إيداع موظفين سابقين بقنصلية برشلونة سجن العرجات
مع Télé Maroc
علمت «تيلي ماروك »، من مصادر جيدة الاطلاع، أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أحالت، مساء أول أمس الأربعاء، ثلاثة موظفين سابقين بالقنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة في حالة سراح على النيابة العامة المختصة بمحكمة جرائم الأموال بالرباط. وبعد الاطلاع على المحضر المنجز في حقهم والاستماع إليهم، قرر الوكيل العام للملك إيداع اثنين منهم سجن العرجات، ومتابعة المسؤول الثالث في حالة سراح، حيث تمت إحالتهم مباشرة على جلسة المحاكمة، نهاية الشهر الجاري، بتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية والغدر، في انتظار إيقاف متهم رابع اختلس مبلغا ماليا يقدر، حسب التحريات الأولية المنجزة من طرف المصالح الإدارية بالوزارة والفرقة الوطنية، بـ2.517.170.00 درهما، قبل أن يختفي عن الأنظار، وقد حررت في شأنه نشرة دولية من أجل اعتقاله وتسليمه إلى السلطات المغربية.
فضيحة الاختلاسات المالية التي تفجرت بالقنصليـة العامـة للمملكـة المغربيـة ببرشلونـة تعود إلى سنة 2019، حيث أسفرت إحدى العمليات الرقابية الداخلية عن وجود تفاوتات جد خطيرة بين التحصيلات المالية المترتبة عن خدمات إدارية منجزة بالقنصلية، والمبالغ المالية المدونة بالسجلات الرسمية، وفور علم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بشبهة ارتكاب اختلالات واختلاسات مالية بمصلحة الجوازات التابعة للقنصلية العامة للمملكة، تم إرســـال لجنـــة رفيعة المستوى من المفتشية العامة للوزارة المعنية إلى القنصلية العامة للمغرب ببرشلونة، وذلك منتصف يناير من سنة 2020، قبل أن يتم إخبــار ومراسلــة الخزينة العامة للمملكة بخلاصات تقرير المفتشية العامة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لتبادر مصالــح الخزينــة العامــة للمملكــة بإجراء مهمة تفتيش ثانية بالقنصلية المذكورة، حيث وقفت بالملموس على خروقات وتجاوزات تصنف ضمن خانة الاختلاس والتبديد، وتقتضي المتابعة القانونية.
وتفيد معطيات هذا الملف بأن مصالح الخزينة العامة تقاسمت خلاصات التقرير الأسود المنجز بالقنصلية مع الوكيل القضائي للمملكة، من أجل وضع شكاية رسمية لدى المحاكم المختصة بجرائم الأموال بالرباط، حيث قامت الوكالة القضائية للمملكة بكل الإجراءات اللازمة تحت إشراف النيابة العامة، باعتبارها الجهة المشرفة على تحريك الدعوى العمومية، وذلك بتنسيــق مع مصالح الخزينة العامة للمملكة، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قبل أن يدخل المكتب الوطني لمحاربة الجريمة الاقتصادية والمالية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، على الخط، وباشر تحقيقا دقيقا مع المتهمين الرئيسيين انتهى باثنين منهم في سجن العرجات، فيما تقررت متابعة المتهم الثالث في حالة سراح بالتهم نفسها المتعلقة باختلاس وتبديد أموال عمومية والغدر.
الفضيحة التي تفجرت بقنصلية المغرب ببرشلونة جرت ثلاثة مسؤولين إلى المساءلة القضائية بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، ويتعلق الأمر بـ(م. إ) الذي تم اعتقاله ووضعه في السجن، أول أمس، من مواليد الستينيات، وهو موظف بوزارة الخارجية ملحق بالقنصلية العامة ببرشلونة، وكان يشغل بها مهمة «شسيع». المتهم الثاني الذي رافقه إلى السجن هو (ح. ا) من مواليد 1961، كان يشغل مهمة عون محلي بالقنصلية مكلف بمكتب الأداءات، ثم المتهم الثالث الذي تقررت متابعته في وضعية سراح، وهو (س. ن) من مواليد 1978 بالدار البيضاء، كان يشغل منصبا مهما جدا، وهو رئيس مصلحة جوازات السفر بالقنصلية العامة للمملكة ببرشلونة. أما المتهم الرابع الذي لاذ بالفرار بعد اختلاس حوالي 250 مليون سنتيم من الأموال العمومية، فقد كان مكلفا بالصندوق بالقنصلية ذاتها.
ووفق تفاصيل خاصة حول هذا الملف توصلت بها «الأخبار»، فقد كشفت التحريات المنجزة عن اختلاسات مالية بصندوق القنصلية، حيث يتغاضى الموظف المتهم عن إلصاق الطوابع الخاصة بالتمثيلية الدبلوماسية ببرشلونة على الملفات المتعلقة بجوازات السفر، إذ همت هذه العملية حوالي 1070 ملفا تقريبا، ما ضيع على خزينة الصندوق حوالي 674.200.000 درهم، علما أن هذه الاختلالات تهم شهرا واحدا فقط ممتدا من 18 يوليوز إلى 18غشت من سنة 2017. وكشفت الأبحاث نفسها أن القنصلية لم تكن تتوفر حينها على الطوابع، وتم تحصيل أموال طائلة بشأنها من طرف المكلف بالشساعة، دون توثيقها في السجلات المحاسباتية بالصندوق، كما تأكدت فرق البحث من عدم تحويلها في الحسابات البنكية المفتوحة باسم القنصلية.
ووقفت اللجان الإدارية والأمنية المختصة التي تكلفت بالبحث على خروقات أخرى وصفت بالخطيرة، تتعلق بتفاوتات بين أسعار الصرف المعتمدة قانونا، وأخرى كان يعتمدها العون المكلف بالصندوق، وسط تضارب بين التصريحات حول دواعي اتخاذ هذا القرار، حيث أكد العون أنه كان ينفذ العملية بتشاور وبأمر من المسؤول المتابع معه. وأسفرت الأبحاث أيضا عن اختلاس أحد المتهمين لمبلغ يناهز 6000 درهم، يتعلق بترتيبات إعداد بطاقات التعريف تهم أكثر من 70 ملفا، جرى الاحتفاظ بالمبلغ ولم يتم تحويله إلى المحاسب، وفق المساطر الإدارية والمالية المعتمدة. كما أبرزت التحقيقات تجاوزات خطيرة منسوبة للعون، الذي تكلف بالصندوق بين سنتي 2017 و2019، حيث اختلس حوالي 250 مليون سنتيم، من خلال نزع طوابع من ملفات وجوازات سفر سابقة أو منتهية الصلاحية، ويقوم بإلصاقها على الجوازات الجديدة، مع تمزيقها وإتلافها، وهي الجزئية التي رصدتها كاميرات المراقبة، وفجرت الفضيحة، حيث جنى المتهم الملايين من هذه العملية، وهو الآن مبحوث عنه دوليا، بعد أن غادر مقر العمل والسكن ببرشلونة إلى وجهة لم يتم تحديدها بعد.