أمزازي «يُحيي» مديرية تم حلها قبل 22 سنة
مع Tele Maroc
وقع أمزازي، نهاية الأسبوع الماضي، مذكرة وزارية حول تنزيل مخطط وطني للتكوين المستمر صادقت عليه المجالس الإدارية للأكاديميات أخيرا. هذه المذكرة تم التوقيع عليها بالموازاة مع قرار آخر أصدره أمزازي يتعلق بفتح التباري حول منصب مدير مركزي على رأس مديرية تكوين الأطر. هذه المديرية الجديدة/القديمة التي تم شطبها من الهيكلة الرسمية للوزارة قبل 22 سنة، يتم إحياؤها الآن بسبب التحديات الكبيرة التي رفعتها الوزارة على مستوى التكوينين الأساس والمستمر.
قرار إحياء هذه المديرية جاء في سياق التحولات التدبيرية الكبرى التي تعرفها قطاعات التربية والتكوين، فبعد أن كان مجال تكوين الأطر يدبر بواسطة قسم تابع لمديرية الموارد البشرية، وبعد مرحلة تم فيها إنشاء وحدة إدارية تحت مسمى «الوحدة المركزية لتكوين الأطر»، والتي قامت بإسنادها بالنيابة لمدير مركزي آخر طيلة خمس سنوات، انتقلت الوزارة إلى مرحلة جديدة تعترف فيها بكون تكوين الأطر هو مجال حيوي يحتاج لبنية إدارية قائمة بذاتها، تقطع الطريق على مختلف أشكال التدخلات التي يقوم بها بعض المديرين المركزيين ضدا على المراسيم التي تحدد صلاحياتهم. إذ في الوقت الذي نجد فيه وزارات كثيرة، لا يكاد عدد الذين يتم تكوينهم فيها سنويا يتعدى المئات ومع ذلك تتوفر على مديريات مركزية لتكوين الأطر، استمرت وزارة أمزازي في المقابل طيلة 22 سنة بدون مديرية خاصة بتكوين الأطر. فرغم إنشاء ما يعرف بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين سنة 2011، والتي هي تجميع لمختلف مؤسسات التكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية، فقد ظل مجال التكوين يلفه غموض كبير بسبب التراجعات المستمرة التي سطرتها الحكومات المتعاقبة على ما تضمنه مرسوم تأسيس هذه المراكز، وكذا عدم استقرار السياسة التكوينية منذ تأسيس هذه المؤسسات التكوينية. لذلك يعد قرار خلق مديرية مركزية جديدة لتكوين الأطر قرارا مناسبا جدا يستجيب لمطالب كثيرة عبر عنها خبراء ومهتمون بالتربية والتكوين في بلادنا.
هذه المراكز التي كانت فعالة منذ تأسيسها في تكوين ما يفوق 150 ألف موظف، بين تربويين وإداريين، منهم حوالي 100 ألف إطار أكاديمية. وهذه السنة انضاف حوالي 2000 موظف من أطر الدعم التربوي والاجتماعي وملحقي الإدارة والاقتصاد لجملة الهيئات التي يتم تكوينها في هذه المؤسسات.
خلق هذه المديرية من شأنه أيضا، حسب مهتمين بالتربية والتكوين، أن يكون لبنة إدارية مناسبة لإنجاح مشروع ضخم بحجم البرنامج الوطني للتكوين المستمر، والذي حسم أمزازي في أن تكون مراكز التكوين هي العمود الفقري فيه، بل إن الميزانية الضخمة المخصصة أسالت لعاب بعض المسؤولين. كما من شأنها أن تقطع الطريق أمام تدخلات العديد من المسؤولين عن مديريات أخرى، والذين يستغلون الفراغ الإداري للسطو على اختصاصات المراكز أو التدخل في توجيه سياستها.
مشروع ضخم لتكوين الموظفين إجباريا
بعد توقف دام ثماني سنوات، قررت وزارة سعيد أمزازي الشروع في تنزيل ما تضمنه مرسوم القانون الإطار للتربية بخصوص إجبارية التكوين المستمر. ويتعلق الأمر بمقرر جديد يربط بين هذا النوع من التكوين والترقي المهني وتقييم الأداء المهني. تنزيل هذا المقرر سيعرف مشكلات، خصوصا في ظل جائحة كورونا، لكونه سيفرض على الأكاديميات الجهوية تسطير برامج سنوية للتكوين المستمر تعرض على مجالسها الإدارية وتنفيذها سيكون عن بعد. وأولى هذه المشكلات تتمثل في استمرار اعتراض أطراف محسوبة على الحزب الأغلبي وعرقلة مشروع مرسوم ينظم التعليم والتكوين عن بعد ويحدد مسؤوليات المتدخلين والمستفيدين. مع الإشارة هنا إلى أن الوزارة سبق لها، إبان البرنامج الاستعجالي، أن تبنت مشروعا للتكوين المستمر عن بعد إلى جانب التكوين الحضوري، والذي خصصت له حوالي 4 ملايير درهم لوحده، وهو رقم ضخم وغير مسبوق في تاريخ التعليم المغربي. غير أن هذا المشروع الواعد تم توقيفه دون سابق إنذار مع مجيء حكومة عبد الإله بنكيران.
المقرر الجديد يراهن على مأسسة التكوين المستمر وتعزيز حكامته، وجعل التكوين المستمر مواكبا للأوراش الإصلاحية لمنظومة التربية والتكوين وكذا جعل التكوين المستمر امتدادا للتكوين الأساس ومتكاملا معه، ثم الرفع من نجاعة التكوين المستمر عبر إخضاعه لمعايير الجودة، واستثمار الإمكانات التي تتيحها تكنولوجيا الاتصال في تحقيق تكافؤ فرص الولوج إلى خدمات التكوين المستمر.
المقرر الجديد يستهدف، أيضا، تحسين جودة النظام التربوي من خلال ضمان جودة كفايات المدرسين. وكسب رهان تطوير النظام التربوي في مناهجه وطرائقه. وتمكين المدرسين ورجال الإدارة والإشراف من تشكيل لبنة من لبنات التجديد والتطوير. وأيضا العمل على تطوير كفايات الموارد البشرية بكيفية مستمرة ودائمة عن طريق إرساء دعائم تجديد الممارسة باستمرار. وإعداد المدرسين لاستقبال التطورات المرتقبة في نظام التربية والتكوين، ثم العمل على تحيين المهارات والقدرات والكفايات التربوية. واستكمال تكوين الإداريين والمدرسين القدامى. وأخيرا تمكينهم من الإلمام بالمستجدات التربوية اللازمة للممارسة التربوية والإدارية.
تنزيل هذا المقرر سيعني إما الاكتفاء بالتكوين الحضوري على غرار ما حدث إبان البرنامج الاستعجالي حين تم تبني مشروع يضمن عشرين يوما للتكوين المستمر لكل الموظفين، وهذا الاختيار يبقى رهينا بتحسن الوضعية الوبائية وطنيا وجهويا، أو اعتماد التكوين عن بعد، وهو ما لا يمكن ضمانه الآن في ظل استمرار وقوف أطراف من داخل مكتب رئيس الحكومة ضد مرسوم ينظم التعليم والتكوين عن بعد.
من الناحية التربوية والتقنية، سيواجه المقرر الجديد العديد من التحديات تتمثل في توطين منصات حديثة غير تلك التي تم خلقها إبان البرنامج الاستعجالي. والتحدي، حسب مراقبين، يكمن في تحديث المضامين الرقمية الخاصة بالتكوين عن بعد. فالدروس التي ينبغي أن توضع في المركز الافتراضي للتكوين عن بعد، ينبغي أن تتوفر فيها مواصفات معينة، وهندسة تربوية بيداغوجية وهندسة التكوين عن بعد وهندسة الدروس.