ديبلوماسية السيادة والشراكة
مع Télé Maroc
التقى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي تزور الرباط في الوقت الحالي. لا أحد في الرباط أو بروكسيل يمكن أن يخفي جليد الثلج الذي يطبع العلاقات المغربية الأوروبية، منذ قرار محكمة العدل الأوروبية ضد اتفاقيتي الصيد البحري والتبادل التجاري، اللتين تشملان سواحل ومنتجات أقاليم الصحراء المغربية.
مما لا شك فيه أن المغرب والاتحاد الأوروبي لا يمكنهما إطلاقا قطع العلاقات الديبلوماسية والتجارية والمالية، بالنظر إلى الموقع والمصالح الجيوستراتيجية المشتركة، لكن بلادنا لن تتسامح مع أي مس بقضية الصحراء المغربية وسيادتنا الوطنية، من طرف المؤسسات الأوروبية، سواء على المستوى القضائي أو القانوني أو السياسي، وهو ما يؤكده المسار الجديد للديبلوماسية، وفق نظرة السيادة ومقاربة رابح ـ رابح.
فالنتائج الديبلوماسية للمقاربة الجديدة تؤكد أن المغرب يتجه بخطى متسارعة نحو إعادة ترتيب أوراق عدة، تتعلق بطريقة التعامل مع مختلف الدول والمنظمات الدولية والملفات الإقليمية، ولعل أبرز هذه الملفات التي توجد على رأس الأجندة الديبلوماسية، إعادة تقييم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، تزامنا مع التوتر الذي يلقي بظلاله على علاقات الرباط وبروكسيل.
فالمنطق الاستعلائي الذي كان سائدا بداية القرن انتهى، واليوم هناك توجهات جديدة للديبلوماسية المغربية تتأسس على ثنائية الشراكة والسيادة، ولذلك فإن ما يطالب المغرب الاتحاد الأوروبي بأن يكف عن ممارسة تلك الازدواجية في الأدوار بين ما هو اقتصادي ديبلوماسي وأمني، وبين ما هو قضائي قانوني، بين السياسة الجماعية للاتحاد والتوجهات المنفردة للدول الأعضاء كل على حدة، بين الخطاب المعلن الداعم والممارسة التشكيكية، فهذه الازدواجية مهما كانت مبرراتها تخلق لدينا كدولة ومجتمعا الانطباع، بأن الاتحاد الأوروبي غير في تعامله، ولا يملك أي رؤية استراتيجية تجاهنا كدولة وكشريك.
ففي اللحظة التي تطالب فيها مفوضة الاتحاد الأوروبي المغرب بمزيد من التعاون والشراكة، فإن أفضل ما يميز السلوك العملي والقرارات القضائية اتجاهنا، هو الارتباك والتشويش، لذلك حان الوقت لتوقف تلك الفجوة الهائلة بين الخطاب المدافع عن مصلحة الاتحاد الأوروبي مع المغرب، وتقديمه على أنه شريك استراتيجي، وبين الإجراءات والمواقف غير المفهومة التي تتخذها مؤسسات الاتحاد الأوروبي تجاه سيادتنا. وهذا ليس مجرد اختلاف بسيط بين الخطاب والممارسة قابل للاستيعاب، وإنما هو يترجم عدم قدرة الاتحاد على الحسم العلني والجريء تجاه سيادتنا الوطنية.