هكذا استطاع الحموشي قهر الإرهابيين وبارونات المخدرات والاتجار بالبشر
مع تيلي ماروك
لم يكن من السهل التوقع أن تنجب المملكة بجامعاتها ومراكز تكوينها رجلا استثنائيا تجمع فيه ما تفرق في غيره، عبد اللطيف الحموشي، ابن جامعة ظهر المهراز وقبلها ابن الشعب الذي ترعرع بقرى مدينة تازة وتدرج في فصول المدرسة العمومية، يتحول في ظرف سنوات إلى «لوغو» أمني عالمي، بعد أن امتد صيته لأقطار أوروبا وأمريكا وهو يستحوذ على جوائز وتقديرات عالمية تنوه بكفاءته وتفرده في إنتاج خطط واستراتيجيات لمواجهة الإرهاب والاتجار الدولي في المخدرات والبشر أيضا.
فاعلية ونجاعة في محاربة الفساد
معارك الرجل الأمنية محليا كانت أكثر فاعلية ونجاعة على مدى عقد من الزمن، مسار حافل من الإنجازات بوأت المملكة مراتب متقدمة في مصاف الدول الآمنة، والأكثر فاعلية في محاربة المد الإرهابي والتطرف والتهريب الدولي للمخدرات والهجرة السرية، فضلا عن المساهمة إلى جانب باقي مؤسسات الحكامة والأجهزة الرقابية والقضائية في تنزيل المخططات الوطنية والتوجيهات الملكية الرامية إلى محاربة الفساد بكل تجلياته وحيثما وجد.
عبد اللطيف الحموشي، حارس أمن المملكة الذي أحب فيه المغاربة تواضعه وابتعاده عن الأضواء قبل أدائه، والرجل الذي لا يعرف المغاربة صوته وطباعه، أسس لمفاهيم جديدة في تدبير الشأن الأمني بالمغرب، حياده في قراءة الملفات والمسارات، وحرصه على سيادة مبادئ تكافؤ الفرص والإنصاف والقانون جعله محط تقدير كل المنتسبين لجهاز الأمن الوطني. وسعيا لتكريس هذه الصورة ودحض كل التمثلات المجتمعية السلبية على وظيفة رجل الأمن، عمل على تأمين الجهاز بترسانة كبيرة من التشريعات والقرارات والهياكل الإدارية، من أجل تأطير كل التدخلات الأمنية ووقايتها وضمان نجاعتها.
ثقة ملكية
من الثابت أن إنجازات الرجل منذ أن حظي بالثقة الملكية في تقلد مسؤولية جهازي المخابرات والأمن مطلع سنة 2015 تبقى عصية على الإحصاء والحصر، إلا أن حملاته الكبيرة ضد الفساد التي طالت بارونات كبار في الاتجار الدولي للمخدرات خاصة المحسوبين على الجيل الجديد الذي برز بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي قضت على بارونات الثمانينات، وكذا بارونات الهجرة السرية والاتجار بالبشر والخمور المهربة، وهي الدينامية الأمنية التي يعكسها حجم الاعتقالات التي أشرف عليها الجهاز بتنسيق مع السلطات القضائية، في صفوف صقور وأثرياء تلاعبوا بصحة المغاربة وقوانين المملكة، كانوا إلى وقت قريب يعتقدون أنهم خارج الحسابات وفوق المساءلة.
حرب ضروس ضد «بارونات» الخمور
حرب ضروس خاضها الحموشي مؤخرا ضد تجار الخمور المهربة بمدن عديدة أسفرت عن حجز ملايين القنينات بماركات وصلاحيات مزورة ومنتهية، حيث انتهت بأباطرة كبار بالسجن، وعصفت بمسؤولين أمنيين كبار أيضا حامت حولهم شكوك بدعم تسلط وأنشطة «البارونات»، أو على الأقل التقصير في إعمال القانون، وهو الحد الذي لا يمكن أن يسمح به الحموشي، حيث تسود لغة الإعفاءات والإحالات على التقاعد والعقوبات الإدارية المناسبة والمتابعات القضائية. وتجب الإشارة هنا إلى ملف الأمنيين وتجار المخدرات الذي يروج بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، حيث يتابع حوالي 20 مسؤولا أمنيا بينهم خمسة عمداء، بعد تورطهم في التخابر مع بارونات وتسهيل عمليات التهريب الدولي للمخدرات بمناطق الشمال وسوس، وهو الملف الذي فجره الحموشي بنفسه ولم يتوان دقيقة واحدة في تقديم المخالفين إلى القضاء، فضلا عن قضايا عديدة ارتبطت بالرشوة واستغلال النفوذ والشطط وغيرها، لم يكن الحموشي رحيما بمرؤوسيه وعرضهم على القضاء فورا، في إطار سعيه الحثيث لتخليق المرفق الشرطي والارتقاء به إلى مستويات قصوى من النزاهة والشفافية والالتزام بالقانون خدمة للمواطن المغربي وإحقاقًا للحق.
للتظلمات والشكايات.. آلية
آلية أخرى متفردة وغير مسبوقة تحسب للحموشي، بعد إحداثه لجنة مركزية للتظلمات، تضطلع بالنظر في كل الطلبات والشكايات والتظلمات الداخلية لموظفي الأمن الوطني، بشكل يضمن المزاوجة والتوفيق بين حق الشرطي المكفول في طلب الإنصاف الإداري والوظيفي، مقابل التزامه المطلق بواجبات التحفظ التي يفرضها النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، بدل اعتماد شكايات مجهولة عارية من الصحة، أو فبركة سيناريوهات تروم تشويه سمعة المسؤولين والجهاز.
الحموشي راهن على هذه الآلية كمدخل لإقرار مناخ الشفافية والإنصاف الإداري واستبعاد مظاهر التسيب والتسلط واستغلال النفوذ، تدعيما وتجويدا للآليات الإدارية الداخلية للتظلم الإداري المفتوح في وجه كل موظفات وموظفي الأمن الوطني، وذلك من خلال لجنة مركزية تتسم بطابع متعدد ومركب من حيث الانتماء لمديريات ومصالح مختلفة.
وتشمل اللجنة أطرا من مختلف المصالح المركزية للأمن الوطني، بما يضمن ويمكن من معالجة كل الملفات والشكايات في ظرف قياسي، وبشكل ناجع ومستقل تماما عن أية تدخلات ممكنة، ضمانا للإنصاف ورفع الظلم والتسلط عن موظفي الأمن بمختلف رتبهم.