فضيحة ترويج مستلزمات طبية غير مرخصة تهز وزارة الصحة
مع تيلي ماروك
تفجرت فضيحة من العيار الثقيل داخل وزارة الصحة، بعد اكتشاف ترويج وبيع مستلزمات طبية دون تسجيلها بمديرية الأدوية والصيدلة، ومنها مواد كانت موضوع صفقات بالملايير فازت بها شركات كبرى، ما يشكل خطرا حقيقيا على صحة وسلامة المواطنين، ويستدعي فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات.
إعفاء لاحتواء الفضيحة
سارعت مديرة الأدوية والصيدلة، بشرى مداح، إلى إعفاء الدكتورة الصيدلانية حليمة اللبار، رئيسة مصلحة تسجيل الأدوية والمستلزمات الطبية بالمديرية، التي وجهت رسالة تظلم إلى وزير الصحة خالد آيت الطالب، واعتبرت أن قرار إعفائها غير قانوني، بعدما قضت 20 سنة من العمل داخل المديرية، وأوضحت أن المديرة أخبرتها بقرار إعفائها يوم 2 يوليوز الماضي في اجتماع بحضور مسؤولين آخرين دون أن تتوصل بأي قرار معلل، وبررت هذا القرار بوجود تقرير لمفتشية الوزارة دون أن تطلع عليه المعنية بالأمر، وخلال نفس الأسبوع منعتها من الولوج إلى مكتبها والدخول إلى قاعدة البيانات الخاصة بالأدوية والمستلزمات الطبية المخزنة بحاسوب المكتب، وتبرأت الرئيسة السابقة لمصلحة التسجيل من أي استغلال لهذه البيانات والمعلومات، وطلبت من الوزير إطلاعها على تقرير لجنة التفتيش، وهددت باللجوء إلى القضاء للطعن في قرار الإعفاء.
وأفادت مصادر من داخل المديرية، بأن قرار الإعفاء جاء بعد اكتشاف عدم تسجيل أجهزة الكشف السريع عن فيروس كورونا، وهي الأجهزة التي كانت موضوع صفقة ضخمة فازت بها شركة بمبلغ يفوق 20 مليار سنتيم، ولم تحصل هذه الأجهزة على شهادة التسجيل بمديرية الأدوية والصيدلة قبل تفويت الصفقة، وهي وثيقة ضرورية لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية من الخارج. وأكدت المصادر، وجود خلل كبير على مستوى تدبير مديرية الأدوية، ما دفع بالعديد من الأُطر إلى مغادرتها، ولذلك تمت التضحية برئيسة مصلحة التسجيل، التي اعترضت على خرق القانون للتغطية على اختلالات خطيرة تعرفها المديرية.
وحسب القانون رقم 11.08 المتعلق بالكواشف المستعملة لأغراض التشخيص في المختبر، يجب التصريح لدى الإدارة بكل مؤسسة تعتزم صناعة الكواشف أو استيرادها أو تصديرها أو توزيعها، قبل الشروع في ممارسة أنشطتها، ويرفق هذا التصريح بملف تقني يتضمن وصفا للنشاط المزمع القيام به ووثائق تثبت احترام قواعد حسن الإنجاز.
تراخيص مؤقتة
حسب وثائق تتوفر عليها «تيلي ماروك»، فقد سبق للمديرة بالنيابة أن وجهت رسالة إلى الكاتب العام لوزارة الصحة بتاريخ 15 أبريل الماضي، طلبت من خلالها إعفاء المستلزمات الطبية من شرط التسجيل، وبررت ذلك بظروف حالات الطوارئ الصحية، التي لا تسمح للشركات بالحصول على الوثائق الضرورية لتسجيل المنتوجات بمديرية الأدوية والصيدلة، واقترحت منح تراخيص مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بعد استكمال الملف.
وذكرت مصادر طبية، أن هذه المواد تدخل ضمن تصنيف المستلزمات الطبية التي تتطلب مزيدا من المراقبة و السلامة، واعتبرت ترويج مواد صحية بدون حصولها على شهادة التسجيل، أمر مخالف لقانون المستلزمات الطبية الذي صادق عليه البرلمان في عهد الحكومة السابقة، ويحدد تعريف المستلزم الطبي في كل أداة أو جهات أو معدات أو مادة أو منتوج أو أي عنصر آخر يستعمل منفردا أو منضما بما في ذلك التوابع والبرامج المعلوماتية التي تدخل في تشغيله، والمخصص من طرف الصانع للاستعمال لدى الإنسان لأغراض طبية أو جراحية، والذي لا يمكن الحصول على مفعوله الأساسي بوسائل دوائية أو مناعية أو أيضية، ولكن يمكن دعم وظيفته بمثل هذه الوسائل. ويتوقف عرض مستلزم طبي في السوق على الحصول المسبق على شهادة تسجيل تمنح من طرف الإدارة، بعد استشارة اللجنة الوطنية الاستشارية للمستلزمات الطبية، وحسب المادة السابعة من القانون المتعلق بالمستلزمات الطبية، يجب أن تكون كل مؤسسة تصنيع أو استيراد أو تصدير أو توزيع للمستلزمات الطبية موضوع تصريح لدى الإدارة، قبل الشروع في مزاولة نشاطها، يوضح على الخصوص طبيعة النشاط المزمع القيام به والمستلزمات الطبية المعنية، ويجب أن يرفق التصريح بملف، ولا يعفي التصريح المذكور من التصريحات أو التراخيص الأخرى المنصوص عليها في التشريع والتنظيم الجاري بهما العمل.
وسبق لأعضاء اللجنة البرلمانية الاستطلاعية التي قامت بمهمة بمديرية مراقبة الأدوية التابعة لوزارة الصحة، تسجيل العديد من الاختلالات في مراقبة ومهام التفتيش للمستلزمات الطبية، وأكد تقرير اللجنة أن المختبر الوطني لمراقبة الأدوية، لا يراقب إلا عددا قليلا من المستلزمات الطبية لا تتجاوز 15، ويبقى الآلاف من هذه المستلزمات بدون مراقبة، و يتم الاعتماد فقط على ما ينشر حولها من معلومات في الأنترنت أو ما يدلي به صاحب المستلزم من معلومات أو معطيات، وقد وقعت عدة حوادث جراء الغش أو الأعراض الجانبية بل هناك من تسبب في أمراض السرطان.