هذه أبرز محاور تقرير مجلس المنافسة الذي رفعه الكراوي إلى الملك
مع تيلي ماروك
نشر مجلس المنافسة تقريره السنوي برسم سنة 2019، عقب رفعه إلى الملك محمد السادس من طرف رئيس المجلس، إدريس الكراوي، كما صادقت عليه بالإجماع الجلسة العامة للمجلس، خلال جلستها السادسة المنعقدة يوم 14 ماي الماضي. ويتضمن هذا التقرير حصيلة أنشطة مجلس المنافسة خلال سنة 2019، والقرارات المتعلقة بالتركيزات الاقتصادية، والآراء والقرارات المتخذة إبان الفترة ذاتها. وتتناول هذه الوثيقة حصيلة أنشطة المجلس المتمحورة حول تقنين الأسواق، ورأي المجلس حول مقترح تقنين أسعار المحروقات الذي تقدمت به الحكومة.
أصدر مجلس المنافسة 50 قرارا في مجال الإحالات التنازعية برسم سنة 2019، وذلك وفقا لسلطته التقريرية في المجال التنازعي وفي محاربة الممارسات المنافية للمنافسة. وأوضح المجلس، في تقريره السنوي لسنة 2019، أن الإحالات التنازعية تمحورت حول الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن (11 إحالة)، والنزاعات المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة (12 إحالة)، والاتفاقات المنافية للمنافسة (ثلاث إحالات)، مسجلا أن نصف الإحالات تقريبا تهم إشكاليات تتعلق بالولوج إلى الطلبية العمومية.
ممارسات منافية للمنافسة
سجل التقرير أن هذه الإحالات تتعلق عموما بقضايا تنازعية لمقاولات تدعي بأن الجهات العمومية المشرفة أزاحتها بصفة غير عادلة من مسطرة الصفقات العمومية، أو تعتبر بأن أنظمة الاستشارة ودفاتر التحملات الخاصة المعتمدة من لدن الإدارة تشكل حاجزا يمنعها في الأصل من ولوج الطلبية العمومية.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن المجلس باشر، بشكل رسمي، مسطرة التحقيق في الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في سوق المحروقات السائلة عقب التوصل بإحالة، في هذا الشأن، من لدن جمعية مهنية ومنظمة نقابية. وبعد الانتهاء من التحقيق في هذه النازلة، قام المجلس، بتاريخ 22 ماي 2019، بتبليغ تسع جهات مكلفة بتوزيع المحروقات بالجملة، وكذا تجمع النفطيين بالمغرب بالمؤاخذات للاشتباه في ارتكاب ممارسات منافية لقواعد المنافسة.
وبخصوص طبيعة القرارات الصادرة عن المجلس في مجال الإحالات التنازعية خلال سنة 2019، سجل التقرير أنه تمت الإجابة بعدم القبول (في 45 ملفا)، وعدم الاختصاص (ملفان)، أو تراجع الجهة المحيلة (3 ملفات)، مضيفا أن توزيع الإحالات التنازعية حسب الجهة المحيلة يوضح أن أغلبية الإحالات الواردة تم توجيهها من لدن الفاعلين المباشرين في الأسواق، أي المقاولات، وهو ما يمثل 58 بالمائة من مجموع الإحالات. وأضاف التقرير أن المنظمات النقابية والجمعيات المهنية تأتي في المرتبة الثانية بواسطة 17 قرارا، أي 34 بالمائة من مجموع الإحالات، في حين تم اتخاذ قرار واحد جوابا على إحالة واردة من هيئات المستهلكين، موضحا أنه يمكن تفسير هذا العدد المحدود بإلزام هذه الجمعيات بالتوفر على الصفة القانونية للمنفعة العامة إذا ما رغبت في الإحالة على مجلس المنافسة، في حين لم تستفد بعد أي جمعية للمستهلكين من هذه الصفة، إلى غاية متم 2019.
وأشار التقرير إلى أنه يتبين من خلال توزيع الإحالات التنازعية حسب قطاعات النشاط، أن الطلبيات العمومية تتصدر القطاعات التي أصدر المجلس بشأنها قرارات برسم سنة 2019، موضحا أن «الأمر يتعلق بمؤشر وثيق الصلة يهدف إلى قياس درجة مشاكل المنافسة التي يعاني منها هذا الجزء من نشاط الاقتصاد الوطني، والذي يشكل 15 في المائة من الناتج الداخلي الوطني الإجمالي حسب برنامج نزع الصفة المادية عن الصفقات العمومية الذي أقرته الخزينة العامة للمملكة». وسجل التقرير أن الاختصاصات التنازعية لمجلس المنافسة تنحصر في مجال الصفقات العمومية في الممارسات المنافية لقواعد المنافسة التي ترتكبها المقاولات، كانت ترشحت في وقت سابق للظفر بهذه الصفقات، ولا تمتد هذه الصلاحيات لتشمل الأعمال التي تقوم بها الإدارة حين تزاول هذه الأخيرة مهام المرفق العام أو تمارس صلاحيات سلطة عمومية. وأضاف التقرير أن مجلس المنافسة أصدر، برسم سنة 2019، مجموعة من القرارات والآراء بلغ عددها 106، صودق عليها في إطار اجتماعات الجلسة العامة أو اللجنة الدائمة، تماشيا مع مقتضيات المادة 14 من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، مبرزا أن هذه القرارات تهم مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي، ودراسة الإحالات التنازعية، والمهام الاستشارية.
التركيزات الاقتصادية
أفضت مراقبة التركيزات الاقتصادية إلى إصدار 53 قرارا، أي 50 في المائة من إجمالي القرارات والآراء التي أصدرها مجلس المنافسة. وأشار التقرير إلى أن «مجلس المنافسة يحرص على إيلاء مكانة متميزة لمراقبة التركيزات الاقتصادية، التي جعلها ضمن قائمة أولوياته خلال سنة 2019».وأوضح المصدر أن 81 في المائة من عمليات التبليغ، أي ما يعادل 43 مشروعا من مشاريع التركيز جرى الترخيص لها دون تعهدات منذ المرحلة الأولى للمراقبة التي تمت وفق أجل لا يتعدى 60 يوما، كما هو منصوص عليه في القانون. وجرى الترخيص لهذه العمليات دون التقيد بشرط تقديم تعهدات، إذ اعتبر المجلس أنها لا تطرح أية إشكالية تنافسية.
وسجل التقرير أن عمليات التركيز المبلغة لمجلس المنافسة برسم سنة 2019، والتي شكلت موضوع دراسة من لدن هيئاته التداولية، همت قطاعات متعددة ومتنوعة، وأوضح أن قطاع الصناعة يحتل المرتبة الأولى بمعدل يصل إلى 12 عملية من العمليات المبلغة، همت صناعات متنوعة، من بينها المواد الكيماوية وشبه الكيماوية، والإسمنت، وأجزاء الطائرات، والسيارات، وصناعة التلفيف والورق، والمعادن. وأضاف التقرير أن قطاع الطاقة يأتي في المرتبة الثانية ضمن عملية التوزيع المذكورة، إذ بلغ مجموع مشاريع التركيز الاقتصادي المبلغة في هذا الإطار 10 عمليات، مسجلا أن مشاريع التركيز الأخرى المبلغة، همت قطاعات الصحة، والسياحة والفندقة، والتجارة، والبناء والأشغال العمومية، والأبناك والتأمينات، فضلا عن خدمات أخرى متنوعة (خدمات الاستشارة والتسيير والتدبير، والخدمات المعلوماتية وغيرها).
وبخصوص توزيع التركيزات الاقتصادية حسب أسقف رقم المعاملات الوطني والعالمي، أوضح التقرير أن 51 في المائة فقط من عمليات التركيز الاقتصادي التي أصدر المجلس بشأنها قرارات برسم سنة 2019 خضعت لإلزامية التبليغ، علما أن 26 عملية من العمليات المبلغة لا يتجاوز رقم معاملاتها مبلغ 250 مليون درهم، وهو الحد الأدنى للتبليغ المنصوص عليه في القانون. وسجل المصدر أنه جرى تبليغ مجلس المنافسة بهذه العمليات لسبب واحد فقط، تمثل في تجاوز رقم المعاملات العالمي الذي حققته الأطراف المبلغة السقف المنصوص عليه في القانون المتمثل في مبلغ 750 مليون درهم، دون بلوغ أسقف رقم المعاملات الوطني، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بعمليات تنجز خارج التراب الوطني بين مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات لها تواجد اقتصادي في عدة بلدان، من بينها المغرب.
وأضاف التقرير أن 87 في المائة من عمليات التركيز الاقتصادي المبلغة، تجاوزت سقف رقم المعاملات العالمي المنصوص عليه في القانون، مقابل 13 في المائة فقط من العمليات التي لم تتجاوز هذا السقف، وهو ما يثبت بدوره ارتباط جل هذه العمليات بالدينامية التي يشهدها نمو مجموعة من الشركات على الصعيد العالمي، وأبرز أنه من بين حالات التبليغ بمشاريع التركيز الاقتصادي الـ27، التي يتجاوز رقم معاملاتها في السوق المغربية سقف 250 مليون درهم، تعود 20 منها لأطراف يتجاوز رقم معاملاتها العالمي 750 مليون درهم، وتنتمي إلى قطاعات الطاقة والبيئة والصناعة.
ويتبين من خلال توزيع التركيزات الاقتصادية، موضوع القرارات التي أصدرها المجلس برسم سنة 2019، حسب مصدر رأسمال الشركات أطراف التركيز، أن 55 في المائة منها، أي ما يعادل 29 مشروعا، أنجزت خارج التراب الوطني بين شركات متعددة الجنسيات تتواجد بعدة بلدان، من بينها المغرب.
وسجل التقرير أن مبالغ المعاملات المرصودة من لدن الأطراف المعنية بعمليات التركيز الاقتصادي، التي شملت حصريا شركات مغربية، تبقى محدودة، حيث لا تتجاوز مبلغ 542,5 مليون درهم، أي حوالي 0,06 في المائة من المبلغ الإجمالي للمعاملات التي تم تبليغها إلى المجلس خلال سنة 2019، فيما بلغت نسبة المعاملات التي أنجزتها شركات أجنبية 98,64 في المائة، أي بمبلغ 897 مليونا و969,9 ألف درهم. وفي ما يخص العمليات التي ضمت شركات أجنبية ومغربية، في إطار تولي المراقبة المشتركة أو إحداث مقاولات مشتركة، أفاد المصدر ذاته بأن حجم معاملاتها بلغ 11 مليونا و885,2 ألف درهم، أي بنسبة 1,3 في المائة من المبلغ الإجمالي للمعاملات، مبرزا أن هذه العمليات همت قطاعات متنوعة كالسياحة والطاقة والصحة.
تحرير أسعار المحروقات
يرى مجلس المنافسة أن سوق المحروقات تعاني من أعطاب واختلالات تنافسية هيكلية لا تنفع معها الإجراءات المتخذة للتصدي لهذه الاختلالات، بشكل دوري، إذ تبقى غير فعالة، وعليه، يضيف التقرير، يتعين على الحكومة أن تضع في حسبانها، أثناء التدخل لمواجهة هذه الاختلالات، حجم خطورة المشاكل التي يعرفها القطاع في مجال المنافسة، وتحسين شروط ممارستها، ويرجع الجزء الأكبر من هذه المشاكل الهيكلية، حسب التقرير، إلى مسلسل التحرير الكلي لأسعار المحروقات الذي بدأته الحكومة في دجنبر 2015، دون إعداد مسبق ودون اتخاذ تدابير فعالة للمواكبة، من شأنها توفير الشروطالكفيلة بإنجاحه.
فمن الناحية الواقعية، يرى المجلس أن قرار التحرير الكلي لأسعار المحروقات اتخذ على نحو استعجالي، دون استحضار عدة عوامل مرتبطة بالسياق الوطني، كان من المفروض أن تنبه الحكومة إلى الجدوى من دخول القرار حيز التنفيذ، وتحديد كيفيات تطبيقه. وفي هذا السياق، يعتبر المجلس أن الحكومة جازفت باتخاذ قرار تحرير أسعار المحروقات وهي تعلم سلفا أن هذا القرار سيحرم السوق من الشركة الوطنية الوحيدة التي لعبت دورا حاسما على ثلاثة مستويات، تمثلت في الحفاظ على التوازنات التنافسية، وتموين السوق الوطنية (64 في المائة منحاجياتها) وقدرات التخزين. فضلا عن ذلك، اتخذ القرار ضمن سياق عرف فراغا مؤسساتيا تمثل في غياب دور مجلس المنافسة، الذي لو كان حاضرا واضطلع بمهامه المتمثلة في تقنين المنافسة في الأسواق، والتي تعززت بفضل الصلاحيات الجديدة التي خولت له في مجال البحث والتحقيق، وترتيب الجزاءات، لساهم في تعزيز المراقبة المستقلة والمحايدة لسلوك الفاعلين، الذين يعمدون إلى خرق قواعد المنافسة الحرة والنزيهة في السوق.
وخلص التقرير إلى أنه يتضح مما سبق أن الحكومة لجأت ببساطة إلى تحرير الأسعار المعمول بها في وقت كانت تعمل فيه على تقنين نفس بنية السوق غير الملائمة، دون اتخاذ أي ترتيبات مسبقة بشأن المعيقات الأساسية التي تحول دون ضمان السير العادي لمنظومة المنافسة، والمتمثلة في نشأة حواجز قوية تمنع الدخول المبكر واللاحق إلى السوق، وظهور مستوى عال من التركيز، وسيادة بنية تتسم باحتكار فئة لبعض الأسواق من جهة، واحتكار فئة أقلية لأسواق أخرى من جهة أخرى.
وعلى ضوء التقييم المنطقي والتشخيص الموضوعي الذي خضع له هذا الملف، يوصي المجلس بإجراء مراجعة شاملة للسياسة الوطنية المتعلقة بالمنافسة في سوق المحروقات، وتعزيز حكامتها، كما يوصي المجلس، في إطار معالجة الاختلالات الكبرى التي تعرفها سوق المحروقات، باتخاذ تدابير تستند إلى أربع ركائز رئيسية ذات الصلة ببنية السوق في جانبها القبلي والبعدي، بغية جعلها أكثر انفتاحا على المنافسة، وأكثر انسجاما مع الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في تأمين تموين السوق الوطنية، وضمان الفعالية الاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتشمل هذه الركائز، تطوير المنافسة على المستوى القبلي في السوق، وأوضح التقرير أنه لا يمكن تحريك عجلة المنافسة داخل سوق المحروقات من خلال تدابير تستهدف فقط الجانب البعدي للسوق عبر تقنين أسعار البيع بالتقسيط وهوامش الربح، إذ يتطلب الأمر اتخاذ تدابير تهم المستويات الأخرى من سلسلة القيمة قصد إرساء منظومة مندمجة للمنافسة تراعي الجانب القبلي للقطاع كذلك.
وفي هذا السياق، يرى المجلس أن استعادة النشاط الوطني لتكرير المحروقات يشكل قيمة حقيقية في غاية الأهمية، وإلى جانب دورها في إعادة ضبط التوازنات التنافسية، وهو ما سيمكن الجهة المكلفة بتسيير نشاط التكرير من التصدي لنفوذ الفاعلين المستوردين الذين يهيمنون على أنشطة الاستيراد والتخزين والتوزيع بالجملة للمحروقات. وعليه، يوصي المجلس الحكومة بإرساء منظومة خاصة لتشجيع الاستثمار في نشاط التكرير الخاص و/أو في إطار تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ويوصي المجلس بضرورة بناء القدرات الوطنية في مجال التخزين، وأوضح أن القوانين الجاري بها العمل تشدد على ضرورة ربط استيراد وتوزيع المحروقات بنشاط التخزين، غير أن بناء القدرات في مجال التخزين وتدبير المخزون يفضي إلى تكاليف مالية ولوجستية هامة تقف حاجزا أمام دخول فاعلين جدد إلى السوق، وتعزز بالمقابل الوضع الاعتباري للفاعلين الكبار الذين سبق وأن اقتحموا السوق.
محاربة الاحتكار واقتصاد الريع
أكد تقرير المجلس على ضرورة العمل على إرساء منظومة وطنية للمنافسة، قوية ومندمجة، كفيلة بجعلها رافعة مستقبلية للنموذج التنموي الجديد، وأوضح أن مكافحة مختلف أشكال الريع وحالات الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن ومظاهر الاحتكار والآثار السلبية الناجمة عن عمليات التركيز الاقتصادي، وكذا التواطؤ بين عالم الأعمال والمحيط السياسي، تقتضي وضع أسس منظومة وطنية حقيقية ومندمجة للمنافسة، بوصفها إطارا للتشاور يرتكز على التكامل المؤسساتي وانسجام المهام والتقائية الأهداف، ويمكن جميع الأطراف الفاعلة والمؤسسات المعنية من التفاعل.
وأضاف المجلس، أن إنجاح هذه المنظومة يظل رهينا بتحمل المسؤولية الاقتصادية المشتركة بين الدولة والبرلمان والسلطتين القضائية والاستشارية والهيئات الوطنية للتقنين والحكامة، والمجالات الترابية والمقاولات والمجتمع المدني. وأشار إلى أن هذه المسؤولية الجماعية تجد دواعيها في الطابع المعقد الذي تتسم به حكامة وتقنين المنافسة في الأسواق، كما تتطلب فعالية نتائجها انخراط جميع مؤسسات الحكامة المعنية بمحاربة الرشوة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وحماية الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، ومراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ومحاربة جميع أشكال الاختلالات الاقتصادية (الريع، والتملص الضريبي، والزبونية في مجال الصفقات العمومية والتدبير المفوض للخدمات العمومية وغيرها). وأبرز التقرير أن هذا هو المعنى الذي يمنحه مجلس المنافسة لمبدأ التكامل المؤسساتي بين السلطات التشريعية والتنفيذية والاستشارية والقضائية، وهيئات التقنين والحكامة، معتبرا إياه مبدأ يجسد الخيار الذي تبناه المجلس والرامي إلى ضمان الالتقائية بين جميع المؤسسات الدستورية المعنية بالحكامة والتقنين على أساس تطوير أشكال مبتكرة للشراكة.
غير أن إرساء هذه المنظومة، يضيف التقرير، يتطلب التطبيق الفعال لعدة تدابير مصاحبة من طرف جميع المتدخلين في هذه المنظومة، مبرزا أن الأمر يتعلق بالسهر على ضمان مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المقاولات والمستهلكين والمجالات الترابية إزاء الفعل الاقتصادي عبر التطبيق الصارم للقانون ذي الصلة، وتخليص الاقتصاد الوطني من مظاهر الريع والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن وأشكال الاحتكار والآثار السلبية المترتبة عن عمليات التركيز الاقتصادي والتواطؤ بين كل من عالم السياسة والأعمال، من خلال تكريس مبدأ سمو القانون، وحماية، بموجب القانون، للمستهلكين والمكونات الهشة للأسواق ضد مظاهر الاحتكار والنفقات غير المشروعة، ويتعلق الأمر أيضا بالمساهمة في رفع الحواجز التي تحول دون دخول منافسين جدد إلى السوق عبر فرض عقوبات على الشركات المؤاخذ عليها، والترافع لصالح إلغاء الامتيازات التي تتجسد في منح المأذونيات والرخص في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، والعمل على إخضاعها لقواعد جديدة تضمن المساواة والإنصاف والشفافية والمنافسة الحرة والمشروعة.