زلات لسان مسؤولين حكوميين
مع Télé Maroc
يقال إن غلطة الشاطر بألف، والمقصود بـ«الشاطر» هنا هو الشخص المحنك الذي يفترض توفره على الحنكة والتجربة والحكمة قبل اتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، و«الشاطر» أيضا هو الرجل أو المرأة المشبعان بالمسؤولية، القادران على تقدير الأمور وقراءة آثار تصريحاتهما قبل اتخاذ القرار دون مغالاة أو شطط أو انسياق وراء العواطف.
كثيرة هي زلات اللسان في المشهد السياسي وعند أصحاب القرار، خاصة في ظل اتساع رقعة المعلومة وسرعة انتشارها، لذا سقطت رؤوس عديدة ونزعت عنها محبة الناس وتحولت إلى مادة للسخرية تارة وللفضيحة تارة أخرى، ما أوقعها في حرج مع محيطها سيما بعدما يتحول القول المنفلت إلى مادة دسمة للإعلام.
في المشهد الحكومي المغربي، عشرات الانزلاقات الكلامية التي تداولها الإعلام المغربي ومنها ما تجاوزت الحدود، بل إن أسماء العديد من المسؤولين الذين زلت ألسنتهم أدوا فاتورة الخطيئة غاليا، حتى أن بعضهم فقدوا مناصبهم.
تجاوزت القضية حدود عثرات اللسان إلى سجال سياسي حين تحولت الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، يوم الاثنين الماضي، إلى جلسة للتراشق الكلامي بين عبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ومحمد أوزين، النائب البرلماني والوزير السابق باسم حزب الحركة الشعبية، حيث وصل التراشق اللفظي بين وزير العدل الحالي ووزير الرياضة الأسبق، حد السخرية من تصريحات وهبي الذي ادعى أنه يعرف لون جوارب المغاربة، وما تلاها من مناوشات كلامية أعادت إلى الأذهان «كراطة» أوزين في مشهد سخر منه الجميع.
في الملف الأسبوعي، نعيد ترتيب تصريحات لمسؤولين حكوميين مغاربة، تردد صداها طويلا، وساهمت في الإطاحة بأصحابها، بل واقترنت الزلة باسم الوزير إلى أن تحولت إلى لقب للسخرية.
وهبي يحمل صفة وزير «التقاشر» بعد واقعة تارودانت
أشهر عبد اللطيف وهبي، نهاية الأسبوع الماضي، صفته وزيرا للعدل، أمام عبد القادر الصابر، المدير الإقليمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بتارودانت، خلال تدشين أحد المرافق الثقافية بالمدينة. وخلد مقطع فيديو، لا يتجاوز ثلاثين ثانية، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، الواقعة حين خاطب وهبي المسؤول عن الشأن الثقافي قائلا: «واش أنا وزير العدل، جاوبني على السؤال وشرح لي»، حينها أجابه المدير الإقليمي: «على راسي وعيني».
لم يتقبل وزير العدل هذا الرد وجدد التذكير بالمكانة الاعتبارية التي يحتلها في هرم الحكومة: «راني وزير العدل على راس كولشي، أنا وزير العدل، اشنو الدور ديالي، هو الأمن هو المحاكم، يعني المؤسسات كلها معايا»، حينها انحنى قليلا نحو المسؤول الإقليمي: «كنعرف التقاشر ديالك أشمن لون».
حصل هذا المشهد بعد نهاية تدشين مركب ثقافي بإقليم تارودانت، برئاسة المهدي بن سعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، الذي لم يكن حاضرا لحظة الواقعة. انفض الموكب الرسمي وظل موقف الوزير الروداني حاضرا في مواقع التواصل الاجتماعي تتناقله تحت عنوان «وهبي يعرف لون تقاشر المغاربة».
انتقلت حكاية الجوارب إلى قبة البرلمان، حيث بدأ التراشق الكلامي بين أوزين ووهبي، عندما طرحت زينب أمهروق، النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، وهي ابنة القيادية حليمة العسالي وأخت زوجة أوزين، سؤالا على وهبي باللغة الأمازيغية، بخصوص الإجراءات التي تقترحها وزارة العدل لحل مشكل المغاربة الذين لا يعرفون العربية في المحاكم، لكن وهبي لم يرد على السؤال بدعوى أنه لم يعرف مضمونه، وقال مخاطبا النائبة البرلمانية: «أنا أفهم وأتحدث الأمازيغية السوسية، ولم أفهم مضمون سؤالك».
مباشرة بعد رد وهبي، تدخل أوزين لطلب نقطة نظام، جدد من خلالها المطالب التي سبق أن تقدم بها العديد من النواب البرلمانيين، بخصوص توفير ترجمة فورية داخل قاعة الجلسات، وكذلك في أثناء النقل التلفزي لجلسات الأسئلة الشفوية التي يعقدها مجلس النواب، باعتبار أن الأمازيغية أصبحت لغة رسمية بموجب الوثيقة الدستورية. وأكد أوزين أن الحديث بالأمازيغية حق دستوري لشريحة من المغاربة لا يعرفون العربية، وقال: «اليوم هنيئا لنا لأنكم أحسستم بمعاناة أولئك الأمازيغ، الذين لا يعرفون ماذا نقول في هذه القبة الموقرة». وأضاف أوزين مخاطبا وزير العدل: «أتمنى من السيد وهبي، الذي بشرنا أخيرا أنه يعرف التقاشر ديال المغاربة، أن يبين لنا أنه يعرف اللغة الرسمية لبلده».
الملعب العائم للرباط يطلق على أوزين لقب وزير «الكراطة»
أثار تدخل أوزين في البرلمان ضد وهبي موجة احتجاجات في صفوف نواب حزب الأصالة والمعاصرة، حيث تدخل أحمد التويزي، رئيس الفريق، الذي أكد أن الأمازيغية هي اللغة الرسمية في المملكة، وطالب بدوره مكتب مجلس النواب باتخاذ الإجراءات الكفيلة للترجمة الفورية، ليفهم المواطنون ماذا يقال بالمجلس. وأضاف التويزي في رده على أوزين: «أما في ما يخص لغة التقاشر ولغة الكراطة حتى هي راه كاينة». في إشارة إلى فضيحة استعمال «الكراطة» في إحدى مباريات كأس العالم للأندية التي احتضنها ملعب الأمير مولاي عبد الله، وكانت سببا في إعفاء أوزين من وزارة الشباب والرياضة من منصبه.
في قبة البرلمان، تنابز الوزيران بالألقاب، وتواصل الجدل خلال الجلسة، بعدما رد وهبي على أوزين أكثر من مرة، في أثناء جوابه عن أسئلة النواب البرلمانيين، حيث تحدث الوزير عن بناء المحاكم بطريقة جيدة، حتى لا تغمرها مياه الأمطار كما غمرت بعض الملاعب الرياضية، كما قدم بعض المعطيات حول واقعة «التقاشر» بينه وبين المدير الإقليمي لوزارة الثقافة بتارودانت.
وفي هذا الصدد، كشف وهبي أن المدير الإقليمي، الذي خاطبه بأنه يعرف لون «التقاشر ديالو»، كان يرغب في بناء مكتب فخم داخل المركز الثقافي، وأنه اعترض على استعمال الآلات الموسيقية، مضيفا أن هذا المركز تم بناؤه في عهد الاتحاديين، عندما كانوا يسيرون مجلس المدينة، وظل مغلقا منذ ست سنوات في عهد تسيير حزب العدالة والتنمية للمجلس البلدي.
مرت سنوات على قضية ملعب الرباط العائم، أو ما عرف بفضيحة «الكراطة»، لكن جلسة برلمانية أعادتها إلى الأذهان، خاصة وأن نواب الحركة الشعبية ساندوا رفيقهم، وجددوا القول ببراءته من الملعب العائم ومن «الكراطة» كبيرة الحجم، وقالوا إنها من عتاد الاتحاد الدولي لكرة القدم، ولا علم له بوجودها في الملعب، لكنهم اعترفوا ضمنيا بأن التدخل المغربي لتجفيف البرك تم بالسطل والبونج وهي معدات محلية صنعت في المغرب.
حين انتشرت فضيحة الملعب، خلف امحند العنصر صديقه أوزين، قبل أن يعين الملك محمد السادس حركيا آخر في شخص لحسن السكوري، وزيرا للشباب والرياضة، خلفا لامحند العنصر، الذي استقال من منصبه، بعد انتخابه رئيسا لجهة فاس- مكناس، ليصبح السكوري ثالث وزير للشباب والرياضة في حكومة بنكيران.
طيف لقب وزيرة «زوج فرانك» يطارد التقدمية شرفات أفيلال
لم تكن شرفات أفيلال تتوقع أن زلة لسان في برنامج «ضيف الأولى» ستحولها إلى موضوع للسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سيما حين حاولت الدفاع عن البرلمانيين واصفة معاشاتهم بـ«زوج فرنك» قبل أن تستطرد في دفاعها عن زملائها وتقول إن «المطالبة بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين مطلب شعبوي لن يحل مشاكل المغرب الاقتصادية والاجتماعية».
تحولت «زلة اللسان» إلى حوار وطني حول رواتب ومعاشات الوزراء والبرلمانيين بل اعتبر نوعا من الريع السياسي، لكن شرفات وقفت في وجه العاصفة، خاصة وأنها عاشت في أسرة تطوانية بسيطة وتابعت دراساتها الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدارس حكومية، وترددت منذ صغرها على مقر حزب التقدم والاشتراكية وهي ابنة أحد مناضلي حزب يعته، ونشطت مبكرا في منظمة الطلائع وشاركت في المخيمات الصيفية ضمن هذا القطاع الموازي.
من مضاعفات هذا التصريح، انسحاب الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء، من لقاء نظمته جمعية محلية، بشراكة مع الجماعة الحضرية في المدرسة العليا للأساتذة بمارتيل، حول «الحكامة المحلية وحقوق النساء»، دون أن تقدم مداخلتها خوفا من إحراجها بأسئلة متعلقة بتصريحاتها في برنامج تلفزي.
ولم يتفهم الحاضرون انسحاب الوزيرة وخروجها من القاعة، في وقت كانت فايزة الرحيلي، رئيسة الجمعية ومساعدة اجتماعية بخلية التكفل القضائي بالنساء والأطفال بمحكمة الاستئناف، مازالت تلقي كلمتها الافتتاحية وتعرف بالجمعية الفتية التي تترأسها، إذ خاطبتها الوزيرة قائلة: «لم تترك لنا ما نقوله في مداخلاتنا»، ثم خرجت في موقف غريب، دون أن تعتذر عن مغادرتها وعدم تقديمها مداخلتها في الموضوع، على الرغم من أنها كانت مبرمجة في اللقاء ذاته، بصفتها وزيرة في حكومة عبد الإله بنكيران.
وجاء انسحاب شرفات بعدما تفاجأت بالكم الهائل من الحاضرين الذين غضبوا كثيرا من تصريحاتها، وجاؤوا لمعرفة أسباب إدلائها بذلك الكلام، الذي أثر بشكل سلبي على صورة الحزب اليساري، ومواقفه ومبادئه.
عانت شرفات خلال تجربة الاستوزار حين عينت كاتبة للدولة مكلفة بالماء، بسبب خلافات حادة مع عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل، وشربت السياسة في الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وقالت، عقب إعفائها المفاجئ من منصبها: «أرفض أن أكون مجرد أثاث للحكومة، مستحيل أن يغريني منصب من المناصب كوني أعرف جذوري ومنابعي التي لا يمكن أن أنسلخ عنها، لذلك رفضت الاستوزار في النسخة الأولى لحكومة بنكيران لأسباب عائلية، تلقيت تكويني الكامل في المدرسة المغربية، ودرست وثابرت بجهدي الخاص، ولا يمكن لمنصب معين ولفترة زمنية محددة أن يغيرني ويؤثر على علاقاتي مع أصدقاء شاركتهم السير إلى المدرسة لساعات، ومازلنا نلتقي ونأكل البوكاديوس».
دخلت الوزيرة السابقة والقيادية بحزب التقدم والاشتراكية، لأول مرة، غمار الانتخابات الجماعية، بعد أن تقرر ترشيحها وكيلة للائحة النسائية لحزب التقدم والاشتراكية في استحقاقات انتخاب أعضاء مجلس بلدية مدينة تطوان مسقط رأسها وقلبها.
حين حمل وزير الخارجية لقب «الفعفاع» بسبب لقاء ديبلوماسي
سبق لصلاح الدين مزوار أن أدلى بتصريح عرضه للسخرية، حين قال، في حديث لقناه تلفزية مغربية، إن وزيرة الخارجية السويدية «تفعفعات» و«تهزات»، ما جعله في مرمى وسائل التواصل الاجتماعي التي اعتبرت كلامه خارج السياق الديبلوماسي.
جاء ذلك في سياق احتجاجه ضد موقف الحكومة السويدية بخصوص قضية الصحراء المغربية. وهو ما اعتبره نشطاء سياسيون خروجا عن التقاليد الديبلوماسية.
لم يمر التصريح الذي أدلى به وزير الشؤون الخارجية والتعاون، مرور الكرام، فقد انتشرت التعليقات على تشبيهه للوزيرة السويدية، وأطلق عليه جيش «الفايسبوك» لقب «الفعفاع» الذي تصدى لـ«الكافرة» السويدية، وذهب بعض نشطاء «الفايسبوك» إلى حد مطالبة الحركات النسائية بالمغرب بالتضامن مع وزيرة الخارجية السويدية التي تعرضت لـ«الفعفعة» المغربية.
أثر هذا الانزلاق التواصلي على صلاح الدين مزوار، الذي عين في منصب وزير للشؤون الخارجية والتعاون عن طريق الصدفة، بعد التعديل الحكومي الأول الذي قاد حزب التجمع الوطني للأحرار من المعارضة إلى المشاركة في حكومة بنكيران الثانية، خلفا لحزب الاستقلال، حيث عصفت رياح التعديل بالقيادي في حزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، وتم تعيين مزوار خلفا له، رغم أنه لا يربطه بالميدان الديبلوماسي والعلاقات الدولية إلا «الخير والإحسان».
منذ قضية «التفعفيع» بدأ العد التنازلي لمغادرة صلاح الدين مزوار لوزارة الخارجية والتعاون، لاسيما وأن الرجل لم ينجح في تدبير ملفات ديبلوماسية حساسة، أبرزها الصحراء المغربية، ومعالجة ملف مغاربة المهجر، واعتبر العديد من المتتبعين للعلاقات الدولية أن وقوع بعض التعثرات الديبلوماسية واستمرار توتر العلاقات بين المغرب والسويد لوقت طويل، دليل قوي على فشل صلاح الدين مزوار في قيادة الديبلوماسية المغربية، وبدل أن يقوم بدور الإطفائي الذي يقوم به عادة قادة الديبلوماسية، بدأ يقوم بالعكس تماما، من خلال تصريحات من شأنها صب الزيت على النار، كطريقة تعامله مع أزمة السويد، عندما استعمل لغة «التفعفيع» في حديثه عن لقاء جمعه مع وزيرة خارجية هذا البلد، بقوله إنها «تفعفعات» لما هددها بوقف العلاقة بين البلدين.
وفي الاجتماع الذي عقدته لجنة الخارجية، لتدارس تداعيات قرار المحكمة الأوربية القاضي بإلغاء الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوربي، بشأن التحرير المتبادل للمنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري، وجه نواب برلمانيون انتقادات لاذعة إلى مزوار، واتهموه بالتقصير في ممارسة مهامه الديبلوماسية.
وسبق لوزارة الخارجية المغربية أن تبرأت من تصريح آخر لصلاح الدين وأصدرت بيانا في الموضوع، حينها أعلن مزوار استقالته من الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي أصبح بدون رئيس.
«وزير الشوكولاته».. لقب اكتسبه وزير الوظيفة من الجشع والشطط
كشفت تسريبات عن أرقام فاتورة باهظة الثمن لـ«الشكولاته» كانت كافية لوضع الوزير المنتدب لدى وزير الوظيفة العمومية في النسخة الأولى من حكومة عبد الإله بنكيران، عبد العظيم الكروج، في موقف محرج، إذ تفجرت داخل الحكومة «فضيحة» أطلق عليها إعلاميا «فاتورة الشوكولاته»، تقرر إثرها فتح تحقيق لمعرفة حقيقة الأمر.
اتُّهم الوزير المكلف آنذاك بالتكوين المهني، بأنه اشترى كمية كبيرة جدا من الشوكولاته لحفل عقيقة ابنه على حساب مالية الحكومة، والتي بلغت كلفتها 30 ألف درهم مغربي.
لكن عبد العظيم الكروج خرج عن صمته واعترف باقتناء كمية من الشوكولاته، هذه المادة الأساسية في حياة الأسر عالية الدفع، لكنه حمل المسؤولية لسائقه الشخصي الذي اختلطت عليه الأمور فلم يميز بين طلبات الوزارة وطلبات أسرة الوزير.
برأ الكروج نفسه من تهمة الشطط في استهلاك الشوكولاته، واعترف بأن وزارته توصلت بالفاتورة التي لا تتجاوز قيمتها 33 ألف درهم فقط، وأنه عالج الخطأ بسرعة، حين أحالها على مجلس العائلة الذي سدد المبلغ، دون أن تتم إحالة السائق على مجلس تأديبي حتى لا يبوح أمام المحققين بسر «السخرة». صحيح أن الوزير تأخر ثلاثة أسابيع في توضيح الحكاية، لكن القضية كانت تحتاج إلى مخبر حقيقي لسل التهمة من عجين وزارة احتضنت أكبر مناظرة وطنية حول الحق في الوصول إلى المعلومة، وما تمخض عنها من توصيات تروم مكافحة الفساد تبين في ما بعد أنها مجرد خطأ مطبعي، وهي المناظرة التي افتتحها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران بحديث حول الشفافية تبين مع مرور الأيام أنه حديث ضعيف.
تساءل نائب برلماني قائلا: «إذا استهلك وزير 33 ألف درهم لشراء الشوكولاته، فكم سينفق رئيس الحكومة لحفلات الاستقبال اليومية؟ أكيد يلزمه مليون درهم سنويا لشراء «الشيبة» التي يعشقها مستشاروه، ثم هل من المنطقي أن يقيل بنكيران وزيرا بسبب عشقه للشوكولاته.
بنكيران يحمل لقب الداعية لـ«عفا الله عما سلف»
خلافا لكل التوقعات، سجلت الإحصائيات التي كشف عنها مكتب الصرف تجاوبا ضعيفا للمغاربة المقيمين بالخارج مع حملة «عفا الله عما سلف»، التي أطلقتها حكومة بنكيران خلال السنة الأخيرة من عمر ولايتها، وذلك بعد رهانها على استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج لإنقاذ الميزانية التي تعرف عجزا بنيويا. ومع الشروع في الإعداد لقانون المالية لسنة 2017، كانت الحكومة تراهن على أموال المغاربة المقيمين بالخارج من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل تواصل هذا العجز.
في نهاية ولايته، قدم العدالة والتنمية «خطة وطنية لمحاربة الفساد»، بكلفة مالية قيمتها 180 مليار سنتيم. وقالت الحكومة إنها ستعمل على تنزيل الخطة، لكن أحزاب المعارضة شككت في مصداقيتها واعتبرتها مجرد دعاية قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية، بعدما فشل حزب العدالة والتنمية في الالتزام بشعار «محاربة الفساد» وعوضه بشعار «عفا الله عما سلف».
«أنا لا أحارب الفساد وإنما الفساد يحاربني»، هذا الكلام قاله رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في إحدى جلسات المساءلة الشهرية التي عقدها مجلس النواب، والتي حولها بنكيران إلى جلسة للشكوى أمام البرلمانيين من عدم قدرته على تحقيق مجموعة من الوعود التي قدمها حزبه العدالة والتنمية إلى الناخبين، ومنها محاربة الفساد والمفسدين، ما اعتبره المغاربة إعلانا من الحكومة عن استسلامها ورفعها الراية البيضاء أمام الفساد.
حديث الحكومة السابقة عن محاربة الفساد كان مجرد مزايدات سياسية قبيل موعد الانتخابات التشريعية ووُجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى أكثر من وزير بخصوص ما اعتبر تطبيعا للحكومة مع الفساد، لكن سرعان ما تحول إلى شعار «عفا الله عما سلف وعما سيأتي من فساد ومفسدين»، ما جعل السياسيين يشككون في مصداقية هذه الاستراتيجية المتأخرة.
في مواجهة معارضيه، الذين لقبوه برجل الصفح والداعي إلى العفو عما سلف، قال عبد الإله بنكيران، في مهرجان خطابي بمدينة طنجة، إن «العفاريت والتماسيح» لا يريدون وجوداً لحزبه في الحكومة القادمة، مستطردا: «العفاريت والتماسيح قالوا ما يمكنش العدالة والتنمية لي دوزنا معها خمس سنوات تصدع راسنا خمس سنوات أخرى».
لقب وزير «بيليكي» يعيد الأزمي إلى نقطة الصفر
لم يكن القيادي في حزب العدالة والتنمية إدريس الأزمي، يعتقد أن مداخلة في جلسة برلمانية حول «مقترح إلغاء تعويضات وريع البرلمانيين»، ستتحول إلى قضية رأي عام بعدما أثارت جدلا في وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
وعرفت الجلسة مداخلة إدريس الأزمي، رئيس فريق العدالة والتنمية وعمدة مدينة فاس السابق، تدخلا رافضا لمقترح الفريق الاشتراكي الداعي إلى إلغاء الجمع بين التعويضات. وكرر الأزمي عدة مرات أنه «لا يوجد العمل في سبيل الله» أو ما أسماه «البيليكي»، أي العمل التطوعي المجاني، مضيفا أن دعاة إلغاء تعويضات وتقاعد البرلمانيين يركبون صهوة الشعبوية، منتقدا، في الوقت نفسه، كلام «المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي». ما جعل القيادي الفاسي يعيش ساعات في جحيم الإعلام ما ساهم في سقوطه سياسيا حيث خرج من الانتخابات الأخيرة مهزوما.
رغم أنه حاصل على شهادة جامعية عليا في الكيمياء، إلا أن بعض «الخلطات» أبانت عن فشله في الإمساك بسوط الملاسنات السياسية التي تتطلب أساسا أن تكون أعصاب صاحبها من حديد. فشل إدريس الأزمي في تدبير سؤال تحت القبة هذه الأيام، وانفعل بصورة لم يسبق ربما للمغاربة أن رأوه فيها، حتى عندما كان وزيرا مكلفا بالميزانية.
اعتاد حزب العدالة والتنمية أيام المعارضة أن يطرح أسئلة حارقة على وزراء الحكومات السابقة، خصوصا خلال تجربة التناوب ثم مع حكومتي جطو وعباس الفاسي، ما بين سنتي 2002 و2010، سيما الأسئلة التي تتعلق بتعويضات الوزراء والبرلمانيين وتقاعدهم وامتيازاتهم التكميلية وحتى التقاعد. واشتهر وقتها كل من الرميد وعبد الإله بنكيران وحتى سعد الدين العثماني بغاراتهم على زملائهم، وهم يطوقون وزير المالية السابق فتح الله ولعلو، ويطلبون منه، في جلسات تابعها ملايين المغاربة، مدهم بتفاصيل طرق وشروط صرف المعاشات والمعاشات التكميلية للنواب والوزراء، ونصحوا الحكومة بعدم تبديد الأموال العمومية على امتيازات مدبري الشأن العام المنتخبين والمعينين.
وها هو عضو الأمانة العامة، وأحد أقرب وجوه القيادات إلى مربع قيادة المجلس الوطني للحزب، ينفعل بصورة جرت عليه الكثير من الانتقادات والسخرية اللاذعة أيضا، أمام مداخلة واضحة بشأن تلك الامتيازات نفسها التي بنى الحزب حملته الانتخابية على مراقبة طرق صرفها، حيث احتج وسأل بدوره المنتقدين ما إن كانوا يرغبون في أن يعمل نواب الأمة ووزراؤها «بيليكي»؟ وهي كلمة دارجة تحيل على المجانية.
الأزمي، حتى أثناء التجربة الحكومية التي قادها عبد الإله بنكيران، كان متحفظا في التعامل مع الصحافة، لكنه كان يظهر طاقة خطابية في اللقاءات الداخلية للحزب والتي كان يؤطر بعضها من موقعه في المجلس الوطني، واستحق أن يكون ذلك الوجه الذي لا يظهر إلا ليختفي من جديد.
«الكوبل الحكومي».. لقب طارد وزيرين فأسقطهما
كان وجودها في ديوان الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، في عهد الحبيب الشوباني، نقطة بداية لقصة حب هي الأشهر في تاريخ الحكومات المغربية. برزت سمية بنخلدون، التي توجت مسارها المهني في الحكومة بحكاية حب وقصائد عشق ساهمت في إجلائهما معا عن تشكيلة عبد الإله بنكيران، بحرصها على خوض مغامرة حب وسط الأشواك.
حصلت سمية على شهادة الباكلوريا سنة 1980 شعبة العلوم الرياضية بثانوية «عمر الخيام»، واجتازت مباراة ولوج المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، وخلال مقامها في المدرسة ارتبطت بعلاقة حب عنيفة بأحد زملائها توجت بزواج مبكر وعمرها 20 سنة. هيأت سمية بن خلدون نفسها مبكرا لتصبح وزيرة منتدبة في حكومة عبد الإله بنكيران، وقررت قضاء فترة «تدريب» على الشأن الوزاري في الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، بمنصب رئيسة لديوان الحبيب الشوباني. ورغبة منها في جعل مقامها بالوزارة مرحلة تأهيل لمنصب قادم «لا ريب فيه»، لم تكن سمية تتقاضى أي راتب عن عملها في الديوان، رغم أنها كانت تقطع يوميا المسافة الرابطة بين مسكنها بالقنيطرة ومقر عملها، في «نافيت» يومي عبر القطار.
واعترفت سمية، في عدد من التصريحات، بأن الشوباني كان يعاملها كوزيرة، وأن اختيارها لهذه الوزارة يراد من ورائه الغوص في حياة الأحزاب السياسية في علاقتها مع الحكومة. ويرى المقربون من سمية أن اشتغالها «تطوعا» أغضب زوجها، إلا أن روايات أخرى تقول بأن بنسودة، الخازن العام للمملكة، رفض التأشير لها للاستفادة من تعويضات منصبها بسبب استفادتها من المغادرة الطوعية.
ذات يوم، طرق الحبيب الشوباني باب بيت عائلة بنخلدون وكان مرفوقا بزوجته الأولى، وطلبا يد سمية على سنة الله ورسوله، ومنذ ذلك الحين قررا اقتناء مسكن في الهرهورة بعيدا عن الفضوليين، في وقت كثرت عليه الضغوط من المعارضة على قضية «الكوبل الحكومي» حينها وجه رئيس الحكومة بنكيران ملتمسا للملك محمد السادس من أجل إعفاء الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وسمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة في التعليم العالي، من مهامهما..، لتجنب الكلام الجارح من المعارضة في حق الحزب والوزيرين، خاصة وأن قصة علاقتهما أسالت الكثير من المداد.