تقارير سوداء تهدد بعزل رؤساء مجالس جماعية
مع
أنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية تقارير سوداء حول الفوضى والاختلالات التي يعرفها قطاع التعمير بالمدن الكبرى، وتفويت عقارات في ملكية الجماعات لفائدة منعشين عقاريين، ما يهدد بعزل رؤساء المجالس الجماعية، وأغلبهم ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، بعد إحالة هذه المخالفات على القضاء الإداري، تفعيلا للمادة 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات.
ورصدت لجان التفتيش التي زارت العديد من المدن، عدة اختلالات يعرفها تسيير قطاع التعمير بالمجالس الجماعية، خاصة بمدن الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة والقنيطرة وفاس وتازة وأكادير وتمارة، وهي مدن كلها يشرف على تسييرها رؤساء ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية. ومن بين هذه الاختلالات، حسب التقارير التي توصلت بها زينت العدوي، الوالي المفتشة العامة لوزارة الداخلية، عدم احترام الضوابط القانونية المنصوص عليها بالقانون 90.12 المتعلق بالتعمير، وبالقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وبالمرسوم رقم 2.13.424 الصادر في 24 ماي 2013 المتعلق بالموافقة على ضبط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها.
وسجلت تقارير مفتشية الداخلية تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالإضافة إلى منح شهادات إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم على تفويض في ميدان التعمير. كما لاحظت تقارير المفتشية تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات متواجدة في مناطق محرمة البناء وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها.
وتضمنت هذه التقارير، أيضا، قيام بعض رؤساء الجماعات أو من ينوب عنهم بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء. وسجلت تقارير المفتشية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، خاصة استخلاص الضرائب المفروضة على الأراضي غير المبنية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم.
وأوضحت المصادر أن تلك المخالفات تضر بمصالح الجماعة بشكل كبير وتتنافى وأخلاقيات المرفق العام، مما يوقع تلك الأفعال في دائرة أحكام المادة 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، وأوضحت أن هذه المخالفات تتعلق بـ«خرق القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعمير، ومخالفة القواعد القانونية المتعلقة باستخلاص رسوم الجماعة ومستحقاتها». وشرعت وزارة الداخلية في قطف رؤوس عدد من رؤساء المجالس الجماعية، بإحالة ملفاتهم على القضاء لمتابعتهم بتهم تتعلق بتبذير المال العام، أو تورطهم في مخالفات خطيرة وخصوصا في مجال التعمير. كما أحالت الوزارة بعض التقارير التي توصلت بها من طرف المجلس الأعلى للحسابات، فيما باشرت مسطرة العزل في حق منتخبين آخرين، وذلك عن طريق تحريك دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية.
وتنص المادة 64 على أنه "إذا ارتكب عضو من أعضاء مجلس الجماعة غير رئيسها، أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة، قام عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه عن طريق رئيس المجلس بمراسلة المعني بالأمر للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه داخل أجل لا يتعدى (10) أيام ابتداء من تاريخ التوصل". وتضيف هذه المادة "إذا ارتكب رئيس المجلس أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، قام عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه بمراسلته قصد الإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه، داخل أجل لا يتعدى عشرة (10) أيام ابتداء من تاريخ التوصل".
وحسب المادة القانونية نفسها، يجوز للعامل أو من ينوب عنه، بعد التوصل بالإيضاحات الكتابية المشار إليها سابقا، حسب الحالة، أو عند عدم الإدلاء بها بعد انصرام الأجل المحدد، إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية وذلك لطلب عزل عضو المجلس المعني بالأمر من مجلس الجماعة أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو المجلس، وتبت المحكمة في الطلب داخل أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ توصلها بالإحالة، وفي حالة الاستعجال، يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله بالطلب، ويترتب على إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل.