فضيحة تهز وزارة الصحة بعد صدور مرسوم التكافؤ الحيوي للأدوية
مع
كشف المرسوم المتعلق بالتكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة، الصادر بالعدد الأخير من الجريدة الرسمية، خضوع وزير الصحة، أنس الدكالي، لضغوطات قوية من طرف "لوبي " شركات الأدوية من أجل إعفائها من تجارب التكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة لمدة خمس سنوات بعد صدور المرسوم، وهو ما سيشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين الذين يتناولون بعض الأدوية التي لا تخضع للمراقبة.
وأكدت مصادر بالوزارة، أن الدكالي خضع لضغوطات قوية من طرف بعض "لوبيات" الأدوية، وقدم تنازلات بخصوص إعفاء الشركات من تجارب التكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة لمدة خمس سنوات، بعد نشر المرسوم بالجريدة الرسمية، وبالتالي "على المغاربة وضع أيديهم على قلوبهم قبل استهلاك بعض الأدوية الجنيسة"، حسب المصادر ذاتها، مشيرة إلى أن "لوبيات الأدوية تريد فرض التكافؤ الحيوي فقط على الأدوية الجديدة من أجل التضييق على المنافسة الحرة، وخصوصا خنق الشركات الجديدة الفتية رغم أن بعض الشركات قامت بتسويق أدوية استهلكها المغاربة بدون الحصول على التكافؤ الحيوي منذ عقود من الزمن، في ظل عدم وجود أي ضمانة أن كل الأدوية المتواجدة في السوق ستقوم بالتكافؤ الحيوي قبل 5 سنوات لافتقاد الوزارة أي آلية لإلزام هذه الشركات بالقيام بهذه الدراسات".
إلى ذلك، يطالب برلمانيون وجمعيات حماية المستهلك وزارة الصحة بنشر لائحة الأدوية التي لم تخضع لتجارب التكافؤ الحيوي من أجل حماية المرضى الذين يستهلكون هذه الأدوية. وكشفت المصادر عن فضيحة قانونية أخرى تعتبر سابقة في تاريخ المراسيم التنظيمية، خصوصا بالمادة 4 من المرسوم الجديد، والتي تنص على أنه "يجب على المؤسسات الصيدلية الصناعية التي تسوق، في تاريخ نشر هذا المرسوم بالجريدة الرسمية، أدوية جنيسة لم تخضع لدراسة التكافؤ الحيوي أو التي توجد ملفات طلبات الإذن لها بعرض دواء جنيس بالسوق قيد الدراسة في التاريخ المذكور، أن تتمم ملف طلب تجديد الإذن بعرض الأدوية الجنيسة المذكورة في السوق لمدة خمس سنوات أخرى، بدراسة للتكافؤ الحيوي طبقا لمقتضيات المرسوم رقم 2.12.198 كما وقع تغييره وتتميمه بموجب هذا المرسوم، وذلك ابتداء من 2 يناير 2020".
وأوضحت المصادر أن المرسوم الجديد يعفي شركات من القيام بواجب قانوني هو التكافؤ الحيوي لمدة خمس سنوات رغم أن المرسوم القديم يفرض التكافؤ الحيوي على الجميع بدون التمييز بين الأدوية الجديدة والقديمة وبدون إعطاء مهلة مدتها خمس سنوات، بما يخالف مقتضيات القانون04.17 الذي صوت عليه البرلمان، والذي يفرض التكافؤ الحيوي على جميع الأدوية بدون التمييز بين القديمة والجديدة.
وأفادت المصادر بأن هذه الفضيحة القانونية ستنضاف إلى الفضيحة القانونية والدستورية، التي تفجرت في عهد الحكومة السابقة، عندما أقدم المدير السابق لمديرية الأدوية بوزارة الصحة على إلغاء مرسوم يحمل توقيع رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، بموجب مذكرة إدارية تحمل توقيع المدير ووزير الصحة السابق، الحسين الوردي. ويتعلق هذا المرسوم بالتكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة، الذي تم تغييره بموجب المرسوم الحالي، والذي صادق عليه المجلس الحكومي في اجتماعه المنعقد يوم 25 ماي 2018، ولم ينشر بالجريدة الرسمية إلا خلال الأسبوع الجاري.
وللتستر على الفضيحة التي هزت الحكومة السابقة ووصل صداها إلى غرفتي البرلمان، قرر الدكالي إحالة المرسوم من جديد على المجلس الحكومي، دون فتح المشاورات مع المهنيين، وذلك بعدما اختفى المرسوم في ظروف غامضة، ويتضمن عدة تناقضات مع مدونة الأدوية والصيدلة، وتبين بعد ذلك أنه يستحيل تطبيقه، لذلك سارع مدير الأدوية إلى إلغائه بموجب مذكرة إدارية. وبعد تفجر الفضيحة، اضطر وزير الصحة، أنس الدكالي، في 11 أبريل الماضي، إلى إلغاء المذكرة الصادرة عن مديرية الأدوية رقم 14 DNP/00بتاريخ 12 فبراير 2015 لدراسة التكافؤ الحيوي، والتي كانت تلغي المرسوم رقم 198-212-2 الصادر عن رئيس الحكومة بتاريخ 12 يونيو 2012.
وكشفت المصادر أنه بعد تعيين المدير الجديد على رأس مديرية الأدوية، وهو المنصب الذي تم إعفاؤه منه في عهد الوزير السابق الراحل التهامي الخياري سنة 2001 نظرا لوجود عدة اختلالات، منها تضارب المصالح باعتبار زوجته تملك أسهما في عدة شركات لإنتاج وتوزيع الأدوية، مازالت الممارسات نفسها سائدة داخل هذه المديرية، وكانت موضوع تقرير أسود أنجزته المفتشية العامة للوزارة، وأحيل على المجلس الأعلى للحسابات. وأكدت المصادر أن المدير رفض التوقيع على تراخيص الإذن بتسويق بعض الأدوية، رغم أن الملفات اجتازت كل المراحل، في حين يتم منح الإذن بتسويق أدوية لعدة شركات أجنبية دون توفرها على مصانع لصناعة الأدوية بالمغرب، ما يجعلها غير خاضعة للمراقبة، والخطير في الأمر أن هذه الشركات تستورد أدوية، بعضها لا تحترم المعايير الدولية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية.