا الورش، خاصة عبر التكوين ودعم القدرات.
وفي مداخلتها، أشارت الوالي المفتش العام للإدارة الترابية، زينب العدوي، إلى أن الافتحاص الداخلي آلية مهمة لتحصين عمل الجماعات الترابية من الانزلاقات، كما أكدت على أن مهام المواكبة التي تقوم بها المفتشية العامة للإدارة الترابية، أفضت إلى كون الاختلالات التي تعرفها الجماعات الترابية ليست نتيجة سوء نية، ولكنها تهم بالأساس منظومة التدبير لعدم الاضطلاع الكامل للجماعات الترابية بالمجالات القانونية التي تؤطر عملها. وفي إطار مصاحبة الجماعات الترابية للقيام بمهامها، فإن المفتشية العامة للإدارة الترابية، تضيف الوالي، بصدد إحداث وحدات خاصة للمواكبة، كما أعدت برنامجا من أجل تكريس المراقبة الداخلية بالجماعات الترابية، يتضمن إجراء تشخيص تشاوري ودقيق يمكن من تحديد النقائص، وتحديد شروط ومفاتيح نجاح التجربة، ومواكبة وحدات الافتحاص الداخلي على المستوى التقني وفي مجال التكوين، بتعاون مع مديرية تكوين الأطر الإدارية والتقنية.
الداخلية تحاصر تلاعب رؤساء بالأملاك العقارية الجماعية
تفجرت، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فضائح من العيار الثقيل، تتجلى في تفويت عقارات في ملكية الجماعات، لفائدة منعشين عقاريين. ولذلك سارعت المديرية العامة للجماعات المحلية والمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، إلى فتح تحقيق بشأن ملفات تتعلق بتفويت عقارات تدخل في ملكية الأملاك الجماعية، تتواجد بمواقع استراتيجية ببعض المدن الكبرى، أغلبها يشرف على تسييرها رؤساء ومنتخبون ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية.
وكشفت المصادر، أن رؤساء الجماعات أعلنوا، أخيرا، عن تفويت عقارات تدخل ضمن الأملاك الجماعية، بهدف تغطية العجز الذي تعرفه ميزانية المدن التي يشرفون على تسييرها. والمثير في الأمر، حسب المصادر ذاتها، هو استحواذ منعشين عقاريين معروفين على بعض العقارات التي تتواجد بمواقع استراتيجية، ما ينذر بتفجر فضائح من العيار الثقيل تخص بعض الملفات، وخاصة استحواذ مقاولين معروفين بعلاقتهم بمنتخبين محليين على عقارات جماعية بعد تسجيل اختلالات في مسطرة التفويت أو نزع الملكية.
وسارعت المديرية العامة للجماعات المحلية إلى إعداد الصيغة النهائية لمشروع قانون يتعلق بأملاك الجماعات الترابية، وهو بمثابة نظام قانوني موحد لأملاك الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات. ويتوخى المشروع تعديل وتوحيد النصوص التشريعية المنظمة لهذه الأملاك، التي تتسم بتعددها وكونها متجاوزة، إذ ترجع إلى عهد الحماية، فضلا عن أنها غير مكتملة بفعل غياب مقتضيات خاصة بتدبير الملك العام الجماعي، إضافة إلى تعقيد المساطر وعدم ملاءمة أساليب تدبير الملك الجماعي، ما يؤدي إلى ضعف المساهمة في موارد الأملاك الجماعية في تنمية هذه الجماعات. ولتجاوز هذه الوضعية، فإن مشروع القانون يهدف إلى تنمية الأملاك الجماعية وتحسين مداخيلها وتحديث أساليب ومساطر تدبيرها وتعزيز المحافظة عليها.
ويتضمن مشروع القانون أحكاما جديدة تروم تمتيع الجهات والعمالات والأقاليم بنظام موحد للأملاك الجماعات الترابية، على غرار الجماعات، لكونها تتوفر حاليا على قانون خاص بأملاكها، وتوحيد المقتضيات القانونية المطبقة على أملاك الجماعات الترابية وتبسيط مسطرة تدبيرها، مع وضع نظام قانوني لأملاك الجماعات الترابية، حيث يتم حاليا تطبيق أحكام القوانين المنظمة للملك العام للدولة، وتتولى المديرية العامة للجماعات المحلية إحصاء أملاك الجماعات الترابية وتحفيظها، وضبط وحماية الأملاك الجماعية وتنميتها، فضلا عن تعزيز الرصيد العقاري الجماعي، وتثمين وتحسين مردودية أملاك الجماعات الترابية.
وحسب تقرير لوزارة الداخلية، فإن الإصلاح التشريعي وحده غير كاف لتحسين مردودية الأملاك العقارية للجماعات الترابية، بحيث تعمل المديرية العامة للجماعات المحلية على إجراء إحصاء شامل لهذه الأملاك لمعرفة الرصيد العقاري للجماعات، ووضع برنامج شمولي لتعميم نظام التحفيظ العقاري، لحماية هذه الأملاك من الترامي والضياع، وكذلك تحيين محتويات الأملاك الجماعية، بتقييد الممتلكات التي تمت تسوية وضعيتها القانونية بالسجلات العقارية باسم الجماعات، وكذا العمل على تحيين الرسوم العقارية لهذه الأملاك.
ولمواجهة الاستحواذ على الأملاك العقارية الجماعية، سيتم الشروع في تحفيظ الأملاك غير المحفظة وتحيين الرسوم العقارية للأملاك المحفظة بكيفية تدريجية، لحماية الملكية العقارية الجماعية وتعبئتها لتحقيق التنمية المحلية، وذلك من خلال تطهيرها من الحقوق والتحملات والنزاعات، وتأسيس رسوم عقارية تعكس الوضعية القانونية والمادية لهذه العقارات، وضبط سجلات محتويات أملاكها وتحيين البيانات المضمنة بها، حتى تكون مرجعا موثوقا به وشاملا للمعلومات المتعلقة بالأملاك المقيدة فيها وتواكب جميع العمليات الجارية عليها. ووضعت وزارة الداخلية، كذلك، نظاما معلوماتيا يسمى «أطلس خرائطي»، في إطار شراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، يوضح موقع هذه الأملاك ومساحتها ورسومها العقارية ومشتملاتها. وسيساهم هذا النظام في تدبير واستغلال الأملاك الجماعية.
وستتولى مديرية الممتلكات بوزارة الداخلية القيام بدراسة ميدانية للاطلاع على الوضعية الجارية لاستغلال الأملاك الجماعية، عن طريق الكراء والاحتلال المؤقت، وتقييم مردودية هذه الأملاك واقتراح الحلول الناجعة لإنجاح العملية، فضلا عن مراجعة الأكرية والإتاوات المستخلصة عن الاحتلال المؤقت للملك العام الجماعي لتحسين مردوديتها، وتطبيق المنافسة كقاعدة عامة في استغلال وتفويت الأملاك الجماعية لتحسين الحكامة وتطبيق الشفافية في تدبير هذا القطاع.
مفتشية العدوي ترصد خروقات واختلالات خطيرة في تدبير الجماعات
بعد مرور ثلاث سنوات على عمر المجالس الجماعية المنتخبة وفق القوانين الجديدة، شرعت وزارة الداخلية في مسطرة حل مجالس جماعية، وعزل رؤساء جماعات ترابية، بناء على مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات، وذلك بناء على تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة للوزارة، والتي توجد على رأسها الوالي زينب العدوي.
وتوصلت المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية إلى حدود منتصف شهر شتنبر الماضي، بحوالي 1305 ملفات من مختلف الإدارات المركزية والترابية وأيضا من منتخبين والمجتمع المدني، يتعلق معظمها بتدبير الشأن المحلي، وبالخصوص أشغال المجالس المحلية وتدبير المصالح الجماعية ودور السلطة المحلية في هذا الشأن، ومن بين هذه الملفات، تم تسجيل 671 ملفا تخص التسيير الإداري والمالي، و184 ملفا تخص قطاع التعمير، و215 ملفا تخص منازعات قضائية.
وبعد دراسة هذه الملفات وإجراء التحريات الأولية، قامت المفتشية برسم نفس المدة بإدراج 43 مهمة تفتيش وبحث، وضم 61 ملفا لملفات مهام تفتيش سابقة قصد دراستها، وتمت مراسلة المصالح المركزية للوزارة بخصوص 19 ملفا، وولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات بخصوص 328 ملفا، ووزارات أخرى بخصوص ثلاثة ملفات، كما أن 851 ملفا كان مآلها التتبع، منها ما يتعلق بمذكرات وتقارير إخبارية أو إشعارات بمتابعات قضائية، ومنها ما تقرر تتبعه على إثر نتائج الأبحاث الأولية التي تمت مباشرتها بشأنها ومنها ملفات لازالت قيد الدراسة٠
وإلى حدود منتصف شهر شتنبر الماضي، قامت مفتشية العدوي، بتدبير ما مجموعه 89 مهمة، منها 63 مهمة بحث وتحري (تضم 43 مهمة تم إيفادها خلال السنة الحالية و20 مهمة منجزة خلال السنة الماضية تم استكمال تدبيرها خلال السنة الجارية)، و26 مهمة تتعلق بمواكبة عمليات تسليم السلط بين الولاة وعمال العمالات والأقاليم.
وأسفرت مهام التفتيش والبحث المنجزة، عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير، تختلف حسب طبيعة الخروقات المرتكبة من إجراءات تقويمية إلى إجراءات تأديبية والإحالة على الأجهزة القضائية في حالة تسجيل خروقات ذات صبغة جنائية، حيث أحالت المفتشية سبعة ملفات على القضاء، ومباشرة مسطرة العزل في حق ثلاثة رؤساء مجالس جماعية، وإحالة تقريرين على المجالس الجهوية للحسابات، ومباشرة مسطرة حل مجلس جماعي.
ومن أبرز الملاحظات التي سجلتها المفتشية في شأن أعمال رؤساء المجالس ومقررات الجماعات الترابية، تدخل نواب الرئيس في شؤون الجماعة وممارسة مهام تدبيرية بدون التوفر على تفويضات بذلك، وعدم اعتماد نظام المحاسبة المادية في تتبع جميع التوريدات والمقتنيات، بالإضافة إلى توقيع نواب الرئيس على وثائق إدارية دون التوفر على تفويضات في مواضيعها، وعلى مستوى تدبير المداخيل والنفقات، سجلت تقارير المفتشية، عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم.
وأظهرت مهام التفتيش التي شملت جوانب مختلفة من التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات خاصة على مستوى تنفيذ الطلبيات العمومية، كما أبانت كذلك عن العديد من النقائص طبعت إنجاز بعض المشاريع وتسببت في تعثر البعض منها، ويتعلق الأمر بعدم احترام مقتضيات دفتر التحملات بخصوص إنجاز أشغال الصفقات، وأداء مبلغ عن خدمات لم تنجز، وأداء مبالغ متعلقة بسندات طلب دون الإنجاز الكامل للأشغال، واللجوء المتكرر إلى عدد محدود من الموردين، اللجوء إلى تسوية وضعية نفقات باللجوء بسندات الطلب، بالإضافة إلى تسليم أشغال صفقة بالرغم من عدم احترام المواصفات التقنية المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة.
وأكدت مفتشية الداخلية أن تسيير قطاع التعمير يعرف مجموعة من الاختلالات تتعلق خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية، ومنها تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالإضافة إلى منح شهادات إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم علو تفويض في ميدان التعمير، كما لاحظت تقارير المفتشية، تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات موجودة في مناطق محرمة البناء وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها.
كما رصدت المفتشية العامة، قيام بعض رؤساء الجماعات بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء.
دور الولاة والعمال في ممارسة الرقابة على مقررات المجالس الجماعية وعزل الرؤساء
تضمن القانون التنظيمي للجماعات الترابية صلاحيات جديدة للعمال تعطيهم سلطة قوية فوق رؤساء الجماعات، وإخضاع كافة القرارات التي تتخذها المجالس الجماعية لمراقبتهم. وأكد القانون أن جميع مقررات مجالس الجماعات وقرارات رؤسائها المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجماعات الترابية، تخضع لمراقبة الشرعية من طرف العمال، وتكون مقررات مجالس الجماعة قابلة للتنفيذ بعد تبليغها إلى عامل العمالة أو الإقليم أو من يمثله، عدا في حالة التعرض عليها داخل الآجال المحددة. وينص القانون على ضرورة أن يوجه رئيس مجلس الجماعة هذه المقررات إلى عامل العمالة أو الإقليم أو من يمثله داخل أجل لا يتعدى 5 أيام من أيام العمل الموالية لاختتام الدورة، وذلك مقابل وصل، ولا تكون هذه المقررات قابلة للتنفيذ في حالة عدم تبليغها إلى عامل العمالة أو الإقليم، أو من يمثلهما داخل الآجال المحددة.
كما يتم وجوبا تبليغ القرارات التنظيمية المتخذة في مجالات الشرطة الإدارية، وجميع القرارات الفردية المتعلقة بالتعمير إلى عامل العمالة أو الإقليم، أو من يمثله، داخل أجل خمسة أيام تبتدئ من تاريخ اتخاذ القرار، وتعتبر باطلة بحكم القانون المقررات المتعلقة بموضوع خارج عن نطاق اختصاصات الجماعة وصلاحيات مجلسها أو المتخذة خرقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ويعلن عن البطلان، في كل وقت وآن، من طرف المحكمة الإدارية المختصة بطلب من عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه، وتبت المحكمة الإدارية المختصة في الطلب داخل أجل لا يتجاوز ثلاثين يوما، وتبلغ المحكمة وجوبا نسخة من الحكم إلى عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه ورئيس المجلس المعني، وذلك داخل أجل 10 أيام بعد صدوره.
ويتعرض عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه على المقررات المتعلقة بموضوع خارج عن نطاق اختصاصات الجماعة وصلاحيات مجلسها أو المتخذة خرقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ويبلغ تعرضه معللا إلى رئيس مجلس الجماعة داخل أجل لا يتعدى 5 أيام من العمل ابتداء من تاريخ التوصل بالمقرر، ويلزم تعرض عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه المجلس المعني إجراء دراسة جديدة للمقرر المتخذ، وفي حال رفض المجلس المعني إجراء دراسة جديدة أو في حالة الإبقاء على المقرر المتنازع فيه، يحيل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه المقرر المتخذ على قاضي المستعجلات. وفي هذه الحالة يقول مشروع القانون وجب على المحكمة الإدارية المختصة البت في طلب وقف تنفيذ المقرر، داخل أجل 48 ساعة يبتدئ من تاريخ توصلها بهذا الطلب، وبمجرد الإحالة على المحكمة يتوقف تنفيذ المقرر.
وينص مشروع القانون، على أن بعض المقررات لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه، ويتعلق الأمر بمقررات الميزانية، والمقررات ذات الوقع المالي على النفقات والمداخيل، سيما الاقتراضات والضمانات وفرض الرسوم المأذون بها، وتفويت الأملاك الجماعية وتخصيصها، والمساعدات والهبات والوصايا، وتسمية الشوارع والساحات العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي، اتفاقيات التعاون أو الشراكة. ويتعين أن يتم التأشير من طرف عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه على هذه المقررات داخل أجل 20 يوما من تاريخ توصله بالمقرر، ويعتبر عدم التعرض على هذه المقررات بعد مرور هذه الآجال بمثابة تأشيرة.
وخلافا للقوانين السابقة المنظمة للجماعات الترابية، التي كانت تمنح كامل السلطة لوزير الداخلية في اتخاذ قرارات عزل رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم، فإن هذه السلطة أصبحت في يد القضاء ضمن القانون التنظيمي للجماعات الترابية المعمول بها حاليا منذ الانتخابات الجماعية، وحسب القانون، يختص القضاء وحده بعزل أعضاء المجلس وكذلك بالتصريح ببطلان مداولات مجلس الجماعة وكذا بإيقاف تنفيذ المقررات والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية، ويختص القضاء وحده بحل مجلس الجماعة، فيما تنص المادة 64 من المشروع نفسه على أنه إذا ارتكب عضو من أعضاء مجلس الجماعة غير رئيسها، أفعالا مخالفة للقانون والأنظمة الجاري بها العمل، قام عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه عن طريق رئيس مجلسها بمراسلة المعني بالأمر للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه، داخل أجل لا يتعدى 10 أيام ابتداء من تاريخ التوصل.
ووفق المشروع، إذا ارتكب رئيس المجلس أفعالا مخالفة للقانون والأنظمة الجاري بها العمل، قام عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه بمراسلته قصد الإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأعمال المنسوبة إليه، داخل أجل لا يتعدى عشرة أيام ابتداء من تاريخ التوصل، كما يجوز للعامل أو من ينوب عنه، وبعد التوصل بالإيضاحات الكتابية المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية أعلاه، حسب الحالة، أو عند عدم الإدلاء بها بعد انصرام الأجل المحدد، إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية وذلك لطلب عزل عضو المجلس المعني بالأمر من مجلس الجماعة أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو المجلس، وتبت المحكمة في الطلب داخل أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ توصلها بالإحالة، وفي حالة الاستعجال يمكن إحالة الأمر إلى قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله بالطلب، ويترتب على إحالة الطلب على المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، كما ينص مشروع القانون على أنه لا تحول إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية دون المتابعات القضائية، عند الاقتضاء.
رؤساء «البيجيدي» يتساقطون تباعا بسبب ملفات الفساد
شرعت وزارة الداخلية في قطف رؤوس عدد من رؤساء المجالس الجماعية، بإحالة ملفاتهم على القضاء لمتابعتهم بتهم تتعلق بتبذير المال العام، أو تورطهم في مخالفات خطيرة، وخصوصا في مجال التعمير. وأحالت الوزارة، أيضا، بعض التقارير التي توصلت بها من طرف المجلس الأعلى للحسابات، فيما باشرت مسطرة العزل في حق منتخبين آخرين، وذلك عن طريق تحريك دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية.
وبدأ رؤساء المجالس الترابية، المنتمون إلى حزب العدالة والتنمية، يتساقطون تباعا، بعد صدور قرارات عزلهم من طرف القضاء الإداري، إثر تورطهم في اختلالات إدارية ومالية تتعلق بتدبير المجالس الجماعية منذ الانتخابات التي جرت قبل ثلاث سنوات. فبعد عزل رئيس مجلس مدينة المحمدية، حسن عنترة، ورئيس مجلس مدينة سيدي سليمان، محمد الحفياني، وعزل رئيس جماعة «بنمنصور» بضواحي القنيطرة، ومحاكمة رئيس جماعة «عين تاوجطات» بإقليم الحاجب، جاء الدور على مدينة مكناس، حيث أصدر عامل الإقليم، عبد الغني الصبار، قرارا بتوقيف بوسلهام الشرقاوي، رئيس جماعة «عين كرمة- واد الرمان»، عن ممارسة مهامه، إلى غاية بت المحكمة الإدارية في طلب العزل الذي تقدمت به سلطات الداخلية، حيث قضت المحكمة بعزل الرئيس.
وأصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكما يقضي بعزل فوزي بنعلال من رئاسة ومن عضوية المجلس الجماعي للهرهورة (عمالة الصخيرات- تمارة)، وترتيب الآثار القانونية على ذلك مع النفاذ المعجل. وجاء عزل بنعلال، حسب منطوق الحكم، لـ«ثبوت ارتكابه، بمناسبة ممارسته لمهامه، عدة مخالفات، وخروقات جسيمة للقوانين، والأنظمة الجاري بها العمل، وقفت عليها لجنة تفتيش تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية». وأكد منطوق الحكم أن «دراسة تقرير المفتشية العامة من طرف مصالح عمالة الصخيرات- تمارة بين أن تلك المخالفات تضر بمصالح الجماعة بشكل كبير وتتنافى وأخلاقيات المرفق العام، مما يوقع تلك الأفعال في دائرة أحكام الفصل 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات»، وأوضح أن هذه المخالفات تتعلق بـ«خرق القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعمير، ومخالفة القواعد القانونية المتعلقة باستخلاص رسوم الجماعة ومستحقاتها ومخالفة قواعد المنافسة في إبرام عقود استغلال أملاك الجماعة».
وأوضح تقرير لوزارة الداخلية، أنها أحالت 65 عضوا بالمجالس الجماعية على القضاء، بسبب ارتكابهم أعمالا مخالفة للقانون وتضر بأخلاقيات المرفق، بينهم 22 رئيس جماعة، و13 نائبا للرئيس، و30 مستشارا جماعيا، فيما أحال الولاة والعمال 16 ملفا على المحاكم الإدارية من أجل استصدار أحكام قضائية من أجل عزل تسعة مستشارين جماعيين وأربعة نواب للرئيس وثلاثة رؤساء، وكذا تحريك الدعوى العمومية في حق 16 رئيسا سابقا وأعضاء بمجالس جماعية، لارتكابهم أفعالا تستوجب عقوبة جنائية، كاختلاس المال العام أو تزوير وثائق إدارية أثناء ممارستهم لمهامهم.
وكشف التقرير، أن المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، توصلت، من خلال مديرية الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون، بـ13 تقريرا من المجلس الأعلى للحسابات، تضمنت ملاحظات تتعلق بالجانب المالي والمحاسبي والصفقات العمومية والممتلكات الجماعية والتسيير الإداري. وذكر المصدر ذاته، أنه تمت إحالة هذه التقارير على المفتشية العامة للإدارة الترابية، التي توجد على رأسها الوالي زينب العدوي، كما توصلت المديرية بـ 13 تقريرا من طرف المجالس الجهوية للحسابات، تتعلق بمراقبة تسيير المجالس الجماعية تمت إحالتها بدورها على المفتشية. ومن المنتظر أن يتم، على ضوء هذه التقارير، الشروع في مسطرة عزل بعض رؤساء الجماعات المتورطين في اختلالات وخروقات خطيرة تستدعي عزلهم من مناصبهم عن طريق القضاء الإداري. وكشف تقرير للوزارة، أن مديرية الجماعات المحلية توصلت بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، يتعلق بتدبير 178 جماعة، وذلك قصد التعقيب على الملاحظات المزمع إدراجها ضمن التقرير السنوي للمجلس نفسه، حيث تم توجيه رسالة إلى الرئيس الأول للمجلس، إدريس جطو، تتضمن إبداء الرأي بخصوص هذه الملاحظات.
إلى ذلك، توصلت المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، بستة تقارير منجزة من طرف السلطات الإقليمية بخصوص تدبير بعض الجماعات، تضمنت في مجملها ملاحظات حول بعض التجاوزات تهم الجانب المالي والإداري ومجال التعمير، وكذا مختلف التجاذبات التي تعرفها المجالس بين الأغلبية والمعارضة، حيث تمت مراسلة بعض العمال قصد تذويب الخلافات الموجودة بين مختلف مكونات بعض المجالس وإيجاد الحلول لها، وفي أحيان أخرى قصد توجيه استفسارات لهؤلاء الرؤساء طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات.
وذكر تقرير لوزارة الداخلية، أنه إثر الاختلالات التي تقف عليها المجالس الجهوية للحسابات لمختلف مصالح الجماعات، تم إصدار 31 حكما في حق رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم، وذلك في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بخصوص التجاوزات المرتكبة من طرفهم. وأشار التقرير، إلى أنه طبقا لمقتضيات المادة 20 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والمادة 51 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، تم رفع ثلاث دعاوى قضائية من أجل تجريد نائب للرئيس ومستشارين من عضويتهم بسبب تغيير الانتماء السياسي. وتطبيقا لمقتضيات القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، تمت معاينة استقالة عضو واحد، في حين تقدم 90 عضوا باستقالتهم من المهام أو العضوية، توزعت ما بين عضو واحد بالنسبة لمجالس الجهات، و88 عضوا بمجالس الجماعات، وعضو واحد على مستوى مجالس المقاطعات.