أستاذان وخياط اختلسوا الملايير من ودادية سكنية
مع الأخبار
بعد إدانتهم صيف السنة الجارية من طرف المحكمة الابتدائية بسلا بـ12 سنة سجنا نافذا، وإرجاع المبالغ المالية وتعويض الضحايا، استقبلت محكمة الاستئناف بالرباط، بداية الأسبوع الجاري، المتهمين الثلاثة باختلاس وتبديد أموال منخرطين في ودادية سكنية تعتبر الأضخم على مستوى تراب عمالة سلا، وهي القضية التي خلقت جدلا كبيرا في ردهات المحاكم، بالنظر إلى قيمة المليارات التي ضخها المنخرطون في حساب الودادية، وكذا بالنظر إلى قيمة المنخرطين الذين يوجد بينهم موظفو دولة كبار في سلك القضاء والأمن الوطني وكذا موظفون بقطاعات إدارية ورياضيون ومهاجرون مغاربة بالخارج.
وشرعت هيئة الحكم بمحكمة الاستئناف، أول أمس الاثنين، في مناقشة الملف من خلال عرضه على أستاذين وخياط متابعين في هذه القضية، بعد أن تورطوا، حسب معطيات الملف، في النصب على المنخرطين واختلاس وتبديد أموال الودادية، وأمام تشبث المتهمين بلازمة الإنكار بخصوص التهم المنسوبة إليهم، وتبريرها بتعقيدات المساطر ومعيقات تقنية فرضت إنفاق كل المبالغ في البنيات الأرضية، طالب رئيس الهيئة المتهم الرئيسي وشريكيه بالتركيز على التهم المنسوبة إليهم بالدقة المطلوبة، خاصة المرتبطة بتعليل إفراغ صندوق الودادية من كل المبالغ المرصودة، ومضاعفة سعر الشقق دون مبررات، والتأخير في جاهزية المشروع، رغم الالتزامات المتضمنة في دفاتر التحملات مع المقاولة والمهندسين ومكاتب الدراسات، حيث كان مقررا تسليم الشقق نهاية سنة 2009.
وحسب مصادر الموقع، فقد وجد المتهمون الثلاثة صعوبة كبيرة في التفاعل مع أسئلة هيئة الحكم ودفاع الضحايا الذين غصت بهم قاعة المحكمة، قبل أن يسقطوا في تناقضات كبيرة، خاصة بعد محاصرتهم بخبرات تقنية وقضائية أدلى المحامون بنسخ منها لرئاسة الجلسة، تؤكد قيمة الأموال التي تم إنفاقها وخروقات التطاول على قرارات الجمع العام، من خلال تأسيس مجلس إداري وهمي ضم إليه المتهمون زوجاتهم وأقاربهم من أجل شرعنة التحويلات المالية الوهمية التي كانت تضخ في حساباتهم وحسابات مقاولين وشركات، دون إخبار المنخرطين الذين ظلوا ينتظرون لسنوات تسلم شققهم. وتفاجأ الضحايا ودفاعهم بخلو ملف القضية من نسخ من بعض الخبرات التي أدلى بها الدفاع في المرحلة الابتدائية، والتي تعتبر حاسمة في كشف تجاوزات المتهمين وتطاولهم على أموال المنخرطين. وتسلم رئيس الجلسة نسخا منها من طرف الدفاع، خلال مجريات الجلسة، حسب مصادر "تيلي ماروك".
وبالرجوع إلى هذه الواقعة الفضيحة التي تفجرت في يناير من سنة 2018، فقد سجلت المصالح الأمنية بناء على 138 شكاية تقدم بها منخرطو الودادية، الذين تعرضوا للنصب من طرف المتهمين، أن جمعية سكنية تحايلت على 200 مواطن بسلا الجديدة، في أكبر ودادية بتراب مدينة سلا، والتي يبلغ رقم معاملاتها 8 ملايير سنتيم، وأمر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسلا باعتقال أستاذين وخياط يسيرون الجمعية، بناء على الشكايات المقدمة من طرف ذوي الحقوق، حيث اتهموا مكتب الودادية بنهب أموالهم دون الاستفادة من السكن الذي انتظروه أكثر من عشر سنوات، وكذا التلاعب بالقانون الأساسي دون إشراك المنخرطين.
واتهم المنخرطون مكتب الجمعية التي تأسست سنة 2006 بالنصب والاحتيال وخيانة الأمانة، حيث عرفت الجمعية إقبال عدد كبير من المنخرطين على أساس تسليم المنازل بعد 36 شهرا، بقيمة 3700 درهم للمتر المربع الواحد. وبعد سنة قام مسيرو الودادية بإضافة مبلغ 1000 درهم في المتر، دون استشارة المنخرطين، وعند اقتراب موعد التسليم حولت الجمعية حسابها البنكي من مؤسسة إلى أخرى، للتملص من المراقبة البنكية، وعدم استقبال المنخرطين والتهرب من تفسير دواعي التأخر في التسليم، وفي سنة 2012 عمد المتحكمون في الودادية إلى تغيير القانون الأساسي، وتحويل السلطات المخولة للجمع العام الذي يضم المنخرطين إلى مجلس إداري، فصله المتهمون على مقاسهم، ليتحكم فيه الأهل والمقربون. مما اعتبر تزويرا تم عرضه على القضاء، وقد حركت بشأنه المحكمة مسطرة بحث أخرى بناء على شكاية جديدة بارتكاب جناية التزوير من طرف المتهمين وشركاء آخرين، بينهم مقاولون ومحاسب ومقربون من رئيس الودادية، المدان ابتدائيا بأربع سنوات حبسا نافذا.