القصة الكاملة لمجسم المهدية الذي وصل إلى العالمية
مع تيلي ماروك
لم يكن النحات الشعبي القنيطري الملقب بـ"أميكو" يعلم ما يخفيه له يوم الأربعاء الماضي، بعدما نشرت صور لمجسم سمكتين بإحدى مدارات شاطئ المهدية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت ضجة وسط الرأي العام المحلي والوطني نقلت صداها بعض الصحف العالمية، التي تداولت الخبر بسبب الجدل والانتقادات الموجهة إلى شكل المجسم الذي يحيل على أعضاء حساسة.
ووجهت انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى طريقة نحت ونوعية السمكتين الغريبتين، والتي خلفت ردود فعل بخصوص ما تظهر عليه من إيحاءات وعدم تناسق المبتغى والمكان المتواجدتين فيه بمدارة بمدخل المهدية، حيث خلق هذا المجسم نوعا من التهكم والسخرية بسبب المقارنات التي كان يعقدها نشطاء مواقع التواصل بين المجسم ومنحوتات عالمية، معتبرين أن المجسم لا يتماشى مع الذوق العام، فيما ذهب البعض إلى وصفها بالصورة غير الأخلاقية التي تحمل إيحاءات جنسية، وطالب آخرون بمحاسبة المسؤولين ومدبري الشأن المحلي عن إهدار المال العام في منحوتات تمس بسمعة سكان منطقة الغرب.
ومن جهته، لم يفوت حزب العدالة والتنمية الفرصة لتقطير الشمع على غريمه حزب الاستقلال المتواجد بالمعارضة ببلدية القنيطرة والمسير لجماعة المهدية، بحيث خرج المجلس الجماعي للقنيطرة، الذي يترأسه عزيز رباح، منذ تفجر الانتقادات الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتوضيح على موقع الجماعة جاء فيه «بناء على اتصالات عدد كبير من المواطنين يطالبون فيها بإزالة مجسم السمكتين الذي أقيم بإحدى المدارات بجماعة المهدية، فإننا نخبر الرأي العام القنيطري أن جماعة القنيطرة لا علاقة لها بالموضوع، كما أن المجسم المذكور لا يوجد بنفوذها الترابي». الأمر الذي دفع العديد من الردود إلى لوم المجلس البلدي على السرعة في الرد، مطالبينه بالاهتمام بشؤونه وما يعانيه سكان القنيطرة من مشاكل بسبب أزمة النقل الحضري وفشله في العديد من القطاعات، فيما اعتبر مستشار استقلالي أن ضجة المجسم نفخ فيها حزب العدالة والتنمية، مبرزا أن العديد من المجسمات توجد بمدينة القنيطرة للنحات نفسه ومنها ما تم هدمه بمدينة القنيطرة في وقت سابق من قبل السلطات ولم يسبق الخوض فيها، موضحا أن أيادي خفية وراء هذه الحملة المغرضة على المجلس الجماعي للمهدية والتي لن تخرج عن بعض السياسيين المناوئين لحزب الاستقلال.
تجاوب مع موجة السخط
أقدم عبد الرحيم بوراس، رئيس المجلس الجماعي للمهدية، يوم الخميس الماضي، على الاستعانة بجرافة لهدم وتهشيم مجسم السمكتين المثير للجدل، في تجاوب سريع مع موجة من السخط على القائمين على تدبير الشأن المحلي بالمهدية، فيما أفادت مصادر الجريدة بأن السلطات الاقليمية تدخلت بدورها بالتعجيل بإزالتهما تجنبا لمزيد من الغضب وإغلاق هذه الفضيحة التي وصلت للعالمية بعدما تداولتها مواقع أوروبية من إنجلترا وتركيا.
وأفاد رئيس المجلس الجماعي للمهدية، في حديثه لـ"تيلي ماروك"، بأن الصورة التي التقطت كانت من زاوية جانبية للمجسم الذي كان في مراحل قبل نهايته ولم يستكمل بعد، موضحا أنه تجاوب مع انتقادات المجتمع المدني التي اعتبرت أن هذا المجسم غير لائق ولا يحترم الذوق العام.
دفاعا عن حق المواطن
قال فوزي بوخريص، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في تصريح خص به «تيلي ماروك»، إن ما يثير الانتباه إليه هو أن رد فعل ساكنة مدينة المهدية وساكنة إقليم القنيطرة، بل والمغاربة عموما، ضد بناء هذه المجسمات ذات الإيحاءات الجنسية الفاضحة، لا ينبغي أن يختزل في رمزية هذه المجسمات الجنسية، وفي ردود الفعل التي أحدثتها، كما لو أن الأمر يتعلق بما هو أخلاقي فقط.
وأضاف المتحدث أن المغاربة الذين احتجوا ضد هذا الأمر، لم يحتجوا لأنهم يدافعون عن الحشمة والوقار، بل احتجوا أكثر ضد نمط معين من تدبير المدينة، قائم على الإقصاء والتهميش، وعلى الإجهاز على حق المغربي في مدينته، مشيرا إلى أنه عندما يختار المدبر ويشيد ويقرر في شؤون المدينة، بعيدا عن سكانها، بحجة أن لديه شرعية انتخابية، نعرف جميعا كيف اكتسبها وبأي طرق، فمعنى ذلك أنه يمارس عنفا عليهم، بل يغتصب حقهم في مدينتهم.
وذهب بوخريص إلى أن احتجاج المواطنين المغاربة ضد هذه المجسمات ذات الإيحاءات الجنسية، هو دفاع عن حقهم في مدينتهم، وضد العنف الذي يمارسه مدبرو شؤونها، عندما لا يهتمون بحاجاتهم ومطالبهم وانتظاراتهم، وهو عنف لا يختلف عن العنف الممارس ضد الأطفال، وضد النساء، وضد الناس الآمنين في المدينة اليوم... فاحتجاجهم اليوم لا يختلف مثلا عن احتجاجهم ضد الجريمة النكراء التي راح ضحيتها الطفل عدنان.