شد حزب التجمع الوطني للأحرار يوم السبت الماضي، الأنظار إلى نشاطه، بعدما جمع الآلاف من المواطنين ومن مناضليه، مستأنفا من جديد جولته التواصلية التي تحمل اسم "مسار الإنجازات"، والتي وصلت إلى محطتها السادسة في جهة بني ملال خنيفرة، وهو اللقاء الذي تزامن مع القرار التاريخي لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية، وعرف حضور ومشاركة عدد كبير من قيادييه البارزين.
الديبلوماسية الملكية الحكيمة
وارتباطا بالقرار التاريخي لمجلس الأمن الدولي، الذي كرس الحكم الذاتي كحل أساس ووحيد لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، نوه رئيس الحزب عزيز أخنوش، بالدبلوماسية المغربية التي يقودها الملك محمد السادس، متوجها بعبارات التهنئة الحارة إلى جلالة الملك، وإلى عمومي الشعب المغربي، من طنجة إلى الكويرة، ومن داخل الوطن وخارجه، على هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق.
وشدد في معرض كلمته، على أن هذا القرار الأممي عادل ومنصف، ويفتح الباب أمام جميع الأطراف من أجل الحوار والتوافق البنّاء، الذي لا غالب فيه ولا مغلوب، والذي يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، كما أكد ذلك خطاب العرش الأخير، مبرزا أن هذا القرار يجعلنا نتطلع إلى مستقبل مطبوع بالمزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعيش المشترك بسلام وازدهار في أقاليمنا الجنوبية.
ولفت أخنوش، إلى أن قرار مجلس الأمن الإيجابي بشأن الصحراء المغربية، يضع جميع الأطراف أمام مسؤوليتها الوطنية، وهو فرصة تاريخية لتشييد فضاء إقليمي متعايش ومزدهر، مبديا التقدير البالغ والإشادة الكبيرة بدور جلالة الملك، في تحقيق هذا الفتح الدبلوماسي.
وأردف أن الدور القيادي لجلالة الملك في تأمين وحدتنا الترابية، هو نموذج يُحتذى في بُعد النظر وحُسن تقدير الأمور، موضحا أن الملك محمدا السادس ظل ومنذ توليه العرش، الحصن الذي يجعل القضية الوطنية في مساحة آمنة من أي تطاول على الوحدة الترابية، ومؤكدا أن هذا كله يعكس جوهر الرؤية الملكية، التي جعلت من هذه السنة لحظة للانتقال من منطق التدبير إلى منطق التغيير.
تدبير "الإرث الثقيل" والصمود في مواجهة الصعوبات
وفي موضوع آخر، اعتبر أخنوش وهو يتحدث أمام أزيد من 3.000 من الحاضرين، أن المسؤولية التي يتحملها ليست امتيازا، مخاطبا منتقديه بأنه ومنذ نعومة أظافره تعلم على يد والده أن الامتياز الكبير هو أن تكون لديك روح المسؤولية والمبادرة والعمل والاجتهاد، مشددا على أن مسؤوليته اليوم مهمة أساسية وثقة مُقدسة أمام الله، وأمام جلالة الملك وأمام المغاربة.
وأكد أن اللقاء مع المواطنين بجهة بني ملال خنيفرة ومختلف جهات المغرب، والإنصات إليهم، يعطيان حكومته دفعة جديدة من العزيمة وإحساسا قويا بالضرورة المُلحة لإكمال الطريق الذي بدأته، والوصول إلى المغرب الذي نريده جميعا، ويريده جلالة الملك.
وشدد رئيس الحكومة، على أن الطموح الذي يضعه نصب عينه كل يوم هو الطموح نفسه الذي نأمل أن نصل إليه جميعا، لأولادنا ولِمغربنا –على حد تعبيره- هو الذي يعطينا القدرة على الصمود وعلى مواجهة الصعوبات كل يوم، مهما كان حجم هذه الصعوبات.
وأبدى عزمه، على الاستمرار في العمل وعلى إنجاز المهمة التي جاءت الحكومة التي يترأسها من أجلها، رغم ما وصفه بـ"الإرث الثقيل" الذي وجدته أمامها عند تحملها للمسؤولية، والأزمات التي واجهتها بكل مسؤولية، مؤكدا أن المهم هو المسار الذي مازال أمام هذه الحكومة والأهداف التي ترغب في الوصول إليها من أجل المغاربة كافة.
مشاريع قادرة على إحداث تغيير في حياة المواطنين
وفي سياق متصل، أكد أخنوش أن المشاريع والإصلاحات التي تعمل عليها حكومته منذ تحملها للمسؤولية، ليس لها إلا هدف واحد هو إحداث تغيير ملموس ومباشر على حياة المواطنين، مؤكدا رغبته على العمل الجاد من أجل تغيير نريده أن يكون جذريا وليس ترقيعيا.
وأقر أخنوش، بأن الحكومة التي يقودها لم تسوق عملها بشكل جيد، مفسرا ذلك بكون نيتها كانت هي العمل أولًا، ومواصلة العمل الجاد من أجل تحقيق التحول الوطني الذي أراده جلالة الملك.
وأكد أن الحكومة حققت خلال أربع سنوات من عمرها تقدما كبيرا، وما زال يجب أن تكمل في طريقها نحو التغيير والإصلاح، مبرزا أنه تنزيلا للورش الملكي، عرفت بلادنا، تحولًا تاريخيًا في مجال الحماية الاجتماعية.
وضرب مثلا على ذلك، بالدعم المباشر الذي تتوصل به أزيد من 4 ملايين أسرة، ضمنها 5 ملايين طفل، وأزيد من مليون من كبار السن من 60 سنة فما فوق، مذكرا بأن المغاربة جميعا أصبح لديهم الحق في التغطية الصحية نفسها، حيث أعطى الملك تعليماته من أجل استكمال ورش الحماية الاجتماعية، الذي يروم حفظ كرامة اجتماعية مستدامة للمغاربة جميعا.
وخلص رئيس الحكومة، إلى أن هذا هو الأساس الاجتماعي والهدف الرئيسي لحكومته، رغم أنه يتطلب وقتا حتى يتحقق، معتبرا أن النجاح يفرض أن تكون لدى المغاربة قاطبة الحقوق ذاتها، وليس أن تكون لدى الأقلية تغطية اجتماعية، في الوقت الذي كانت فيه فئات كبيرة محرومة منها.
من ناحية أخرى، سجل أنه مع هذه الحكومة استفاد 4.2 مليون أسرة من ارتفاع الأجور، كما أن التضخم اليوم أقل بثلاث مرات مما كان عليه قبل أربع سنوات، ومنذ ثلاث سنوات لا يتجاوز 1%، ومستوى السياحة الوطنية أعلى بنسبة 35% مما كان عليه قبل جائحة كوفيد، متوقعا أن يستقبل المغرب هذا العام نحو 20 مليون سائح.
وأوضح أن كل مليون سائح إضافي يخلق آلاف فرص العمل الجديدة. وأردف أن الاستثمارات تتزايد سنويا في بلادنا، معتبرا أن ذلك يعكس الثقة الكبيرة للمستثمرين ويخلق آلاف فرص الشغل في جميع الجهات، حيث أصبح المغرب من بين الوجهات الأكثر جاذبية للاستثمار على المستوى القاري.
وقال المتحدث، إنه على الرغم من التقدم الملحوظ الذي نراه ونعيشه، فإن الحكومة على دراية تامة بكل ما تبقى لها أن تنجزه في كل إقليم وفي كل جهة.
تصحيح المفارقات التنموية
واسترسل أخنوش في كلمته مؤكدا التزام حكومته الجاد بالنهوض بأوضاع المواطنين في جهة بني ملال خنيفرة، مشددا على أن الحكومة ستركز على معالجة الإشكالات الهيكلية التي تعاني منها الجهة رغم غناها الطبيعي والبشري.
وأشار أخنوش إلى أن اللقاءات والنقاشات التي انعقدت بمختلف أقاليم الجهة قبل انعقاد "مسار الإنجازات" رصدت "مفارقة تنموية" تعيشها جهة بني ملال-خنيفرة، قائلاً: "بقدر ما تكلموا جميعًا بحب وافتخار عن جهتهم التي تنعم بموارد طبيعية مهمة، وطبيعة خلابة وتاريخ عظيم، وغنى من حيث رأسمالها البشري وهويتها الأمازيغية القوية، بقدر ما شاركوا معنا معاناتهم وهمومهم."
وأوضح رئيس الحكومة، أن أبرز هذه الإكراهات تتمثل في تأثير الجفاف، لافتا إلى المعاناة المستمرة للفلاحين جراء قلة ماء السقي، رغم مواكبة الوزارة المعنية. وكذا مشكل البحث عن الشغل إثر إغلاق عدد من المصانع، مما يضطر أبناء وبنات المنطقة إلى الابتعاد عن عائلاتهم بحثًا عن فرص عمل في جهات أخرى.
أخنوش سلط في كلمته الضوء كذلك على نقص الخدمات الصحية، مستحضرا معاناة المواطنين من نقص الأطباء والمُعدات الطبية، واضطرار العائلات إلى اللجوء إلى الرعاية الصحية الخاصة ذات التكاليف المرتفعة، وهي "أمور لا يمكن أن تكون مقبولة"، بحسب تعبيره.
في المقابل، أكد أخنوش على أن مسؤولية الحكومة وواجبها يحتمان عليها تصحيح هذا الوضع وتقديم الخدمات الضرورية، معلنًا عن مجموعة من التدابير من أجل خلق فرص شغل محلية.
ومن هذه التدابير، ذكر المتحدث، تحفيز الاستثمار، قائلا "يجب أن نقوم بتجهيزات لجلب مستثمرين جُدد، ونخلق حركية ونشاطا اقتصاديا، وتوفير بيئة أعمال جذابة، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، بهدف خلق فرص عمل جديدة."
وأشار رئيس الحكومة، إلى أن مشروع قانون المالية للسنة القادمة يُعد ميزانية انتقالية بامتياز، توازن بين الدعم الاجتماعي والتحفيز الاقتصادي من أجل نموذج تنموي جديد.
كما أعلن في هذا الإطار، العمل على إحداث منطقة صناعية جديدة بواد زم لتكون فضاء مخصصا للمقاولات، بالإضافة إلى مواصلة الأشغال لإنشاء منطقة الأنشطة الاقتصادية ببرادية، وتهيئة سوق للمنتجات التضامنية بموقع الشلال بإقليم خنيفرة.
وفي سياق دعم ريادة الأعمال الشبابية، أبرز أخنوش نجاح برنامج "فرصة"، مؤكدًا أنه على المستوى الوطني هناك اليوم 16.600 مشروع يعمل ويحقق رقم معاملات سنوي قدره 1.6 مليار درهم، وخلق حوالي 21.000 فرصة عمل. وفي جهة بني ملال وحدها، تم تمويل 1.614 مشروعا، منها 1,061 مشروعا تعمل بفعالية، وهو ما يبرهن على روح المبادرة لدى الشباب المغربي.
ثورة على مستوى قطاع الصحة في جهة بني ملال خنيفرة وارتباطا بالأوراش الكبيرة التي تعرفها جهة بني ملال خنيفرة، بشر عزيز أخنوش ساكنة الجهة بقرب افتتاح مجموعة من الأوراش الصحية، التي من شأنها أن تحدث تحولات كبيرة.
وقال: "... من أجل خدمات صحية في المستوى، أقوم شخصيًا بمتابعة دقيقة لخطة العمل في قطاع الصحة، التي تتضمن 10 مشاريع استعجالية بإجراءات ملموسة، لديها أثر فوري على صحة المواطنين، ويشرف على تنزيلها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، والتي ستُنفذ في الستة أشهر القادمة، مثل: تحديث المستشفيات الجاري في جميع الجهات وتحديث خدمات المستعجلات، وتدارك التأخير في توفير الأدوية في المستشفيات، وتعميم خدمات الإسعاف في الجهات، وتحسين الخدمات من خلال عقود من الجيل الجديد مثل الحراسة والتنظيف وإدارة النفايات".
وأكد أخنوش أن المستشفى الإقليمي للفقيه بن صالح سيكون موجودًا في آخر السنة الجارية بسعة 250 سرير، كما ستبنى مراكز استشفائية أخرى في أزيلال بسعة 120 سريرا، واويزيغت، أڭلموس، علاوة على ترميم وتوسعة مستشفيات خريبڭة، وواد زم، ومريرت، إضافة إلى إنشاء مركز لتصفية الدم في خنيفرة، وبني ملال، والتي ستكون جاهزة بين 2026 و2027.
وحملت كلمة أخنوش بشرى كبيرة لساكنة الجهة بخصوص المستشفى الجهوي لبني ملال، الذي سيكون جاهزا بحلول نهاية سنة 2026 بسعة 450 سريرا، إضافة إلى المركز الاستشفائي الجامعي (CHU) لجهة بني ملال خنيفرة الذي سيكون جاهزًا في 2027 بسعة 520 سريرا.