المغرب والسعودية.. مصير مشترك
مع Télé Maroc
حل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، هذا الأسبوع، بالعاصمة السعودية الرياض، في زيارة رسمية لم يكن معلنا عنها من قبل. ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي المغربي مباشرة بعد الزيارة الاستثمارية التي قام بها وزير التجارة السعودي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتجارة الخارجية، ماجد بن عبد الله القصبي على رأس وفد حكومي يضم مسؤولين من القطاع الحكومي عن 14 جهة حكومية وممثلين للقطاع الخاص عن 62 شركة سعودية.
بداية العلاقات التي تربط المملكة المغربية بشقيقتها المملكة السعودية ليست وليدة اليوم، بل لها جذور في عمق التاريخ السياسي الحديث، وأوثق مما يتصوره بعض المصطادين في الماء العكر، فمهما خيمت بعض سحب الصيف العابرة على سماء العلاقات بين الرباط والرياض، فتلك السحب لن تؤثر على مسيرة البلدين التي تسندها مواقف الدعم المشترك وقرارات تاريخية تعزز روابط البلدين وتجعل مصيرهما مشتركا.
وخير دليل على ذلك هو ما تحمله الزيارة المفاجئة لناصر بوريطة من رسائل الدعم اللامشروط مع السعودية في كل القرارات التي تتخذها، وخاصة ما يخص أمنها واستقرارها وأمن واستقرار أسواق الطاقة في سياق الأزمة الدبلوماسية المحتدمة حاليا بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية بخصوص قرار مجموعة أوبك+ (بقيادة روسيا) خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
صحيح أن المغرب له علاقات استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن حينما تتعرض مصالح دول شقيقة مثل السعودية التي لا تتردد في دعم قضايانا الوطنية بكل الوضوح اللازم للتهديد والضغط، فلا يمكن لبلدنا سوى أن تقف مع التاريخ والدين واللغة وتكون منحازة لصف الشقيقة السعودية. وهذا يعني أن مصالحنا الاستراتيجية مع بعض الدول العربية، سيما السعودية والامارات والبحرين، لها الأولوية على باقي الشراكات الاستراتيجية.
طبعا لا يمكن فصل الزيارة الدبلوماسية التي يقوم بها بوريطة عن مسار التنسيق والتوافق في المواقف بين البلدين عشية القمة العربية المزمع انعقادها بالجزائر بعد أيام، سواء ما يتعلق بقضيتنا الوطنية أو بخصوص التهديد الإيراني وأزلامه لدول الخليج وكذا تمدده بشمال إفريقيا بإيعاز من الجزائر، بالإضافة إلى اشتراك البلدين في مواجهة الإرهاب، وإيجاد حلول عادلة للقضية الفلسطينية بعيدا عن التوظيف المصلحي البشع، الذي يقوم به النظام الجزائري من أجل تصفية حسابات دبلوماسية.
إن الشراكة المغربية السعودية هي شراكة المصير المشترك، مبنية على إرث عالٍ من التوافق والاحترام المتبادل والمصالح السياسية الموحدة، حيث ينظر المغرب إلى السعودية على أنها جدار عال يحمي ظهره، وبالمقابل ترى الرياض في الرباط عمقها الاستراتيجي والأمني والداعم غير المتردد.