سيدي مومن يمثلنا
مع Télé maroc
في رواية "نجوم سيدي مومن" للكاتب ماحي بينبين، نتوقف عند شاب انتحاري كان، قبل توقيعه في كشوفات تنظيم "القاعدة"، حارسا واعدا حمل لقب "ياشين" تشبها بالحارس الروسي الشهير، لكن الارتماءات الانتحارية لابن سيدي مومن في ملاعب تطل على مطرح النفايات، سرعان ما تحولت إلى أعمال انتحارية في تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003.
لا يعرف بعض القائمين على الرياضة في هذه المنطقة خطورة المهمة التي تنتظرهم، منهم من يعتقد أن الرياضة فوز وتعادل وخسارة، وأن انتشال شباب المنطقة من التطرف شأن بوليسي، في زمن لم يعد استقطاب المتطرفين يقتصر على الباعة المتجولين، بل امتد إلى مدرجات الملاعب، بعد أن تبين أن عالم الرياضة، وكرة القدم على الخصوص، مستعد لتصدير كائنات لها استعداد فطري للقتال والاقتتال.
في سيدي مومن ظل القول المأثور "إلا مجابها القلم يجيبها القدم" ساري المفعول، قبل أن تطرأ تعديلات على القول الشائع وتنضم القبضة القوية للقدم. بعد التنقيح أصبح أبناء حي سيدي مومن يرددون "إلا مجابها القلم يجيبها القدم والقبضة"، سيما بعد أن تغيرت أحوال كثير من الرياضيين الذين، بفضل تألقهم الرياضي، نفضوا عنهم غبار الفقر وأصبحوا من علية قوم سيدي مومن.
لم يعد دوار السكويلة مجرد فضاء سكني هامشي لإنتاج الانتحاريين والباعة المتجولين وفصائل العاطلين، لم يعد بؤرة توتر للسلطات وفضاء للبناء العشوائي سرا وعلانية، بل أضحى مصنعا لإنتاج الأبطال والمبدعين، قبل أن تنتهي أسطورة هذا التجمع السكني.
ليس دوار السكويلة، الذي نبت في هامش الدار البيضاء منذ سنة 1930، مرتبطا بمجينينة الذي كان عداء للمسافات الطويلة قبل أن يتحول إلى هارب من العدالة، أو الرايضي المتطرف الذي كان حاصلا على الحزام الأسود في فنون القتال قبل أن يستبدله بحزام ناسف، أو ولد رابحة الذي ربح مبلغا ماليا خرافيا في لعبة الرهان فتاب توبة غير نصوح، وغيرهم من النماذج التي حيرت رجال الأمن والمخبرين.
ليس هؤلاء وغيرهم هم منتوج دوار السكويلة، بل هناك أبطال صنعوا مجد الحي عالميا، ووقفوا فوق منصات التتويج ينصتون لعزف النشيد الوطني وأمام عيونهم تتراقص لعوينة والدروب الضيقة وملاعب القرب التي تحتلها أكوام الأزبال، وصورة مقدم الحي وهو يمسح بعينيه تفاصيل البيوت ويتأمل الوافدين الجدد، ومشهد الأطفال المتأبطين لمحافظ من نفس اللون والحجم تبين أنها هدايا من جمعية "العلم نور".
اليوم يمثل سيدي مومن المغرب، فقد شاءت الصدف أن تتأهل ثلاث ملاكمات مغربيات إلى أولمبياد باريس، كلهن ينتمين لهذا الحي العريق، فقد انتزعت خديجة المرضي وياسمين متقي ووداد برطال تأشيرات العبور، تفوقن في التصفيات الإفريقية وتبين أن ما يجمعهن هو روح الانتماء للحي ولنادي إينرجيك وللوطن.
في سيدي مومن فقط يمكنك أن تصادف شابات يرتدين بذل المنتخبات الوطنية، خاصة في الرياضات القتالية، في هذا الحي قصص نجاح انتهت بانتشال عائلات من الضياع وصعودها درجات في سلم الوجاهة.
من دوار السكويلة خرج الملاكم العالمي محمد ربيعي، الذي كانت تنتظره دورة استدراكية للتأهل إلى الألعاب الأولمبية، وتخرجت من دروبه المتراصة في طابور الهشاشة، أيضا، بطلة العالم في التيكواندو والمواي تاي مريم مباريك، وأسماء أخرى علمها الفقر كيف تواجه عاديات الزمن في الحي وفي حلبات القتال.
اليوم يمكن أن نفهم المغزى الحقيقي للسكويلة، بعد أن أصبح حي سيدي مومن "سكويلة" يتخرج من ملاعبها وقاعاتها المختنقة بين الدروب عشرات الأبطال والبطلات، منهم من يغير جلده، ومنهم من يفخر بالانتماء وكثير منهم يسعى لإسقاط الهشاشة بالضربة القاضية