كورونا تهدد معاشات متقاعدي القطاع الخاص في سنة 2023
مع تيلي ماروك
بدأت تظهر تداعيات أزمة كورونا على وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت المقاولات التي تشغل آلاف المستخدمين، بعدما قررت لجنة اليقظة الاقتصادية تأجيل أداء مستحقات المقاولات لفائدة الصندوق، وكذلك بسبب فقدان آلاف مناصب الشغل في القطاعات المتضررة من الجائحة.
ثلاثة سيناريوهات
حسب دراسة أنجزها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإنه تكبد خسائر تقدر بنحو 4.4 مليارات درهم، وأكدت الدراسة أن مختلف الخدمات التي يقدمها الصندوق ستتأثر ولكن بدرجات متفاوتة، ومن بين الخدمات التي ستتأثر أكثر من غيرها، هي خدمة المعاشات، حيث وضعت الدراسة ثلاثة سيناريوهات، وهي سيناريو متشائم ومتفائل ووسطي، هذا الأخير يتوقع انتعاشًا ابتداء من شهر يوليوز الماضي، ولكن اعتمادًا على مجموعة مختلفة من الشركات والمقاولات، في دراسته، قسم صندوق الضمان الاجتماعي فروع النشاط إلى 4 مجموعات.
وأوضحت الدراسة، أن المجموعة الأولى التي سيكون انتعاشها فوريًا تأخذ في الاعتبار فروعًا مثل الصناعات الغذائية والتأمين والاتصالات، أما المجموعة الثانية التي سيكون انتعاشها سريعًا فتشمل أنشطة مثل تجارة الجملة والتعليم والصناعات الكيماوية، والمجموعة الثالثة، الذي سيكون الانتعاش فيها متوسطًا، تتكون من أعمال البناء المتخصصة وصناعة الملابس. وكشفت الدراسة أن المجموعة الأخيرة هي المجموعة التي سيكون تعافيها بطيئًا، وتتكون من الأنشطة المرتبطة بقطاع السياحة. وحسب السيناريو الوسطي، سيكون عدد الأجراء المصرح بهم حوالي 3.1 ملايين مقابل 3.61 ملايين المتوقعة في ميزانية 2020، وتبلغ الرواتب المعلنة 151.1 مليار درهم مقابل 171.1 مليار متوقعة، ولن تتجاوز الرواتب المحددة 98 مليار درهم مقابل توقعات 110.9 مليار كانت مخططة في البداية.
واستنادا إلى السيناريو الوسطي، من المتوقع أن يسجل فرع المعاشات انخفاضا كبيرا في الرصيد التقني هذا العام بحوالي 1.74 مليار درهم، وهو ما يمثل 93 في المائة من الرصيد الأولي المتوقع، وشهد هذا الفرع الهش بالفعل انخفاضا في مستويات المساهمة بينما لم تتغير نسبة الإنفاق، وتظهر التوقعات التي تم إجراؤها على مدى 5 سنوات خطورة الوضع، حيث سيصبح فرع الفوائد طويلة الأجل في عجز هيكلي اعتبارا من عام 2023 بدلاً من عام 2024 كما توقعت الدراسات المختلفة التي أجريت حتى الآن.
وأدت الأزمة الصحية إلى تراجع الرصيد التقني لفرع التغطية الصحية الإجبارية بمقدار 431 مليون درهم، فيما كانت التوقعات قبل كوفيد -19 ، تشير إلى وجود فائض قدره 2.7 مليار درهم، ويظهر توقع حساب التشغيل على مدى 5 سنوات أنه سيتم الحفاظ على توازن القطاع خلال الفترة 2020-2024، مع الأخذ في الاعتبار تحسين عمليات السداد من التغطية الصحية الاجبارية اعتبارا من يناير 2020. وقد قرر مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تحسين عمليات السداد في شهر يوليوز من السنة الماضية، لكن الحكومة تأخرت في نشر النصوص التنظيمية في الجريدة الرسمية.
وحسب الدراسة، فإن فرع التعويضات العائلية والمخصصات قصيرة الأجل باستثناء التعويض عن فقدان الشغل، تضررت كذلك من الأزمة، ومن المقرر تسجيل تراجع قدره 596 مليون درهم في الرصيد التقني للتعويضات العائلية، ولا تظهر توقعات الخمس سنوات التي تم إجراؤها بخصوص العجز التقني للفرع خلال الفترة 2020-2024، وفيما يتعلق بالمزايا قصيرة الأجل، يتوقع عجز 26 مليون درهم هذا العام بدلاً من فائض 126 مليون درهم، ومن المأمول العودة إلى الوضع الطبيعي خلال سنة 2021 قبل الانتكاس في السنة الموالية، ومنذ انتهاء خدمة تعويض المبلغ المقطوع، يتخوف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من حدوث انفجار في عدد الطلبات المتعلقة بفقدان الشغل، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة قدرها ثلاثة أضعاف في المبلغ المرصود في ميزانية السنة المالية 2020. وخلصت الدراسة إلى أن الأزمة كان لها تأثير كبير على هذه الخدمة من انخفاض في الرصيد التقني بمقدار 171 مليون درهم مقارنة بميزانية 2020، والذي يمثل 48 في المائة من الرصيد المخطط له، ولم تكشف الدراسة عن أي عجز خلال الفترة 2021-2024.
تأثيرات فقدان الشغل
أوضح مصدر من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن الصندوق تكبد خسائر كبيرة بسبب الأزمة، حيث كان عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق يبلغ حوالي مليونين و560 ألف أجير، خلال شهر فبراير الماضي، أي قبل بداية الجائحة، لكن عدد الأجراء المصرح بهم تراجع إلى مليون و600 ألف أجير، خلال شهر ماي الماضي، قبل أن تتحسن الوضعية مع بداية شهر شتنبر الجاري، حيث وصل عدد الأجراء المصرح بهم حوالي مليونين و200 ألف أجير، ما يعني أن حوالي 400 ألف أجير فقدوا مناصبهم بسبب تداعيات الأزمة، ويعني أن التصريحات لم تصل إلى مستوى التصريحات المسجلة قبل شهر فبراير الماضي، وبذلك يكون الصندوق قد تكبد خسائر لمدة ستة أشهر، لكن بدأ التحسن مع حلول شهر شتنبر الحالي، حسب المصدر، مشيرا إلى وجود تخوفات من تأثير الموجة الثانية للجائحة على مداخيل الصندوق.
وفي نفس الإطار، أكد عبد الحميد الصويري، المستشار البرلماني عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن جل المقاولات مازالت تعاني من الأزمة، وتتطلب وقتا طويلا لاسترجاع عافيتها، فيما مازالت قطاعات أخرى أكثر تضررا من الأزمة، من بينها السياحة، والنسيج، وقطاع البناء، وتصدير السيارات، وهذه القطاعات تشغل قاعدة كبيرة من الأجراء، ولذلك يقول الصويري، من الطبيعي أن ينعكس الوضع على مداخيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، لأن الصندوق قام بتأجيل سداد مستحقات المقاولات المتضررة من الأزمة، كما سيتكبد خسائر بسبب قرار بنك المغرب تخفيض سعر الفائدة.