الأغلبية والمعارضة تنتفضان في وجه العثماني لهذا السبب
مع مراد كراخي
انتفض برلمانيون من الأغلبية والمعارضة في وجه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، في الجلسة الشهرية التي عقدها مجلس النواب، بداية هذا الأسبوع، حول موضوع "تنمية المناطق النائية في إطار الجهوية المتقدمة"، واتهموا الحكومة بالتلكؤ في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وتمكين الجهات من الصلاحيات والاختصاصات المنصوص عليها قانونيا، وتعزيز الإدارات الجهوية للقيام بمهامها.
وطالب محمد اليملاحي، عن الفريق الاشتراكي، الحكومة بالتعجيل بتنزيل ميثاق اللاتمركز وعدم انتظار ثلاث سنوات المقررة له، وتنفيذ التعاقدات المبرمة بين الجهات والعديد من القطاعات الحكومية، وإلزام الوزارات المتدخلة في برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالوسط القروي بتنفيذ التزاماتها بشكل يضمن نوعا من العدالة المجالية، بدل الاقتصار على الجهات الموالية لهم سياسيا، مع ضرورة الالتقائية في البرامج بين مختلف القطاعات والمتدخلين، خاصة برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالعالم القروي، وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والبرنامج المندمج للتنمية، وغيرها من البرامج الموجهة للعالم القروي والمناطق النائية، واقترح اليملاحي، عضو مجلس جهة طنجة تطوان، ورئيس بلدية "واد لاو" بإقليم تطوان، في إطار النموذج التنموي الجديد، الاعتماد على سياسة إنمائية، ترابية محلية، من أجل ضمان وصول الاعتمادات المخصصة له للمواطنات والمواطنين، معتبرا الجماعات الترابية مدخلا أساسيا لتنزيل إطار النموذج التنموي الجديد.
وبدوره، قال الخليفي قادة، عن الفريق الاستقلالي، إن ساكنة المناطق النائية لا زالت تعاني من التهميش والاقصاء، ولا تستفيد من حقها في الاستثمارات العمومية، حيث لا زال الشريط الساحلي يراكم جل البرامج والمشاريع الاستثمارية بحصة تتجاوز 75 في المائة في غياب معايير موضوعية تضمن التوزيع العادل لهذه الاستثمارات و الحد من الفوارق المجالية، وأشار كذلك إلى أن ساكنة المناطق النائية لا زالت تعاني من العزلة في غياب مسالك طرقية قادرة على ضمان تنقل الأشخاص والبضائع وتعاني من صعوبات جمة في ولوج الخدمات الاجتماعية الاساسية، بما فيها اساسا الصحة والتعليم، وتعاني من قساوة العيش وتدني قدراتها الشرائية امام الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية واسعة الاستهلاك دون حسيب ولا رقيب وفي ظل اتساع رقعة الفوارق الاجتماعية وفي غياب الانشطة المدرة للدخل والتوزيع العادل للثروة والمرتكزات الاساسية للحماية الاجتماعية، وحمل كامل المسؤولية للدولة في تنمية المناطق النائية التي تشكل أكثر من ثلثي مساحة المغرب وساكنته من خلال اعتماد برنامج استعجالي استدراكي لإعادة التوازن بين المناطق النائية والشريط الساحلي، وطالب بجعل المناطق الحدودية في قلب السياسات العمومية والاستراتيجيات الحكومية وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية وتمكينها من المشاريع والبرامج الكبرى المرتبطة بالاستثمار العمومي، وإدراج المناطق الحدودية ضمن المحددات الأساسية للنموذج التنموي الجديد.
وفي رده، أكد العثماني أن الحكومة عاقدة العزم على مواصلة دعم ورش الجهوية المتقدمة باعتبارها الرافعة الأساسية للتنمية المجالية بمختلف أبعادها، معتبرا تحقيق التنمية الشاملة والمدمجة يوجد في صلب ورش الجهوية المتقدمة، كمدخل أساسي لتمكين كل جهة من بناء نموذجها التنموي الخاص استنادا إلى مؤهلاتها الطبيعية والجغرافية وخصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية، مع إرساء آليات للتضامن بين الجهات وتأهيل الجهات الأقل حظا في التنمية. ولهذه الغاية، يضيف رئيس الحكومة، "اعتمدت بلادنا تقسيما جهويا يرتكز على مقاربة وظيفية تهدف في المقام الأول إلى تحقيق تنمية مندمجة ومعالجة الفوارق على مستوى المؤهلات الاقتصادية والبنيات التحتية"، مذكرا بالقانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات الذي يتضمن جملة من التدابير أبرزها إدراج التنمية القروية ضمن اختصاصات الجهة وإلزام الجهات بإعداد برامج التنمية الجهوية كآلية أساسية لتحقيق تنمية متوازنة على المستوى الجهوي.
وأكد العثماني أنه تمت مواكبة الجماعات الترابية وتمكينها من الآليات القانونية والمادية التي تسمح لها بالاضطلاع بمهامها على مستوى التنمية المجالية، مستعرضا الآليات التي مكنت من استكمال تنزيل الإطار القانوني والتدبيري والمالي للجهوية المتقدمة، في إشارة منه إلى تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري وتسريع تنزيل مخططات التنمية الجهوية وكذا تعزيز القدرات التدبيرية للجهات، وأشار إلى أن 10 جهات من أصل 12 جهة صادقت لحد الآن على مخططات التنمية الجهوية الخاصة بها، مبرزا أنه من أجل تسريع تفعيل هذه البرامج، تم الاتفاق على تحديد المشاريع ذات الأولوية برسم الفترة 2019-2021 والتي سيتم تنفيذها في إطار عقود-برامج بين الدولة والجهات، ومشيرا إلى أن عدد المشاريع والبرامج ذات الأولوية التي تم اختيارها تبلغ 454 مشروعا من بين 2368 مشروعا وبرنامجا الواردة في برامج التنمية الجهوية، بتكلفة إجمالية تناهز 109،93 مليار درهم حيث تساهم القطاعات الوزارية بنسبة 39 في المائة، أي ما يقدر بمبلغ 42،5 مليار درهم.