الداخلية تتحفظ على تخصيص "كوطا" لشيوخ الأحزاب بالبرلمان
مع تيلي ماروك
تزامنا مع الجدل الذي تثيره اللائحة الوطنية للنساء والشباب، اقترحت بعض الأحزاب السياسية إحداث لائحة ثالثة تسمى "لائحة الأُطر والكفاءات" مع تخصيص "كوطا" تضمن ولوج "شيوخ" الأحزاب إلى قبة البرلمان، بعد فشلهم في الحصول على مقاعد برلمانية بالدوائر المحلية التي تعرف منافسة قوية. وأفادت مصادر مطلعة بأن وزارة الداخلية تتحفظ على هذا المقترح، وسبق أن رفضته قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعدما تقدمت أحزاب سياسية بنفس المطلب، على اعتبار أنه لا يستند على أي أساس دستوري، كما أن المجلس الدستوري اعتبر في قرار سابق، أن اللائحة الوطنية للشباب والنساء هي مجرد تدبير مؤقت لتشجيع فئات معينة على ولوج العمل السياسي والبرلماني، كما أثارت اللائحة الوطنية للشباب جدلا دستوريا وقانونيا، بين من اعتبرها ريعا سياسيا، وبين من اعتبرها ضرورة فتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، فيما يرى آخرون أن اللائحة الوطنية تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقة للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم، وحملت لائحة الشباب الكثير من الانتقادات، خلافا للائحة النساء التي اعتبرها المتتبعون مقبولة من الناحية السياسية والاجتماعية، لأنها تقوم على التمييز الإيجابي، لتمكين النساء من ولوج المؤسسة التشريعية، وتسهيل ولوجهن للعمل السياسي، لكن مع إقرار اللائحة الوطنية طرحت انتقادات لكونها تقوم على التمييز الفئوي، وستفتح المجال أمام تشجيع الريع السياسي، وهو ما تجسد فعلا في الانتخابات التشريعية السابقة، حيث غابت المعايير السياسية في اختيار المرشحين، وتم مقابل ذلك تغليب منطق العلاقات العائلية والولاء الحزبي في اختيار النساء والشباب المرشحين. وتم اعتماد نظام اللائحة الوطنية للنساء، لأول مرة في تاريخ المغرب، سنة 2002، بموجب المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب الذي حدد تأليف مجلس النواب من 325 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة، منهم 295 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحدثة، و30 عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني، وقبيل الانتخابات التشريعية لسنة 2002، حدث توافق بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين، على تخصيص اللائحة الوطنية لفائدة النساء، وظل العمل بنظام اللائحة الوطنية للنساء إلى حدود الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، حيث وتزامنا مع موجة ما يسمى "الربيع العربي" التي قادها الشباب، انطلق النقاش داخل الأحزاب السياسية حول تعميم "ريع" اللائحة الوطنية على الشباب، عن طريق اعتماد لائحة وطنية أخرى لتمثيل الشباب داخل البرلمان، وبرز خلاف بين المكونات الحزبية حول طبيعة هذه اللائحة، بين طرح يدافع عن لائحة وطنية مشتركة بين النساء والشباب، وبين طرح يدافع عن تخصيص لائحة مستقلة للشباب، ليحسم الأمر ضمن القانون التنظيمي لمجلس النواب، والذي تم بموجبه رفع عدد أعضاء المجلس من 325 إلى 395 عضوا، مع تخصيص لائحة وطنية للنساء تضم 60 مقعدا، ولائحة وطنية للشباب تضم 30 مقعدا. وأكد قرار المجلس الدستوري رقم 2011/817 بخصوص القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، بإشارته إلى أن مقتضيات المادة 23 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، جاءت لإعمال أهداف مقررة في الدستور، فإنه يتعين في ذلك أيضا استحضار المبادئ الأساسية الثابتة التي يرتكز عليها الدستور في مجال ممارسة الحقوق السياسية، والمتمثلة بالخصوص في المواطنة وحرية الانتخاب والترشيح من خلال اقتراع عام قائم على أساس نفس القواعد والشروط، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وهي مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة، وتمكينها من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتها على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام.